الدكتورة بدرة قعلول: تفاعل إيجابي في المنطقة لإنهاء تسلّط جماعة “الإخوان”
تونس: 26-08-2021
أكدت الدكتور بدرة قعلول، رئيسة المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية في تونس، خلال لقاء صحفي مع صحيفة ‘اليوم السابع’ المصرية، أنّ الحكومة الجديدة التي سيتمّ تشكيلها هي حكومة مصغّرة من أجل العمل على ضبط الأوضاع، مشيرة الى قدرة الرئيس التونسى قيس سعيد على إنجاح المسار التصحيحي من خلال تطبيق القانون، كما أنّه سيتمّ حلّ البرلمان وستبدأ مرحلة المحاسبة على خلفيّة تقارير دائرة المحاسبات التي أكّدت على وجود التمويلات الأجنبية للأحزاب السياسية بالبلاد.
المحاسبة لمن دمّر البلاد
ونوّهت رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية ، إلى أنّ رئيس حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي سيحاسب على العديد من الملفات، وهو مطلوب بالفعل في ملف الاغتيالات السياسية التي عايشتها البلاد خلال فترة حكمهم، مشدّدة على: “ما نريده هو محاكمة راشد الغنوشي ومحاسبة الرجل الذي دمّر البلاد التونسية لمدّة 10 سنوات.. “.
وبخصوص نجاح الرئيس قيس سعيد في العبور بالمرحلة الانتقالية وتشكيل حكومة كفاءات تمكّن تونس من تجاوز أزمتها الراهنة، أكّدت الدكتورة بدرة قعلول على أنّ سعيّد لديه مخطط ومستشارين وكل من معه من أجل العبور بتونس إلى برّ الأمان والاستقرار وهذا مهم للغاية، لافتة الى أنّ الحكومة التي سيتّم تشكيلها هي حكومة مصغّرة وحكومة أقطاب من أجل العمل على ضبط الأوضاع والاستقرار الأمني خاصّة فيما يتعلّق بالوضع الاقتصادي والاجتماعي، وهذا ما سيعطى زخما حتى تنتقل تونس من المرحلة الصعبة والحساسة للغاية إلى مرحلة الاستقرار.
وقالت الدكتورة بدرة: “الرئيس سعيّد عازم على العبور بالبلاد من هذه المرحلة الصعبة، وإن شاء الله نحن متأكدين من قدرته على المرور بسلام من هذه المرحلة، والحكومة التي ستكون حكومة تسيير أعمال بالأساس مع قوانين ومراسيم بالتأكيد ستذهب بالبلاد نحو الاستقرار.
المرحلة تحتاج لمحاسبة الفاسدين
وفي الحديث عن محاسبة رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، قالت الدكتورة أنّه: ” بالطبع ستتمّ محاسبته بلا أدنى شكّ فيما يتعلّق بالعديد من الملفات، خاصّة وهو مطلوب اليوم للتحقيق معه في ملف الاغتيالات السياسية وبشكل رسمي، وكذلك هناك ملف الجهاز السري لحركة النهضة “وما أدراك ما الجهاز السري الذي هو تحت قيادة راشد الغنوشي شخصيا” وملف تسفير الشباب إلى داعش، ضف إلى ذلك الكثير من الملفات..”.
واعتبرت الدكتورة بدرة أنّه ومن منطلق هذه التهم المنسوبة إلى شيخ الإخوان فيجب أن يحاسب عليها إن ثبتت صحتها في كنف القانون والمحاكمة العادلة لأنّ أكثر ما يتمناه الشعب التونسي أن يكون هناك محاكمة عادلة لملفات وإثباتات وقرائن لا تقبل الشكّ، وهذا ما يريده الشعب أن تتمّ محاكمة الغنوشي ومحاسبته لاعتباره الرجل الذي دمّر البلاد لمدة 10 سنوات
تطبيق القانون هو السبيل لإنجاح المسار التصحيحي
وأشارت الدكتورة قعلول أن السبيل لتجاوز المرحلة يكون من خلال تطبيق القانون، وأنّ الشخصيات التي سيتمّ اختيارها في الحكومة الجديدة هي شخصيات شبابية ولديها الجرأة والوطنية للعمل من أجل مصلحة الوطن، كما أنّ الخطوات الجريئة التي سيتم اتخاذها ستكون بالقانون والعدالة والقضاء النزيه وتطهير الإدارات والوزارات من براثن الإخوان، خاصّة أنّنا نتحدّث عن نوع من التمكّن في الإدارة التونسية وعدد من الوزارات من قبل الإخوان بتونس، واعتبرت الدكتورة بدرة أنّ عمليات التطهير ستكون خطوة صعبة، ولكن لن تكون ممكنة إلاّ من خلال تضافر الجهود بين الشخصيات الوطنية لإنجاح ذلك.
وأشارت الدكتورة بدرة إلى وجود العديد من التحدّيات التي تواجه الحكومة، والتي على رأسها القبول من الشعب أو على الأقل الأغلبية من الشعب، فالجميع يعلم بوجود مجموعة من المترصدين والمتربصين الذين سيتكلّمون كثيرا وسيهاجمون الحكومة، وقالت الدكتورة:إنّه “بالتأكيد يعتبر هذا التحدي الأول والأكبر ولكنّه يعتبر عقبة يمكن تجاوزها”.
وعبّرت الدكتورة على أنّ التحدي الثاني الذي يواجه الرئيس هو كيفية العمل ضمن إدارة وضمن وزارات ملغّمة بالإخوان وعملائهم وأذرعهم، أما التحدي الثالث والذي يعتبر مهما للغاية فهو العمل السياسي، وهنا نتحدث عن طبيعة النظام السياسي الذي سيتمّ العمل به، واعتبرت الدكتورة أن هذا هو التحدي الأكبر للرئيس في هذه المرحلة الحساسة، مشيرة إلى عمليّة اتخاذ القرارات وكيفية تفعيلها.
أما فيما يتعلّق بالتشكيل الحكومي المنتظر، فأقرّت الدكتورة أنّها ستكون حكومة مصغّرة وحكومة كفاءات وطنية ومن جماعة ليس لديها أيّة انتماءات حزبية، كما ستضمّ شخصيات عرفت بالنزاهة والكفاءة، وهذا مهمّ للغاية للرئيس التونسى والحكومة القادمة لغاية ضمان نجاحها.
وأكّدت الدكتورة على أنّ هذه الحكومة ستكون حكومة تكنوقراط، بعيدة كل البعد عن الحزبية السياسية بمعنى أن تكون حكومة وطنية لم يسبق لهم العمل في المنظومة السابقة، وليس لهم أي لهم أية علاقات مع الأحزاب أو المنظومة الحاكمة السابقة، مشيرة أن الوضع اليوم بلغ مرحلة البحث عن شخصيات لم تتحصل على أيّة مناصب سياسية سابقة ولم تكن ضمن مجموعة الإخوان أو من حالفهم أو ما يسمى “الحزام الحزبي أو السياسي”.
وشدّدت الدكتورة بدرة على أنّ حركة النهضة هي التي كانت تتحكّم في المشهد السياسي لأنها هي التي تعطي الثقة في الحكومة، وإذا لم تخضع لها فإنه سيتمّ محاسبتها وربما سحب الثقة منها خاصّة أنّه في كل وزارة في رئاسة الحكومة كانت أعين النهضة ورجالها حاضرون ومتواجدون، وأغلبهم متواجدين في الديوان الحكومي وديوان رئاسة الحكومة والمستشارين والموظفين الساميين، فرئاسة الحكومة كانت ملغمة بشكل رهيب لأن حركة قد تمكنت من احكام القبضة الحديدية، فرئيس الحكومة المقال، هشام المشيشي، كان مجرّد صورة ليس أكثر ولا أقل، فحركة النهضة هي التي كانت تتحكّم فيه وفي حكومته، فإذا تمرّد عليهم قليلا أو لم يمرّر لهم ما يريدون فإنّه سيتمّ معاقبته بجلبه إلى البرلمان وسحب الثقة منه وبالتالي يكون خاسر 1000%.
وفي اجابتها حول إمكانية استفادة تونس من التجربة المصرية ومن خبرتها في مواجهة إخوان حركة النهضة بتونس، أشادت الدكتورة بالتجربة المصرية في مواجهة حركة الإخوان مؤكدة على استفادة تونس من الخبرة المصرية فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، وأكدت الدكتورة على أن التعاون بين البلدين هو تعاون كبير للغاية وقالت الدكتورة: “نحن مستفيدين من التجربة المصرية، وهناك تواصل كبير بيننا وبين مصر سواء على الصعيد الرسمي أو على صعيد المجتمع المدني وكذلك الصحافة المصرية، وبالتالي هناك تعاون كبير للغاية وهناك خبرة مصرية كبيرة تستفيد منها تونس حكومة وشعبا”.
تأييد شعبي بالإجماع
أمّا بالنسبة لقبول الشارع التونسي لقرارات الـ 25 من يوليو الماضي، فأكّدت الدكتورة أن تونس والعالم شاهدوا ليلة 25 يوليو خروج التونسيين عن بكرة أبيهم من مختلف مناطق البلاد من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها ووسطها.. سواء بالمدن أو حتى بالقرى، فالجميع خرجوا سعداء بقرارات الرئيس التونسي القاضية بتجميد البرلمان وتعليق أعماله ورفع الحصانة عن نوابّه وحلّ حكومة هشام المشيشي، وأشارت الدكتورة أنّه وفق آخر استطلاع رأي، تحصّل الرئيس التونسي على نسبة تأييد لقراراته فاقت الـ 92 % ، وهذا ممتاز جدا وإن دلّ على شيء فيدلّ على أنّ هناك قبول شعبي كبير للغاية من قبل الشارع التونسي لما قام به الرئيس قيس سعيد من خطوات مسؤولة وجريئة وتاريخية، وقالت: “نحن نرى ونتعامل مع الشعب التونسى ونتحدّث معه، حيث نؤكّد أنّ الشعب التونسي مع الرئيس قيس سعيد ومع قرارات 25 يوليو بل إنّه ينتظر الأكثر حيث ينتظر محاكمات وكثير من الأشياء، وإن شاء الله سيكون الرئيس في الموعد كما كان وكما هو دائما يستجيب لمطالب الشعب التونسي.
ردود فعل دولية داعمة.. لكن تبقى تونس دولة ذات سيادة
وفي متابعة لردود الفعل الدولية من قرارات الـ 25 من يوليو، أكّدت الدكتورة بدرة قعلول أن ما حدث في تونس يعتبر شأنا داخليا فتونس دولة مستقلّة وحرّة وهذا يعتبر شأنا داخليا، ثمّ أنّ تونس ترحّب بكلّ من تحدّث من منظور مصلحة البلاد ومع تصحيح المسار، مشيرة إلى أنّ أغلب الدول كانت مع خطوات تصحيح المسار في تونس وقرارات 25 يوليو، قائلة: ” قرارانا هو قرار الشعب ولا شيء يعلو فوق قرار الشعب”.
كما أشادت الدكتورة بدرة إلى انّ المواقف الدوليّة كانت جيدة للغاية، ووجب شكر كلّ من دعم المسار التصحيحي، ولئن بقيت بعض الدول الخارجة عن السرب التي تريد الخراب للدول العربية فهذا شأنها وليس لها دخل بالشأن التونسي وهيبة الدولة التونسية واستقلال تونس، فهذا شأن خاص للغاية .
وفي ختام اللقاء، أشارت مديرة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية بتونس إلى وجود مطلب شعبي يقضي بحلّ البرلمان وهذا ما هو بالانتظار، خاصّة بعد تصريحات رئيس الجمهورية قيس سعيد إذ كان واضحا وصريحا عند قوله بأنّه: “لا رجوع للبرلمان ولا رجوع إلى الوراء…”، ومن هذا المنطلق سيتمّ حلّ البرلمان وستبدأ المحاسبات خاصّة فيما يتعلّق بالتمويلات الأجنبية للأحزاب (حركة النهضة التي تمتلك 50 مقعدا، وحزب قلب تونس وحزب تحيا تونس..) ، ومن هذا المنطلق بيّنت الدكتورة بدرة أنّه لا رجوع إلى البرلمان وأنّ حلّه أضحى واجبا ومطلبا شعبيا، لتذهب تونس إلى تعديل الدستور واجراء الاستفتاء الشعبي لأنّ الدستور الحالي به العديد من الإشكاليات ثم بعد ذلك تأتي مرحلة الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها، ولربّما ستكون بعد 8 أشهر من الآن.