آسياأمريكاأوروبابحوث ودراساتغير مصنف

الدعم الروسي لمشروع وحدة الفصائل الفلسطينية

قسم البحوث والدراسات الإستراتجية والعلاقات الدولية 05-03-2024

انطلق يوم الخميس 29 فبراير أوّل اجتماع للفصائل الفلسطينية في العاصمة موسكو بهدف العودة الى حوار المصالحة الفلسطينية-الفلسطينية، بدعوة رسمية روسية، بحضور وفدي حركة حماس والجهاد الإسلامي.

وقد أثبتت موسكو لعديد المرّات دعمها اللامتناهي لقطاع غزّة وتجريمها لما يحصل في حق الفلسطينيين منذ السابع في أكتوبر، ويعد ترحيبها بالفصائل الفلسطينية من أجل اجتماع المصالحة آخر الخطوات التي تعكس رغبة موسكو في توحيد الفلسطينيين ووقوفهم ضدّ الانتهاكات المرتكبة فيحقهم.

الهدف التي تسعى له حركة فتح من اجتماع الفصائل الفلسطينية هو الوصول الى توافق بشأن إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أقرب وقت، والمصادقة على البرنامج السياسي لمنظمة التحرير والعمل به كمرجعية لتحديد أسس العمل السياسي.

وينص البرنامج في أبرز نقاطه على:

– طمس القرار 242، والذي دعا ضمن أهمّ بنوده إلى انسحاب إسرائيل من “أراض محتلة” (occupied territories) وليس الأراضي المحتلة (the occupied territories ) ، وأشار محللون الى أنّ عدم التعريف بكلمة الأراضي كان متعمّدا ضمن البند، حيث يعني ذلك أنّ كل المفاوضات التي ستجري مع الدول العربية بعد تطبيق القرار 242 لا ترغم إسرائيل على الانسحاب من كل الأراضي المحتلة أو التعريف بـ”حدود آمنة ومعترف بها”، وقد أعطى ذلك الضوء الأخضر الى نقاط أخرى متعلّقة بالانسحاب تعطي لإسرائيل القدرة على التحكم في الأراضي التي تريدها مقابل البقاء على أراضي أخرى وفقا لمصالحها، وهو ما ينطبق على الانسحاب من سيناء، فبينما رأت الأطراف الداعمة للمحتل ان هذه الخطوة تدعم القرار 242، رأى المناهضون للاحتلال أنّه بموجب القرار يجب الانسحاب الكلي أيضا من جميع الأراضي.

ومن أهمّ النقاط الأخرى المشبوهة ضمن القرار 242 هو الدعوة الى “تسوية عادلة لقضية اللاجئين”، حيث لم يتم التطرق الى المسألة المفصلية وهي “قضية اللاجئين الفلسطينيين” بل أصبح البند في مجمله يسلّط الضوء على “اللاجئين اليهود” الذين انتقلوا من دول أخرى الى إسرائيل.

بالتالي فإنّ من أهم نقاط التي دعا اليها المجلس الوطني الفلسطيني هو مقاطعة هذا القرار لما فيه من بنود داعمة بشكل غير مباشر للمحتل ورفض التعامل مع أبعاد الاحتلال للأراضي الفلسطينية كمجرّد مشكلة لاجئين، لذلك فإنّ أي اتفاق أو مفاوضات دولية على المستوى العربي أو الدولي بما ذلك مؤتمر جينيف ستكون متجرّدة من بنود هذا القرار.

– كما تدعم منظمة التحرير الجانب الكفاحي المسلح لتحرير فلسطين ويكون ذلك في إطار سلطة تتركز على إرادة الشعب تكون وطنية مستقلة ومقاتلة، وهي من بين النقاط التي تشرّع للجانب النضالي القائم على التسلح والمقاتلة دفاعا على الأراضي الفلسطينية.

وهو ما يحملنا إلى أهم البنود الأخرى التي ترفض رفضا قاطعا أي مشروع يجمع بين الكيان الصهيوني وفلسطين يدعو الى الإعتراف بالاحتلال والتطبيع معه والصلح بدعوى تأمين الحدود مقابل تقويض قدرة الشعب على تحديد مصيره بنفسه والعيش بحرية على أراضيه.

وينضوي ذلك ضمن رؤية منظّمة التحرير في إطار حكومة تكنوقراط “مهنية توافقية” مكلّفة من الرئيس محمود عباس تجمع بين الفصائل الفلسطينية المناهضة بما فيها حركة المقاومة حماس والتي وصفها محمود عباس بـ “الجزء الأصيل من النسيج الوطني الفلسطيني”.

عبّرت الكثير من المواقف والمبادرات عن موقف روسيا الداعم لفلسطين، ففي أوج الحرب على غزة كانت روسيا سباقة في استقبال حركة حماس وهو يعكس مباشرة الدعم الروسي للمقاومة، كما ما انفكت عن إدانة الولاية المتحدة الأمريكية الداعم الرئيسي لاحتلال والتي عبّرت روسيا عن تقاعسه طيلة 75 عاما عن إيجاد حل عادل، وهو الموقف الذي تبنته الصين والكثير من الدول العربية الأخرة وغير العربية.

ولا يخفى توظيف روسيا حق نقض الفيتو في جلسات مجلس الأمن لتعطيل المشاريع التي تقر بمنح إسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها دون أدنى اعتبار للجرائم الحاصلة في حق الفلسطينيين.

 إلى جانب ذلك رفضت روسيا نهائيا مختلف التصنيفات والقرارات الداعية الى تصنيف حركة المقاومة كحركة إرهابية تستهدف المدنيين أو تدعو لاستمرار الحرب مثل ما يزعمه أنصار الاحتلال الصهيوني.

وفي حين رفض الروس المسلمين لجوء الإسرائيليين الى أراضيهم لم تتعرض لهم روسيا وقامت بإعادة اللاجئين من إسرائيل، وهو تعبير عن دعم موسكو للقضية الفلسطينية وموقف يُحسب لها في جعل المسلمين حول العالم يشعرون بأنّ هناك قوّة عظمى تمتلك حق النقض داخل مجلس الأمن واعتبار الولايات المتحدة الأمريكية المجرم الأول والمسؤول على الجرائم الدامية في حق الفلسطينيين بسبب انحيازه المطلق الى جانب الطرف الإسرائيلي وفشلها كقوة عالمية في وقف الانتهاكات الحاصلة منذ السابع من أكتوبر، وهي انتهاكات جسيمة ليست في حق الفلسطينيين فقط بل هي خرق واضح للاتفاقيات الدولية التي تراعاها الأمم المتحدة.

وكانت آخر المبادرات التي قامت بها روسيا لإيجاد حل ينقذ الشعب الفلسطيني من الإبادة التي ترتكبها إسرائيل بدعم أمريكي منذ ما يقارب 6 أشهر استقبالها الفصائل الفلسطينية للإسراع في إيجاد اتفاق موحّد يجمع بينها لوقف المجازر المرتكبة.

 وقد أفاد بسام الصالحي، أمين عام حزب الشعب الفلسطيني، لمصادر إعلامية أنّ “لقاء موسكو للمصالحة بدأ في العاصمة الروسية موسكو، بحضور وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف”، مشيرا إلى أنّ الأخير أكّد خلال الاجتماع “دعم روسيا لحقوق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية”، كما قال الوزير أنّ بلاده ستبذل كل جهودها لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وفي إشارته أيضا الى انحياز الولايات المتحدة الأمريكية واعتبارها المسؤول الرئيسي على ما يحصل في فلسطين قال الوزير “إنّ الرعاية الأمريكية المنفردة واحتكار عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين والانحياز فيها هو المسؤول عن الفشل الذي أدى إلى تدهور الأوضاع والى عد الاستقرار”.

ويتمحور اللقاء في موسكو حول السعي الروسي الى فك الانقسام بين حركة حماس والحكومة التي قامت بتشكيلها في قطاع غزة، والحكومة التي شكلتها حركة فتح في الضفة الغربية بقيادة محمود عباس.

توصّلت الفصائل الفلسطينية في حوار موسكو يوم الخميس المنقضي الى بيان ختامي يقضي بالمصالحة، مؤكدين على استمرار جوالات حوارية في الأيام القادمة سيتم خلالها التطرق الى مختلف النقاط لتحقيق الهدف الرئيسي “وحدة وطنية شاملة” تتكوّن من مختلف القوى والفصائل الفلسطينية.

وستسعى الجولات الحوارية الأخرى الى تسليط الضوء على مختلف القضايا الفلسطينية وإيجاد الحلول لها.

من جهته أشار أمين عام حزب الشعب الفلسطيني الى أنّه الى حدود هذه اللحظة كانت الاجتماعات في غاية الإيجابية وعكست رغبة الجميع في التّوحد ورمي جلّ الخلافات الى الوراء والتركيز على نقطة واحدة متمثّلة في الإسراع في وقف إطلاق النار في قطاع غزّة والنظر في مفاوضات صفقة التبادل.

في النهاية تعد روسيا كقوة عالمية عنصرا فعّالا في خدمة القضية الفلسطينية مع انحياز الولايات المتحدة الأمريكية المباشر للمحتل الصهيوني وبروزها كطرف فاشل في إيجاد الحلول.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق