أخبار العالمبحوث ودراسات

“إقتصاد الحدود : عولمة متخفية و فساد لا يعرف كساد”

فاتن جباري: باحثة بالمركز الدوزلي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية بتونس

 قبل العام 2011 مثلت التدفقات التجارية غير الرسمية قوّةً محرّكة في الاقتصاد التونسيلا سيما بسبب روابطها غير القانونية مع السلطات الحكوميةفي عهد نظام  بن علي الذي حكم البلاد طوال ثلاثة وعشرين عامًا حيث كان هناك طريقان أساسيان للتجارة غير الرسمية قبل أن تصبح تحت مسمى “التهريب أو الكونترا” ،يؤمّنان نقل مختلف المنتوجات و البضائع  إلى المستهلك التونسي حيثما كان : الأول برّي رابط بين تونس والجزائر و ليبيا  والثاني بحري يفتح البوابة التونسية على الواجهة العالمية.

 وقد أدّى هذا  “الخط” دورًا مهمًا في تزويد الاقتصاد التونسي بمجموعة واسعة ومتنوّعة من البضائع بما في ذلك الأدوات المنزلية والملابس والمعدّات والأجهزة الإلكترونية، علمًا بأن الوقود المستورَد من الدول  المجاورة كان  من السلع الأكثر أهمية حيث  تُشحَن هذه البضائع عن طريق معبر رأس جدير الحدودي  مع الجوار الليبي على مقربة من البحر المتوسط. ولم تكن التجارة غير الرسمية تقتصر على الحدود التونسية-الليبية فقد عرفت الحدود التونسية-الجزائرية ديناميكية مماثلة من خلال طرقات تجارية وعمليات تهريب متنوعة خاصة المنتجات الاسيوية و التركية لقد ارتكزت هذه المنظومة على دور الأجهزة الأمنية و ادارة الحدود و الجمارك أنذلك  باعتبارها الذرع الواقي للشبكة المنتمية الى السلطة في ذلك العهد،فقد كانوايتعمّدون تحديدتعريفة السلع بأقل من قيمتها الفعلية مقابل رشوة يحصلون عليها من التجّار الذين يستوردون البضائع بأحجام ضخمة ومتنوعة  لم تكن البضائع تُدوَّن في السجلات إطلاقًا و من دون تحديدقيمتها أصلا .

لقد ادى هذا الآمر الى  بناء مخزون استراتيجي هام يضخ في الأسواق التونسية التي لا تعرف الكساد حينها ابدا كما ساهمت في بناء استقرار اجتماعي يحقق رغبة السوق الشعبية التونسية من حيث الوفرة و الاكتفاء و القدرة الشرائية للطبقات المتوسطة و التخفيف من عبئ البطالة خصوصا في المناطق الحدودية المتركزة بالشمال و الوسط وإبقاء البطالة والفقر تحت السيطرة في المناطق الحدودية حيث كانت الاستثمارات العموميّةضئيلة جدًّا فبالنسبة إلى السكان الذين عانوا مطوَّلًا من إهمال الدولة غالبًا ما كانت المداخيل التي يحصلون عليها من التجارة غير الرسمية البديل الحيوي الوحيد إلا وأن المبالغ الوحيدة التي تُدفَع مقابل إدخالها إلى البلاد هي الرشاوى التي يسدّدها المستورِد للمسؤولين الكبار والاطراف الاخرى الفاعلة عند الحدودونتيجةً لذلك باتت التجارة غير الرسمية عبر الحدود جزءًا لا يتجزأ من الميثاق الاجتماعي الضمنيبين نظام بن علي أي الدولة الحاكمة و كذلك العنصر الأساسيًفي إرساء الاستقرار  بما يمكن الجهاز الحاكم من بسط  سيطرته ونفوذه  ورقابته على التجارة الحدودية و السوق الوطنية بما فيها السوق الموازية كل في بوتقة و سلسلة واحدة .

بعد2011 أدّى تدهور الأوضاع الأمنية في تونس و الهجماتالإرهابية الى خلق أرضية جغرافية جديدة لسوق عالمية سوداء مكنت من اختراق المجالات الحدودية البرية والبحرية وحتى الجوية من قبل  زعماء التجارة الموازية  وتجار السلاح والمخدرات و الوقود و مختلف المنتوجات الاستهلاكية … وتكوين حاضنة شعبية وفقا لقاعدة مركزية محكمة التنظيم وهذه القاعدة تحركها علاقات عابرة للقارات و بنك كامل من البيانات والمعطيات التي تتيح لها التعرف على المسالك و الخطوط و الطرق المعتمدة و كذلك الأطراف المتداخلة و المنصهرة ضمن هذه الشبكات من حيث اللوجستيك و التنظيم و التنسيق والتمويل بل تمتلك هذه الشبكة إدارة للازمات و التعامل الإستباقيوالإستعلامي لأجل تسيير خريطة مكتملة ل تجار الحدود …

قد تبدو هذه الافكار بمثابة متعلقات دولة القانون بما فيها من مؤسسات و إجراءات وهياكل وسلطة اشراف  إلا وأن الحقيقة المضنية وأن كل هذه العمليات المعقدة تسري خارج طائلة القانون فهي دولة موازية مكتملة الأركان ولكن شريعتها هي الربح دون الخسارة خارج دولة القانون !.

ورغم تظافر الجهود نحو مزيد التشدد في ضبط الأمن عند المناطق و المعابر الحدوديةبين تونس والدول المجاورةو كذلك انظمة الموانئ و المطارات باعتماد إجراءات أكثر تشددًا لضبط الحدود، لم تتمكن السلطات التونسية من الحد من علاقات التجارة غير الرسمية عبر الحدود فقد اخترقت كميات البضائع الكبيرة المستورَدة بطريقة غير قانونية أو عن طريق الاحتيال الاقتصاد التونسي بصورة متزايدة سواء من خلال الممرات البرية التي تربط تونس بالدول المجاورةوتحديدًا ليبيا والجزائرأو من خلال الممرات البحرية التي تربط الموانئ التونسية بالأسواق العالمية.

  • تداعيات ازمة التهريب و التجارة الموازية في تونس

     لقد سعت تونس من خلال شنّها حربًا على الإرهاب إلى التشدد في ضبط الوضع الأمني وفي فرض ضوابط على الشبكات العابرة للحدود وقد أدّى حفر الخنادق على طول الأشرطة الحدودية وبناء سياج بطول 125 ميلًا على امتداد الحدود مع ليبيا وزيادة أعداد الحواجز والدوريات التي تنفّذها الشرطة والحرس والجيش الوطنيين إلى الحد من تدفقات البضائع وإلى تراجع مطّرد في أعداد التجّار المنخرطين في الأنشطة التجارية عبر الحدود.فبعدما كانت ليبيا مركزًا إقليميًا للتجارة غير الرسمية انحسر هذا النشاط التجاري إلى حد كبير منذ العام 2015 كنتيجة لحالة عدم استقرار اقليمية كبرى حيث تراجعَ الاقتصاد الحدودي بسبب الانتشار المتجدد للقوى الأمنية  فكان على المهرّبين والتجّار أن يتنافسوا لوضع أنفسهم تحت حماية وكلاء الدولة بغية ضمان أرباحهم قدر الإمكان من خلال التعويل مجددا على تعاون الاجهزة المنفذة للقانون بل و انصهارها ضمن المنظومة التي باتت تقليدية خصوصا ابان حكم الترويكا بعد 2013 وقد أعاد السياق الأمني الجديد رسم المشهد في مجال التجارة غير الرسميةفبعدما ضاقت المساحة المتاحة أمام الاقتصادات الحدودية تقدّمت إلى الواجهة الحدود البحرية من خلال الشبكات الواسعة التي كانت تستورد السلع مباشرةً من تركيا والأسواق الآسيوية و الأوروبية عن طريق البحر على حساب الشبكات البرية الأصغر نطاقًا التي لم تستطع أن تضاهي منافسيها الأكبر حجمًا في مجال الأسعار أو كمية البضائع المتأتية من السوق التركية و الأسيوية وهنا كان للأطراف المشرفين على الممرات البحرية الاستفادة من التضييق الحاصل  في الممرات والمعابر البرية في اطار مقاومة الارهاب و التهريب  ، مع ما رافقها من تراجع في الاقتصاد الحدودي والحد من تدفقات السلع والمنتجات التي كانت تمدّ الاقتصاد التونسي باحتياجاته كذلك أدّت التغييرات التي شهدتها ليبيا سياسيا وامنيا …

أتاحت هذه الإجراءات توسيع الشبكات البحرية غير الرسمية العابرة للحدود التي استغلت تهميش الخط البري ” لملء الفراغ الاقتصادي في تونس من خلال التجارة الموازية” فكبار التجار المهربين  يسعون فقط  إلى التحرر من الترتيبات والإجراءات المعمول بها عند الحدود من أجل تحقيق الحد الأقصى من الأرباح  من خلال القدرة على دفع الأموال للقوى الأمنية التونسية والمجموعات المسلحة الليبية التي تشرف على المعبر الحدودي من الجانب الليبي منذ 2015بمقابل الحصول على مختلف السلع وتأمين نقلها عبر تونس بدون أي حواجز او عراقيل.

ان إعادة تشكيل الشبكات العابرة للحدود من خلال تحفيز النشاط في الممرات البحرية كان قائما على استبدال سوق بنقردان بحركة ناشطة جدًّا في الموانئ التونسية مثل ميناء سوسة و المنستير وصفاقس و موانئ تونس العاصمة منها رادس وحلق الوادي كما تعكس هذه الشبكات قابلية الحدود للاختراق بفعل تخالط الاقتصاد الرسمي مع الاقتصاد غير الرسمي ما يشكّل قطاعًا عملاقا و خاصًا بالتجارة الحدودية تبدو أنشطته خاضعة للإجراءات الرسمية ولكنها في الواقع غير منظَّمة في جزء منها وغير مدوَّنة في سجلات الدولة حتى ان بعض الشركات العاملة في الاقتصاد الرسمي كانت مستعدة لتبني استراتيجيات اقتصادية غير رسمية بهدف خفض تكاليفهاوتجاوز القيود المفروضة على التجارة البينية منذ 2018 والالتفاف على الأنظمة  والاجراءات القانونية التي اثقلت كاهل التجار الرسميين و الشركات و المؤسسات  وحجم الضرائب المفروضة على السلع المستوردة…فيما تنعم السوق الموازية بتجارة حدودية متشبعة بالأرباح خالية من كل قيود !

فهم من باتو يتحكمون في السوق الداخلية التونسية في وقت ذروة الطلب على المواد الاستهلاكية  الأساسية سواء من الجانبين التونسي او الليبي وهذا الأمر كشف على  قدرة شبكات التهريب  الرئيسية العاملة عبر الحدود على التكيّف خلال السنوات الأخيرة حيث  بات المهربون الكبار يمتلكون سيارات تويوتا رباعية الدفع من طراز السيارات القليلة التي يمكن قيادتها في الصحراء والقادرة على اجتياز الكثبان الرملية والمفيدة في المطاردات مع القوات الأمنية اذ منالواضح أن لوبيات التهريب اليوم يتمتّعون بتنظيم جيد ويحظون بدعم كبير…

من جهة اخرىتتنوع ممارسات التجارة الموازية على عدد من العمليات الاخرى واهمها القطاع الصرفي وعمليات استبدال العملات  ففيما يرتفع حجم الواردات عبر المسالك غير الرئيسية للتجارة  تزداد أيضًا العمليات غير القانونية المرتبطة  باستبدال العملة  الصعبة خارج القنوات المصرفية الرسمية، مثل التحويلات النقدية غير مشروعة ويضمن القائمون بعمليات تحويل الأموال غير الرسميين تحويل الأموال بين تونس والموردين الكبار من دول اجنبية اخرى وهو ما يسمح للتجار التونسيين بدفع ثمن وارداتهم من تركيا او دول آسيا وغيرها مباشرة بالدينار التونسي وتجنّب التعامل بالعملات الصعبة وهذا الامر ادى حتما الى انهيار قيمة الدينار التونسي دون ان تكون للمؤسسات المالية الرسمية أي حصة من العملة الصعبة الأجنبية هذا مقابل التغلغل الأعمق لسلع البلدَان الاجنبية  في الأسواق التونسية وبالتالي تراجع  معدل الطلب و الاستهلاك على البضاعة المحلية التونسية فلا يزال التلاعب في فواتير الواردات والتدفقات المالية غير المشروعة إحدى الاستراتيجيات غير الرسمية الأساسية الرامية الى احتكار المنتوج الاجنبي في السوق الداخلية مقابل تراجع السوق المحلية وبالتالي الانتاج ثم التنمية في اخطر مؤشراتها .

  • السوق الحدودية و العولمة المتخفية

تلجأ تونس اليوم الى الضغط المتزايد للتداين في السوق الأمر الذي أدى إلىتعطيل نشاط الأسواق المصرفية والمالية وسوق التأمينات، وما عكسه ذلك على تصنيف تونس الائتماني وتصنيف ودائع عدد من بنوكها الذي سجّل تراجعًا وصفه مختصون في الاقتصاد بـالمقلق جدًا خصوصا في ضل  غياب استراتيجية وقائية و ردعية فعالة  للتعامل مع هذا السوق الربحي الكبير الذي لا يعرف الكساد أبدا خصوصا مع بروز افكار تنادي بضرورة الوقوف على حلول تتيح امكانية الاستفادة من عائدات السوق الموازية مع فرضية إدماجها ضمن السيرورة الإقتصادية الرسمية في مختلف مسالكها واسواقها و هي التجربة التي قع إعتمادها من انظمة دولية متقدمة لتصبح رائدة  حيث يرى عديد الخبراء اليوم وان” التحدي لا يكمن في إضفاء طابع رسمي على التجارة غير الرسمية، بل في إضفاء طابع غير رسمي على ما هو رسمي حاليًا”.

 ففي تقرير صادر عن البنك الدولي حيث كشف وأن حجم التجارة الموازية و التهريب على الحدود التونسية يمثل اكثر من نصف المداخيل التجارية للبلاد التونسية ذلك انها اكثر انتشارا وسرية فيمكن تقدير ما يقارب 15 بالمائة من البنزين المستهلك في تونس هومن الواردات غير الرسمية كذلك في ما يتعلق بتجارة الوقود و العجلات المطاطية اذ تعتمدها  اكثر من 60 بالمائة من الشاحنات المشاركة في هذا النشاط وان التهريب ينشط كثيرا في ميدان السجائر خاصة بين تونس والجزائر و اليوم تصل عائدات التهريب الى ما يقارب 1.13 مليار دولار سنويا وهو رقم هام جدا يبقى خارج منظومة الاقتصاد الرسمي للبلاد تحققه شبكات فوق الحيز الجغرافي السيادي و بوساطة لأطراف مركزية فاعلة مستغلة كل الأساليب والمؤسسات و الموانئ و المعابر   والمعطيات الموجودة من عرض وطلب وحركة السوق و حتى حركة المسافرين و استقطاب السياح لتحقق منه الربح …وكل هذه العائدات المالية الضخمة تبقى خارج الإدارة الرسمية  بل لا تستفيد منها الدولة ابدا ولا تحقق منها أي عنصر من عناصر الربح .

تبدو الحاجة ضرورية وملحة الى الإسراع في مراجعة التشريعات والقوانين التي اصبحت بالية و التي جعلت تونس مثلما يصفها باعثي المشاريع و الاستثمار بمثابة “مقبرة للقوانين” ولعل من اهمها قانون المالية الحالي وكذلك  المنظمة لسعر الصرف  والعملة المحلية وزيادة نقاط تغيير العملة في المعابر الحدودية و الموانئ والمطارات  فهذه النقاط تستقبل ادفاق مالية هامة ومن العملة الصعبة علاوة على  مئات آلاف السياح سنويا، في مسعى لإحكام سيطرة السوق الرسمية على موارد السياحة من النقد الأجنبي الذي غالبا ما يجد طريقه إلى سوق الصرف الموازية نتيجة قلة النوافذ الحكومية.
ذلك ان غياب نقاط صرف قانونية في المناطق الحدودية أدى إلى تعاظم ظاهرة تهريب العملة وشح السيولة في البلاد، فضلا عن تراجع احتياطات المصرف المركزي من النقد الأجنبي.
وتشير دراسات اقتصادية إلى أن حجم العملة الصعبة المتداول في نقاط الصرف غير القانونية يفوق مدخرات المصرف المركزي، الأمر الذي ساهم في تغذية التهريب والإرهاب وعجز المركزي عن وضع حد لانزلاق سعر الدينار بعد أن فقد أكثر من 60% من قيمته على امتداد السنوات الماضية.

كما تبدو الحاجة ملحة اليوم الى إستشراف آفاق تطوّر هذه الظاهرة وإمكانيّة تطويعها ضمن أفق اندماج مغاربي – دولي يحصّن المناطق الحدودية التي اكتسحتها العولمة المتخفية ويحوّلها من مجرّد بوابات لإغراق أسواقها بسلع منتَجة في الدول الآسيوية إلى نوى أولى لبناء اقتصاد مغاربي موحّد يتمّ ذلك من خلال إنشاء منطقةمغاربية للتبادل الحرّ تكون في ذات المجال الحدودي الذي يحرص على إدماج الناشطين في المجال الموازي حاليًا (من تجار الجملة وقطاع الصرف والناقلين أي المهربين ) حتى يتمكنوا من ممارسة دور محوري وبنّاء في تسيير عمليات الأدفاق السلعيّة والمالية التي تمرّ عبر المنطقة المغاربية الحرة، تحت إشراف  ادارة الجمارك و المؤسسات الديوانية وأجهزة الدولة الأخرى أمنية  منها أوإقتصادية على غرار البنوك والمؤسسات المالية و الصرفية

لا تزال التجارة غير الرسمية تطرح مشاكل عدة تلقي بظلالها على الاقتصاد الوطني فخلافًا لنظام بن علي الذي استخدم الاقتصاد الحدودي بطريقة براغماتية باعتباره صمام أمان اختارت الحكومات التونسية ما بعد العام 2011 اتّباع استراتيجية أمنية أدّت إلى زعزعة استقرار المجتمعات المحلية كخير دليل على حجم الأزمة التي تعانيها هذه المناطق المهمشة في ظل غياب بدائل عن الاقتصاد الحدودي وبالتالي لم يعد الاقتصاد الحدودي الذي ساهم في إرساء الاستقرار في عهد بن علي قادرًا على تأدية هذا الدور كما في السابق. ويوضح بروز الشبكات البحرية عقب الإجراءات الصارمة التي فُرضت على الاقتصاد الحدودي البري غياب استراتيجية شاملة لمعالجة مسألة الشبكات التجاريةغير الرسميّة وقد تعزّز هذا المنحى على مستوى سلاسل التوريد نظرًا إلى سعي رواد الأعمال التونسيين إلى تجنّب القيود المفروضة على التبادلات التجارية وهو ما اخرج كل موارد الدولة المالية والربحية من محكم سيطرتها الى سيطرت هذه الشبكات المتغولة و التي اصبحت تتحكم في بنيان النسيج الرسمي للاقتصاد و المالية   وهكذا لا يمكن اعتبار الاقتصاد غير الرسمي مجرّد جزء هامشي وضئيل من تدفقات التجارة الإقليمية بل بات العنصر المهيمن في المعادلة الجيوسياسية السائدة راهنًا في منطقة البحر الأبيض المتوسط امام حرب الاقطاب حيث سيؤدي هذا التشذرم إلى زعزعة الاستقرار في سياق حرب تجارية بين الدول واستخدام التجارة غير الرسمية كأداة جيوسياسية في المنافسة الدائرة في دول المتوسط وتحديدا في اسواق شمال افريقيا من اجل انشاء منطقة التجارة الحرة العميقة والشاملة.

معطيات: المرصد التونسي للاقتصاد ،البنك الدولي ،البنك الافريقي للتنمية ،الإدارة العامة للديوانة ، وزارة التجارة التونسية  .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق