أخبار العالمبحوث ودراسات

تفعيل المادة 99 خطوة “نادرة”من أجل غزة

تعتبر المادة 99 من أهم المواد الخمس في ميثاق الأمم المتحدة التي تحيط بالسلام والأمن الدوليين والتي على أساسها يقع تحديد مهام الأمين العام، من خلال منحه صلاحية “لفت انتباه مجلس الأمن إلى أي مسألة يرى أنها تهدد حفظ السلم والأمن الدوليين”.

وتعتبر هذه المادة هامّة للغاية  لمنحها الشرعية التامة للأمين العام لطرح  أي قضية إنسانية معينة في مجلس الأمن للضغط على الأعضاء ودفعهم لاتخاذ كافّة التدابير الضرورية حفاظا على الأمن والسلم الدوليين.

بالتالي فإنّ هذه المادة مكّنت الأمين العام “غوتيريش” من إكتساب صلوحية تخوّل له التمتع بمسؤولية سياسية واضحة وهذا ما أغضب الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية بصفة عامة.

تأتي الحاجة الى المادة 99 في كونها تسلّط الضوء على الصراعات والوضعيات الانسانية المستعصية على مجلس الأمن أو التي يقع توجيه النظر عنها من خلال النقاش حول اتفاق لإيجاد حل لها، حيث تلفت النظر المجلس الى الصراعات الخطيرة المهددة للأمن والسلم الدوليين ودفعهم للتركيز على وظيفتهم الطبيعية في منع نشوب صراعات واتخاذ كافّة الاجراءات الضرورية. . .

“والتفكير في إدراج المادة 99 جاء نتيجة لإدراك مجلس الأمن الدولي منذ فترة طويلة بالحاجة إلى الإنذار المبكر بالأزمات الدولية الوشيكة، لتكون مهام مجلس الأمن الدولي منصبة على الوقاية أكثر من التعامل المتأخر مع المشاكل التي تهدد الأمن والسلم الدوليين”.

وفي الواقع الحال فإن القضية الفلسطنية وعدوان الإحتلال الصهيوني قد عرى هذه المنظمة التي أصبحت هشة وتكيل بمكيالين وأصبحت مشكك في نزاهتها وفي تطبيقها للقوانين الدولية، وبالتالي يصبح كل النظام العالمي على المحك والأمن والسلم العالمي مهدد ولهذا رأى الأمين العام للامم المتحدة وجوب إستخدام المادة 99 من أجل إنقاذ السلم والأمن العالمي.

 لم تنل فكرة تفعيل المادة 99 في الظرف الحالي المتعلّق بالأزمة الانسانية الحاصلة في قطاع غزة إعجاب وزير خارجية إسرائيل، الذي إعتبر انّ وجود غوتيريش في منصب الأمين العام للأمم المتحدة هو في حدّ ذاته “تهديدا للسلم العالمي” مشيرا الى انّ طلب تفعيل المادة 99 والدعوة الى وقف إطلاق النار في غزة هو دعم للإرهاب، حيث قام غوريتش للمرة الأولى منذ توليه منصبه في الأمم المتحدة منذ 2017 بتفعيل المادة 99.

وعن فعالية المادة أشار دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام إلى أنّها تعد من أقوى الأدوات الشرعية التي يمتلكها الأمين العام في إطار ميثاق الأمم المتحدة وهي “خطوة دستورية كبرى” في ظلّ الفشل المحرز في إنقاذ الوضع الانساني.

بينّت العودة في تاريخ الأمم المتحدة في التعامل مع الصراعات، أنّه تمّ اللجوء رسميا للمادة 99 إلاّ في مرات قليلة في أكثر من 100 صراع.

 حيث أنّ الاستخدام الصريح لم يقع إلاّ خلال ثلاث مرات في الكونغو عام 1960، إيران عام 1979، ولبنان في عام 1989 واخيرا دعوة غوريتش على خلفية الأزمة في قطاع غزة.

وتشير المراجعة أيضا الى أنَه في المرات التي تمّ فيها اللجوء الى المادة 99 في الصراعات السابقة ضمنيا أو بشكل معلن لم يصدر أي إجراء أو تحذير بشأن الأمن الانساني، إلا مرة واحدة اتخذ فيها مجلس الأمن الدولي موقفا بشأن الصراع في الكونغو في عام 1960 على خلفية رسالة الأمين العام للأمم المتحدة “داغ همرشولد” طلب من خلالها من المجلس عقد اجتماع عاجل بشأن الوضع في الكونغو، ويجدر الإشارة أنّه حينها لم يكن اللجوء للمادة 99 معلنا.

ويفترض بأن يكون تفعيل المادة 99  ذو فاعلية قصوى في أخذ قرار عاجل بشأن الصراع على قطاع غزّة، ومن المتوقع أنه ستجري العديد من التدخلات الرامية لإحباط محاولات المجلس الأمني لإيجاد حل للأزمة وتخويف والضغط على “غوتيريش” في منصبه، كما يمكن أن تظلّ قرارات المجلس الأمني بعد الاجتماع صورية دون تطبيقها مثلما هو الحال بالنسبة لقرار وقف إطلاق النار المصادق عليه من الكثير من الدول.

 لكنّ عموما يظل تفعيل المادة99 خطوة دستورية وقرار سياسي في غاية الأهمية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق