أخبار العالمإفريقيا

“إخوان” تونس.. مسار من العنف والإجرام والتخريب

تونس-11-3-2022

مضت عشر سنوات بألوانها السوداء من الفوضى القاتمة والتخريب لمؤسسات الدولة المدنية، عاشتها تونس مع زمن حكم جماعة “الإخوان المسلمين” الذين ركبوا موجة الثورة عام 2011 ولم يشاركوا فيها أصلا، بل ظل قادتهم يتابعون الأحداث من خارج البلاد..وفي ظل تعطش التونسيين آنذاك للقطع مع الفساد والخصاصة ظنوا أن الذين يدّعون”الورع” قد يصلحون الأوضاع فجاءت انتخابات أكتوبر 2011 مطية للجماعة برغم أنها تعتبر الإنتخابات والديمقراطية “بدعة غربية” ..وفي زمن انعدام الوعي الضروري بمنهجها وبخطورة أيديولوجيتها التسلطية والإجرامية، وبفعل المال السياسي الفاسد وجدت نفسها في سدة الحكم بينما كانت أقصى  أمانيها قبل ذلك صدور عفو تشريعي بشأن أعضائها..

سنوات مرّت كالجمر وبلون الأحمر القاني عنفا وإرهابا وتطرّفا ونهبا.

هذه  الجماعة تفننت في الخداع واختيار الشعارات البراقة بدءً مما عُرف بتيّار “الاتجاه الإسلامي”بداية سبعينات القرن الماضي وصولا إلى شعار”النهضة”،حيث بدأت عملها السرّي،وبرعت في عمليات التمويه مستغلة غض الطرف عنها من قبل مدير الحزب الحاكم آنذاك محمد الصيّاح،الذي حاول استثمارها لضرب التيارات الأخرى المناوئة للنظامفي فترة تنامي المعارضة اليسارية..

وعقدت مؤتمرها عام1981 تزامنا مع مؤتمر الحزب الاشتراكي الحاكم حينها حيث أعلن الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة أنه لا يرفض وجود أحزاب أخرى وغيرّت اسمها إلى “حركة الاتجاه الإسلامي”وتقدمت بطلب للحصول على رخصة واعتماد محلّي لكن السلطات قابلت طلبها باللاّمبالاة، فقررت العودة إلى العمل السرّي ليتم إلقاء القبض على قياداتها في سبتمبر1981 بتهمة الانتماء  إلى جمعية غير مرخّص لها ونشر  أخبار زائفة وتوزيع منشورات معادية للسلطة وأمن البلد، وحكم على قائد الجماعة المدعو راشد الغنوشي بالسجن مدة عشر سنوات ولم يفرج عنه إلا بعد أربع سنوات بوساطة من الوزير الأول آنذاك محمد مزالي، لتدخل بعد ذلك في صدام مع السلطة بصفة مباشرة بعد التورّط  في تفجيرات استهدفت فنادق  في الساحل التونسي  ليتم الزج من جديد بالغنوشي في السجن وحكم عليه مدى الحياة مع الأشغال الشاقة.

 وعقب إزاحة بورقيبة عن الحكم  أفرجت السلطات عن الغنوشي وجماعته عام 1987 ووقعت الحركة على ميثاق العمل السياسي الذي دعا إليه  الرئيس الراحل  زين العابدين بن علي.

تورّطت الحركة في أعمال عنف في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي سيما تلك الإعتداءات بـ”ماء الفرق”( الحامض الحارق) على النساء، وحرق مقر مكتب الحزب الحاكم بباب سويقة بالعاصمة، فضلا عن حرق فندقين قي سوسة والمنستير صائفة1987،وهي جرائم اتهم فيها القيادي بالجماعة المدعو حمادي الجباليالذي جاءت به الصدفة رئيس اللحكومة بعد 2011، لتبدأ فصول جديدة من مأساة التونسيين عبر عشرية من الدمار والتسيّب والفوضى انطلقت بالتمكن ثم التغوّل، وحاولت تغيير ثقافة المجتمع بالماضي الديني والمذهبي والشللي،ولكن سرعان ما انكشف وجهها الحقيقي وعادت إلى ما جُبلت عليه من استبداد وإرهاب  وإقصاء..عشر سنوات من التسلط  انزلقت خلالها البلاد في أزمات متتالية وتم إغراقها في دوامة الديون الخارجية التي تجاوزت ال 80% من إجمالي الناتج المحلي، في  حين كشفت بيانات رسمية أن حجم الديون العمومية للدولة  بلغت 99.3 مليار دينار (36.10 مليار دولار)،وقاربت نسبة البطالة

العشرين بالمائة،علاوة على انتشارا لجرائم والعنف.. أمور اعتبرها عديد الخبراء نتيجة حتمية  لجهل قياداتها بكيفية إدارة الدولة ومؤسساتها فضلا عن غياب  مفهوم الدولة لديها  وظلامية هذا المفهوم المضاد للزمن الحضاري.

حصيلة مريرة لخصها مؤخرا الخبير الإقتصادي معز الجودي،بالقول:إن حركة النهضة طيلة فترة حكمها خلال العشرية الأخيرة، وبطرق ممنهجة، ساهمت في تحطيم الاقتصاد والصناعة التونسية والأمل التونسي..

لم تكن غايتها التنمية أو البناء ولكنها جاءت بعقلية انتقامية وكأنّ التونسي البسيط  هو من تسبب في تهجير قياداتها التي تورطت في التفجيرات والأحداث الأليمة التي  عاشتها تونس.

لم تأت الجماعة لتغيير واقع تونس إلى الأفضل ولم تحمل أي مشروع ديمقراطي لبناء دولة يتطلع التونسيون إلى العيش في كنفها..  حقيقة يعرفها كل تونسي عايش عشر سنوات من السوداوية المقيتة غاب فيها اللون الأخضر الذي يميّز تونس وحضر فيها السواد  القاتم  ولون الدم والألم ..

لكن صحوة الشعب التونسي أثبتت أن تونس أخرى ممكنة اليوم أكثر من أي وقت مضى،بعيدا عن ظلامية القادمين من كهوف التاريخ.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق