أخبار العالمإفريقيا

ومتى كان القضاء بريئا؟..

تونس-14-02-2022

كتب لطفي العربي السنوسي،بجريدة”الصحافة”،مقالا تحت عنوان: ومتى كان القضاء بريئا؟.. جاء فيه بالخصوص:
يجمع كل التونسيين من مختلف المواقع والحساسيات والفئات على أنّ العشرية الأخيرة التي حكمها “الإخوان” وأحكموا محاصرتها هي الأكثر بؤسا والأكثر إفسادا وثمّة إجماع أيضا على أنّها عشرية فاشلة وأنّ كل أو أغلب مؤسسات الدولة قد تورّطت في الفساد أو متواطئة معه، وما استقبال التونسيين لحراك 25 جويلية 2021 بتلك الحماسة إلاّ دليل على مدى رغبتهم في التغيير وفي التخلّص من المنظومة الإخوانية التي داهمها قيس سعيد في ليلة لم تكن متوقعة..

لقد أمسك الاخوان ـ على امتداد عشرية كاملة ـ بالدولة وأحكموا سطوتهم عليها.. أمسكوا بالإعلام فأفسدوه، وأمسكوا بكل الهيئات الدستورية وغير الدستورية فأفسدوها من الهايكا الى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مرورا بهيئات الفساد وهيئات الرقابة، كما أمسكوا بالقضاء وسيطروا سيطرة كاملة ـ تقريبا ـ على هيئاته بل سيطروا على قصور العدالة بعدما امتدوا داخلها فتحولت الى مزادات علنية صنع فيها الفساد دولته حيث “الرشوة” والبيع والشراء للضمائر والذمم وقد انتعشت “حركة الملفات” بتحويلها من قاض الى قاض ومن محكمة الى محكمة ومن مكتب الى مكتب بغرض إتلافها وتضييعها وتعويمها في متاهات القصور…
لم يكن القضاء بريئا ـ مع وجود استثناءات دائما ـ بل تورّط في الرشاوى والفساد واشتبك اشتباكا مباشرا بمنظومة “الإخوان” وتحوّل إلى “خادم أمين” يتلقى تعليماته من سماء مونبليزير.. وقد استعصى وبنى دولة متعالية على التونسيين..

من ضيّع دم الشهداء؟ ومن ضيّع ملف الاغتيالات السياسية…؟ من نكّل بالشهيدين بعد موتهما…؟ من ضيّع المستندات والوقائع والشهود؟ ألم يكن “قضاء” العشرية الاخوانية..؟ وهو ذات القضاء الذي حارب ـ وما يزال ـ حقيقة اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي ولطفي نقض وكل المغدورين من رجال الأمن والعسكر… من غطّى على قضاة مرتشين تمّ ايقافهم في حالة تلبّس؟ من تستر على جرائم “الإخوان” ولصوصيتهم على امتداد عشر سنوات؟ ومن أتلف ملف “المليار الصيني” أمام القضاء الذي نهبه وزير الخارجية الاخواني وحوّله الى رصيده وكان هبة الى الدولة التونسية…؟ من تستّر على فساد “دولة العشرية”؟..
هو ذا القضاء الذي فكّك الرئيس قيس سعيد مجلسه الأعلى.. هم ذاتهم القضاة اللاتي والذين رافقوا”«دولة الفساد” على امتداد عشرية واستفادوا من صمتهم ومن تواطئهم وغنموا ما غنموا مالا وعقارات وامتيازات…

لم يكن القضاء بريئا – ما في ذلك شك – وثمة إجماع على ذلك وثمّة أيضا ما يؤكد تورط هذا القضاء في الفساد وفي التغطية على الفساد والجريمة وقد كشفت هيئة الدفاع عن الشهيدين ما يعتبر إدانة كاملة لقضاء بلا ضمير وبلا أخلاق رهن نفسه للحركة الإخوانية وغطّى على كل جرائمها..
ثمّة استثناءات بطبيعة الحال من الرجال والنساء الشرفاء ممّن لم يتورطوا… وهؤلاء يمثلون – في الواقع – أغلبية صامتة تتحرك وتشتغل في صمت ولا نسمع لها صوتا حتى وإن وقفت على فساد، وهذا شكل من أشكال التواطؤ السلبي الذي لا يستفيد ولا يفيد “كأخرس في زفّة صاخبة”

لقد تحرك الرئيس قيس سعيد – كعادته – في التوقيت المباغت، فكما داهم منظومة “الإخوان” ليلة 25 جويلية غير المتوقعة، داهم – أيضا – وفي التوقيت غير المتوقع المجلس الأعلى للقضاء ووضع عليه أقفالا شديدة مع “شمع أحمر نهائي” بحيث لا تردّد ولا عودة الى الوراء معلنا نهاية التوقيت بالنسبة للمجلس الأعلى للقضاء وإغلاقا نهائيا لمحلاته الى حين الاعلان عن البديل ..
ولئن كان توقيت “المداهمة” غير متوقع، فإن قرار حلّ المجلس الأعلى للقضاء لم يكن مفاجئا – في الواقع – بما أن الرئيس قد وضع كل المقدمات لذلك وهو يعتبر القضاء وظيفة لا سلطة مستقلة والقاضي موظف لدى الدولة تحت سلطتها لا فوقها ولا بجوارها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق