أخبار العالمإفريقيا

نذر حرب عالمية ثالثة انطلاقا من غزة ! *

الجزائر-26-10-2023


تبرز نذر اندلاع حرب عالمية ثالثة بقوة انطلاقًا هذه المرة من غزة الصغيرة بمساحتها بعد أن كانت التقديرات تشير إلى إمكانية أن تكون من أوكرانيا .
مع استمرار القصف الصهيوني الهمجي لقطاع غزة، بتغطية ومشاركة أمريكية كاملة ومباشرة، ودعم غربي غير مسبوق، رغم الفظائع التي ترتكب جهارا نهارا، وأمام مرأى ومسمع المنتظم الدولي، تزداد احتمالات اتساع هذه الحرب ومخاطرها بشدة، لتتجاوز احتمالات أن تكون حربا إقليمية وحسب، في حال تدخلت إيران وأذرعها العسكرية في المنطقة، مع بروز الكثير من المؤشرات الخطيرة للغاية، إلى إمكانية أن تتحول تدريجيا إلى حرب عالمية ثالثة، قد يعلنها الغرب هذه المرة، ضد الإسلام والمسلمين، بعد أن مس الكيان الغاضب الذي أوجده في المنطقة، بأكبر تحد له منذ وجوده في السابع من أكتوبر الماضي عقب انطلاق طوفان الأقصى.

وتبرز نذر اندلاع حرب عالمية ثالثة بقوة، انطلاقا هذه المرة من غزة الصغيرة بمساحتها، بعد أن كانت التقديرات تشير إلى إمكانية أن تكون هذه الحرب انطلاقا من أوكرانيا، لاعتبارات كثيرة بدأت تظهر تباعا، لعل أبرزها هو هذا الحشد العسكري غير المسبوق للأساطيل البحرية الأمريكية والغربية في شرق المتوسط، المشكل من أكثر من حاملات طائرات وعدد كبير من المدمرات التابعة للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، علاوة على التعزيزات الضخمة التي توجهها حاليا أمريكا لقواعدها العسكرية في اليونان وإسبانيا وإيطاليا، وفي قواعدها في سوريا والعراق ودول الخليج العربي.

وتكاد تجمع مجمل القراءات حول ما يجري حاليا، أن هذا الحشد العسكري الغربي في المنطقة، لا يمكن أن يكون موجها ضد قطاع غزة ومقاومتها فقط، ذلك أن ميزان القوى أصلا مختلف لصالح الكيان الصهيوني في مواجهة مقاومة لا تمتلك سوى أسلحة بسيطة، وأن هذا الحشد يتجاوز حتى موضوع تهديد إيران وأذرعها العسكرية في لبنان وسوريا والعراق واليمن، إلى جهات وقوى عربية وإسلامية أخرى لا يتم الإعلان عنها، لكنها معنية بالتهديد مباشرة.

وما يزيد في مخاوف المراقبين، الدعوات المتتالية التي صدرت من تل أبيب وواشنطن وبعض العواصم الغربية لرعاياهم بضرورة مغادرة بعض الدول العربية والإسلامية، وعدم السفر إليها، بل والحديث في أمريكا عن خطط لإجلاء أكثر من 600 ألف أمريكي من منطقة الشرق الأوسط، خاصة من الكيان ومن لبنان ودول الخليج، وهي الخطط المرتبطة أصلا بخطط الحرب التي تعد لها الولايات المتحدة وحلفاؤها في منطقتنا العربية، سعيا لإعادة الكيان قوة مسيطرة من جهة، وسعيا لتغيير خرائط الشرق الأوسط كلية في مرحلة مقبلة.

ولم تقتصر الدعوات على إجلاء الرعايا الغربيين من المنطقة، بل تبعتها إجراءات بتقليص البعثات الدبلوماسية الأمريكية إلى النصف في العديد من الدول، في خضم هجمة أمريكية تحركها الصهيونية العالمية، لضمان حماية الكيان بعد الضربة القاصمة التي تلقاها على يد المقاومة الفلسطينية.

وتكون الرسائل التي ترسلها إيران عبر أذرعها العسكرية في المنطقة إلى أمريكا والكيان، أحد أهم المؤشرات على إمكانية انفلات الوضع، حيث شرعت أمريكا في الانخراط عمليا في الحرب من خلال جبهة الشمال مع حزب الله، حيث أعلنت أمريكا صراحة أنها هي من ستقود الحرب على لبنان في حال تدخل الحزب لإسناد غزة خارج قواعد الاشتباك، بينما تدخل الميليشيات الشيعية بشكل غير مباشر في هذه الحرب عبر ضرب القواعد العسكرية الأمريكية في سوريا والعراق، إلى جانب الرسائل الخطيرة التي بعث بها الحوثيون من اليمن بعد إطلاقهم الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل والسفن الحربية الأمريكية في البحر الأحمر.

الحلف الغربي.. ضد غزة أم ضد المسلمين؟


غير أن المتغير الأخطر في هذه المعادلة، هو هذا التوجه الجنوني للقوى الغربية لإعلان تحالف عسكري ضخم، موجه ظاهريا ضد حماس والمقاومة في غزة، لكنه يخفي وراءه حلفا غربيا، نحو كل القوى المعادية، وتحديدا نحو العالم الإسلامي، وكذا ضد الصين وروسيا.

ولم تكن دعوة ماكرون المدوية عند زيارته تل أبيب لتحويل التحالف الدولي ضد داعش، إلى تحالف دولي ضد حماس وكل فصائل المقاومة الفلسطينية، إلا صورة أخرى للتحالف الذي تشكل بالفعل، والذي بات يعرف بالتحالف السداسي ضد غزة والذي يضم (الولايات المتحدة، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، كندا وبريطانيا)، التي تتصدر اليوم المشهد، ناحية حماية الكيان في الأمم المتحدة، بالتغطية الدبلوماسية على جرائمه، وتتصدره عسكريا بإعلانها أنها تقف بكل قوتها العسكرية إلى جانب الكيان في وجه قطعة صغيرة من الأرض، ظلت محاصرة لـ17 عاما، ولا يجد أطفالها ما يأكلون.

واللافت أن ما يقوم به هذا الحلف ميدانيا، هو فوق ما يتصور، حيث يقود حربا لا هوادة لم يسبق لها مثيل ضد القطاع، بقوة تدميرية تجاوزت حسب التقديرات قنبلة هيروشيما، وهو ما يعني أن الهدف الأولي لهذه الحرب الصليبية الجديدة، هو ترهيب المسلمين جميعهم، وإعادة صياغة الخارطة الجيوسياسية في المنطقة، بحيث تكون “إسرائيل” دولة فوق القانون، غير قابلة للمحاسبة، تمهيدا للدخول في حرب عالمية ثالثة، لتثبيت نظام وقواعد النظام الدولي الحالي الذي يخدم مصالح الغرب دون غيره من الشعوب.

روسيا والصين مستنفرتان


وأمام هذه التطورات وجدت تركيا نفسها في وضع خطير جدا، وهي تستشعر أنها مستهدفة بشكل مباشر من خلال هذه الحملة كما عبر عن ذلك أردوغان عندما تساءل عن سر مجيء حاملات الطائرات الأمريكية إلى المتوسط، في حين تستشعر دول المنطقة العربية كلها على ضفاف المتوسط وفي الخليج الخطر الداهم، والذي لن تكون القاهرة وطهران والجزائر، باعتبارها عواصم الثقل الإسلامي في المنطقة بمعزل عنه.

إلا أن هذه التحركات الغربية المشكلة لحلف عسكري جديد، بدعوى محاربة الإرهاب الحمساوي، قد حرك أيضا مخاوف الروس والصينيين، ودفع بكين إلى تحريك أسطول بحري من ست مدمرات نحو بحر عمان لمراقبة الوضع عن كثب، بينما دفع في المقابل روسيا، إلى تفعيل منظومة دفاعية خاصة لضرب حاملات الطائرات في البحر الأسود عبر طائرات ميغ 31 المزودة بصواريخ كينجل الفرط صوتية، التي لا يمكن رصدها من أي منظومة دفاعية، والقادرة على تدمير حاملات الطائرات بسهولة.

ويبرز الدور الروسي في الأثناء، لسبب تواجد القواعد العسكرية الروسية في قاعدة حميميم السورية، وتخطي الطائرات الأمريكية والإسرائيلية للخطوط الحمر، في استهدافها للمطارات المدنية السورية خاصة في دمشق وحلب، مع إدراك الروس أنها هذه فرصتهم للانتقام من الأمريكان الذين يواصلون دعهم اللامتناهي لأوكرانيا، وبالتالي تحويل حرب الغرب كله ضد روسيا، إلى حرب عالمية ثالثة ذكرها بوتين بالاسم وفضحها بأنها ضد الإسلام والمسلمين، قبل أن تكون ضد روسيا أو الصين.

ماذا عن التحالف الدولي للمقاومة؟


واللافت هنا، في مقابل هذا الحلف السداسي الغربي، أن الدعوة لإنشاء حلف المقاومة، مع سحب مبادرة السلام العربية، قد انطلقت من الجزائر بعد دعوة 15 حزبا جزائريا إلى ذلك في أعقاب تزايد الإجرام الصهيوني المدعوم أمريكيا وغربيا.

غير أن هذه الدعوة التي طرحتها الهيئة الجزائرية للأحزاب الداعمة والمناصرة للقضية الفلسطينية المكونة من 15 حزبا من مختلف التيارات، التي تستهدف كما قالت “فرض معادلة جديدة في المنطقة لإدخال وسائل غير تقليدية في معركة التحرر الراهنة”، تواجه على أرض الواقع صعوبات وعراقيل كبيرة، لعل أبرزها الصراعات المذهبية التي تمزق المنطقة، والتي تجعل من تحالف الأنظمة ذات البنية الشيعية (إيران والعراق وسوريا ولبنان واليمن)، صعبة للغاية مع دول أخرى ذات بنية سنية مثل (تركيا، السعودية، مصر والجزائر)، بالنظر إلى طبيعة الصراعات في المنطقة، إلا أن ذلك لا يعد مستحيلا، في حال صدقت النوايا وترفع البعض عن مثل هذه الصراعات المذهبية، التي طالما استغلها الكيان والغرب لتفريق صفوف الأمة وضربها من الداخل.

والراجح أن الجرائم غير المسبوقة التي تشاهدها الأمة اليوم في غزة، والمخاطر الوجودية التي باتت تتهددها من جراء توالي الأساطيل العسكرية الغربية إلى المنطقة، ونذر اندلاع حرب عالمية ثالثة، بلبوس دينية تستهدف استئصال الإسلام والمسلمين، من شأنها أن تشكل وعيا عربيا وإسلاميا جديدا، يتخلى بموجبه عن أوهام السلام ليتهيأ للمواجهة الحتمية مع نفس الأعداء التاريخيين للأمة.
*حسان زهار..كاتب وإعلامي جزائري

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق