أحوال مصرية
أحوال مصرية
الدكتورة نهي بكر- الجامعة الأمريكية بالقاهرة
تناثرت الأخبار هنا وهناك عن موجة من ثورة جديدة ستجتاح مصر،وبنيت تلك الأقوال علي أن هناك حشدا على شبكة التواصل الإجتماعي من ثلاثة شخوص بعينهم، هم وائل غنيم وهو من المحفزين على ثورة 25 يناير 2011 وخرج علي شبكات التواصل الإجتماعي بعدد من الفيديوهات من محل إقامته بسان فرانسيسكو بالولايات المتحده الأمريكية، وكانت تلك الفيديوهات مليئة بالسباب الخادش للحياء ومليئة بكم من البذاءات للمصريين قيادة وشعبا مما يوحي بأنه فاقد للإتزان، ثم فيديوهات لأحد مقاولي البناء يتهم قيادات في الجيش بالفساد المالي وعدم دفع مستحقاته في مشاريع قام بتنفيذها لصالح الجيش، واتسمت تلك الفيديوهات باستخدام ألفاظ وتشبيهات ساخرة للنيل من هيبة الجيش المصري، إلى جانب فيديوهات لشخص من سيناء يدعى مسعد أبو فجر وجه اتهامات جزافا إلى القيادات في الدولة المصرية حول تعاملهم مع ملف سيناء بآليات تعود عليهم بمكاسب شخصية. صاحب ذلك أن ركبت جماعة الإخوان المسلمين الموجة، وبدأت محاولة الحشد والتحريض عبر قنواتها التلفزيونية وشبكات التواصل الإجتماعي، لنزول الشباب إلى ميدان التحرير في محاولة لزعزعة الإستقرار، كما قامت الجماعة بالترويج أن الرئيس المصري لن يعود من نيو يورك بعد حضوره اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة..
وتجاهل كل هؤلاء عناصر عدة لن تجعل اليوم مثل البارحة، وهي أن الشارع المصري نفسه رافض العودة إلى مرحلة عدم الإستقرار التي تصاحب الثورات، وأن الشعب مدرك للمخاطر الأمنيه المحدقة به إقليميا، وأنه برغم معاناة الكثيرين من تبعات الإصلاح الإقتصادي التي تمت في السنوات الأربع الماضية، إلا أن هناك إدراكا بأنه ليس هناك مفر من ذلك.
والواقع أن الإصلاحات الإقتصادية والإجتماعية بدأت تؤتي ثمارها في شكل مشاريع ضخمة تم اكتمالها علي الأرض، وانخفضت نسبة البطالة من 23.4 بالمائة منذ أربع سنوات إلي 7.5 بالمائة هذا العام، فضلا عن التشريعات التي شجعت عودة الإستثمارات الأجنبية إلى مصر، والجهود المبذولة في مجال الطاقة حيث تمت اكتشافات مهمة للغاز الطبيعي داخل المياه الإقليمية المصرية في شرق المتوسط، وزيادة السياحة الأجنبية بنسبة30% للعام الثاني علي التوالي، بالإضافة إلى العمل على الشق المجتمعي من خلال دعم المرأة لتسجل حضورا بـ 25% في الإنتخابات النيابية إلى جانب وجود ثماني وزيرات حاليا،هذا علاوة على دعم الشباب ليشكلوا 10% من المجلس النيابي القادم، وتعيينهم معاونين للوزراء والمحافظين.
كما تعمل الدولة على تطوير قانون التأمين الصحي ليشمل الجميع، وعلى القضاء علي فيرس سي، والتوسع في إزالة العشوائيات الخطرة، وتوفير سكن كريم للمحتاجين وصرف معاشات لهم في صورة مشروعين يسميان “تكافل وكرامة”، بالإضافة إلى تأمين برامج التغذية المدرسية التي يستفيد منها 11 مليون طالب مدرسي..
لقد تناسى هؤلاء المحرضون أن الشعب المصري هو الذي رفض ويرفض الإرهاب والفوضى الذّين تسبب فيهما الإخوان المسلمون في حقبة حكمهم، خدمة لأجندات إقليمية ودولية لإضعاف مصر وتعطيل دورها خاصة في ظل التحديات التي تواجهها المنطقة، وكان خروج الشعب المصري بعشرات الملايين عام إلى الميادين والشوارع عام 2013 استفتاءً جماهيريا واسعا على رفضه حكم الإسلام السياسي، وعلى التمسك بالمسار المدني الحداثي لبناء الدولة ومواجهة التحديات بسلاح العلم والمعرفة بعيدا عن ممارسات الخارجين من كهوف التاريخ.