إفريقيا

مؤتمر برلين ودوامة تضارب مواقف القوى الكبرى

طرابلس-ليبيا- زهور المشرقي


تتزايد مخاوف ألمانيا من إمكانية فشل مؤتمر برلين الذي تستعد لتنظميه لبحث الأزمة الليبية وإيجاد تسوية سياسية بين الفرقاء.
وتحدّثت تقارير إعلامية عن إمكانية إرجاء المؤتمرإلى السنة المقبلة، بعد ما رشح عن فشل المباحثات الأولية في اجتماعات المؤتمر التحضيرية، إضافة الى تغيّر الموقف الأمريكي الذي يتجه لدعم الجيش الليبي في مواجهة فوضى الميليشيات الإرهابية المسلحة المدعومة من حكومة الوفاق التي يقودها فائز السراج .
وتهدف الجهود الدولية الداعمة لانعقاد مؤتمر برلين إلى تهدئة النزاع الليبي، في ظل استمرار التوتر الأمني الذي تحرض عليه ميليشيات حكومة الوفاق في مواجهة جهود الجيش الوطني الليبي لتحرير العاصمة طرابلس من الإرهاب من جهة، وتضارب مواقف القوى الكبرى بشأن الأزمة الليبية من جهة ثانية.
وفي هذا السياق، قال أحمد إبراهيم عامر نائب رئيس تحرير صحيفة الأهرام المصرية المتخصص في الشأن الليبي في حديث مع صحيفة “استراتيجيا نيوز” اليوم الخميس 28نوفمبر2019 إن الإشكالية التي تواجه تحديد موعد نهائي لانعقاد مؤتمر برلين تنقسم تحت ثلاثة عناوين رئيسية ،أولها أن الإدارة الألمانية الدولة الراعية للمؤتمر تريد أن تخرج نتائج المؤتمر كبنود حاكمة وملزمة لجميع الأطراف وليس مجرد بيان كما حدث في الإجتماعات السابقة في باريس وباليرمو وأبوظبي، على أمل أن يكون المؤتمر بمثابة وثيقة أممية مكملة للإتفاق السياسي الذى وقع بمدينة الصغيرات المغربية فى ديسمبر 2015، وهذا يعنى تجهيز جميع بنود الالإجتماع قبل انعقاده .
وثانيا كون المشهد السياسي والعسكرى الداخلي فى ليبيا متشابك وهناك صعوبات لفك هذا الإشتباك وموافقة الأطراف على وقف المعارك، خاصة في ظلّ تمسك قيادة الجيش الليبي بمشروعية محاربة الإرهاب والتخلص من كامل أشكال ومظاهر وجود الميليشيات التى تمتلك السلاح وهي خارج سيطرة الدولة ، في الوقت الذي تسيطر الميليشيات بقوة السلاح على قرار رئيس المجلس الرئاسي ويعتبر جميع قراراته رهينة بموافقة هذه الميليشيات التي بعضها إرهابية وبعضها جهوية، مما يفقد أي أمل في إحراز تقدم في أي مفاوضات بين القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر والبرلمان الشرعي من جهة ورئيس المجلس الرئاسي فائز السراج من جهة أخرى.
وثالثا، كون الصراع الليبي أخذ منعرجا دوليا وإقليميا بحيث أصبحت كل الأطراف لديها حلفاء إقليميون ودوليون ، ووجود أدلة وإثباتات على أن عددا من الدول تدعم الإرهاب والميليشيات المسلحة وتصمم على خرق القرار الأممي بوقف تسليح الميليشيات الليبية، وفي مقدمة تلك الدول تركيا وقطر، في محاولة لإنقاذ تيار الإسلام المتشدد وذراعه السياسية جماعة الإخوان المسلمين بالمشاركة في حكم ليبيا، مما يجعل الإدارة الألمانية تجد صعوبة بالغة فى الوصول إلى اتفاقات بين الدول المختلفة المنخرطة في الصراع الليبي قبل انعقاد المؤتمر،وفق قوله.
وأكد المختص في الشأن الليبي،أن مؤتمر برلين في الأساس يهدف إلى اتفاق دولي وإرغام الأطراف الليبية على تنفيذ مخرجاته بدون الحاجة لموافقتها حيث تعمل كل الدول المؤثرة داخل المشهد الليبي بالضغط على حلفائها داخل ليبيا للتنفيذ، لافتا إلى أن الصراع في ليبيا خليط بين الأمني الداخلي وهو وجود ميليشيات مسلحة خارج سلطة الدولة بينها ميليشيات إرهابية لابد من القضاء عليها بقوة السلاح وهذا الدور يقوم به الجيش الليبي الذي استطاع على مدار الخمس سنوات الماضية أن يحرر أكثر من 90% من إجمالي مساحة ليبيا ، والوجه الآخر سياسي وهو اختلاف دولي بين عدد من الدول على شكل الحكم في ليبيا خلال الفترة القادمة،.
وأضاف محدثنا أن الأزمة الليبية هي صراع إقليمي ودولي بامتياز، أما التخلص من الإرهاب وإعادة الدولة ومؤسساتها فهي مهمة قادر عليها أبناء ليبيا بالتفافهم حول جيشهم الوطني ، داعيا إلى أن يرفع الجميع أيديهم وتدخلاتهم في ليبيا وأن يتوقف دعم الإرهاب والميليشيات بالسلاح والمال وحينها سيكون استقرار ليبيا سريعا”،بحسب تعبيره
أما بخصوص اللقاء الذي جمع المشير خليفة حفتر بالوفد الأمريكي رفيع المستوى، فقد وصفه احمد إبراهيم عامر، بالتطور الإيجابي الواضح بين الإدارة الأمريكية والقائد العام للجيش الليبي ، بعد قناعات وإثباتات تؤكد على أن رئيس المجلس الرئاسى يدعم جماعات إرهابية من ،ومن جانب آخر تولدت قناعة لدى الإدارة الأمريكية بأن حل الأزمة الليبية يكمن في القضاء على جميع أشكال الميليشيات خارج سلطة الدولة، مما يظهر حاليا في السياسة الأمريكية الداعمة للعملية العسكرية لدخول الجيش الليبي العاصمة طرابلس وتفكيك الميليشيات، وربما أن الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تضغط لتأجيل انعقاد مؤتمر برلين حتى تعطي وقت كافيا للجيش للإنتهاء من الدخول،وفق تعبيره .
من جانبه، اعتبر المحلل السياسي الليبي عيسى رشوان،في تصريح لصحيفة “ستراتيجيا نيوز”، أن ألمانيا البلد المنظم لمؤتر برلين تواجه صعوبات عديدة لم تكن تتوقعها بسبب كثرة العوامل والأطراف الخارجية في الملف الليبي،والمستوي العالي في التنافسية الإقتصادية علي موارد الدولة الليبية الإستثمارية أو من موارد الطاقة ،إضافة إلى الموقع الجغرافي كبوابة لإفريقيا.
وتابع رشوان:”نقاط تقاطع المصالح كبيرة ومتشابكة وعديدة ما يؤدي إلى وجود خاسرين كثر ورابحين قلة في هذا الملف ،مما جعل حالة الفوضي مفيدة للخاسرين المستقبليين في ليبيا.
وشدّد المحلل السياسي الليبي على أن الدول الضالعة في الملف لم تتفق ولن تتفق على خسارتها لموقعها في الملف الليبي..
ووصف محدثنا الجانب الليبي بالمشتت ،حيث تجنّد البعض لحرب بالوكالة للدفاع عن مصالح بعض الدول الأخرى في موقعها داخل خريطة الملف الليبي،مضيفا: أن الكتلة الصامتة نوعا ما تنتظر من الرابح و لا تريد أن تتورط في هذه الحرب “.
وختم كلامه بالقول: “المشكل في ليبيا هي حرب بالوكالة للسيطرة على الموارد الطبيعية والمالية ، والأهم الآن هو إزاحة الميليشيات المسلحة وتنظيم الإخوان من مقاعد السيطرة علي مركزية الدولة الليبية في العاصمة ،حيث لا وجود لدولة مستقلة بوجود ميليشيات مسلحة خارجة عن القانون الليبي” .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق