أخبار العالمبحوث ودراسات

مخطط “ينون”: أخطر وثيقة تتحصل عليها المقاومة يوم 7 أكتوبر

مخطط “ينون” هو إحدى الورقات التي تم الإطاحة بها من طرف المقاومة الفلسطينية المسلحة في مجلدات صهيونية سرية تحتفظ بها اسرائيل وهي الأن بحوزة عناصر ايرانية على ما يبدو…

تروي هذه الوثيقة احدى نظريات المؤامرة التي بموجبها تم التجهيز لعمليات واستراتيجيات أو خطّط لأحداث سياسية كبرى في الشرق الأوسط منذ الثمانينيات، بما في ذلك غزو العراق والإطاحة بصدام حسين وتصفية الزعيم الراحل ياسر عرفات والحرب الاهلية السورية وصعود داعش وتشكيل دولة عربية–عبرية بمنطقة الشرق الأوسط تمتد من النيل الى دجلة والفرات ولها ما للجزيرة العربية السعودية من أبار النفط والبترول ومزارع مصر وواحات السودان ومسالك البحر الاحمر. 

لقد تم الادعاء بأن مقال ينون قد تم تبنيه من قبل أعضاء  معهد الاستراتيجيات الصهيوني في الإدارة الأمريكية حتى تم تناوله بشكل مفترض كوسيلة لتعزيز المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، وكذلك تحقيق الحلم اليهودي بدولة لا ينقطع نفطها وتشمل غالبية الشرق الأوسط، كما هو مكتوب في الكتاب المقدس العبري المزعوم.

 يتجدد دائماً السؤال الذي أُثيرَ في عام 1940 حول استخدام حظر النفط كوسيلة لدعم الفلسطينيين ضد المواقف البريطانية والأميركية الداعمة لليهود–الصهائنة.

يعود بنا التاريخ الى ال13 من جويلية للعام 1948 حيث نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” تعليقاً، قال فيه الملك عبد العزيز أمير المملكة العربية السعودية مخاطبا الزعيم الراحل ياسر عرفات: “لقد قلت يا أخي إنني مستعد للتضحية بنفسي وأبنائي من أجل فلسطين، وأقول مرة أخرى النفط ليس أغلى من أبنائي… أنا مستعد لإلغاء الامتيازات النفطية إذا كان ذلك يخدم القضية”.

يمثل الموقف السعودي تجاه فلسطين جزءاً من سياستها الإقليمية الاستراتيجية الدائمة. فللحكاية بعد استراتيجي تاريخي بالعودة إلى العام  1945، التقى الملك عبد العزيز، مؤسس المملكة العربية السعودية، الرئيس فرانكلين روزفلت على متن السفينة “يو إس إس كوينسي” في البحيرات المُرّة الكبرى قرب قناة السويس بمصر.

كان لدى روزفلت هدفان من لقاء الملك عبد العزيز الأول، الدافع السياسي للوصول إلى حل قاطع للمشكلة الفلسطينية-اليهودية، الدافع الآخر اقتصادي يتمثل في التوصل إلى علاقة استراتيجية أميركية-سعودية تتناسب مع مرحلة ما بعد الحرب العالمية تضمن حصول الأمريكيين على النفط السعودي.

وعلى الرغم من السردية الإيجابية التي يتبنّاه كل من السعوديين والأميركيين حول هذا الاجتماع، فإن جوهر النقاش كان يهيمن عليه الاختلاف حول مستقبل فلسطين ففي حين دافع روزفلت عن إقامة دولة يهودية-صهيونية، احتج الملك عبد العزيز على ذلك معللاً موقفه بأنه يتوجب على اليهود أن يقيموا دولتهم في مكان آخر.

نقطة فارقة في تاريخ القضية العربية الفلسطينية، لما كاد التطبيع مع السعودية سيكون بمنزلة نقطة تحولٍ رئيسية في تاريخ إسرائيل منذ توقيع اتفاقات كامب ديفيد عام 1979. حيث إن الاعتراف بإسرائيل كدولة ذات سيادة يُعد من المحرمات عند معظم الدول الإسلامية والعربية.

 لكن هذا لا يعني أن الدول الإسلامية جميعها تتبنى هذا الموقف. فعلى سبيل المثال، اعترفت تركيا بدولة إسرائيل في 28 مارس 1949، وأرسلت بعثتها الدبلوماسية إلى تل أبيب في 1950 كما اعترفت إيران بدولة إسرائيل في 14 مارس 1950.

وكانت تركيا وإيران آنذاك أقوى الدول ذات الغالبية المسلمة. غير أن الدولة الصهيونية كانت تتطلع لاعتراف سياسي من دولة عربية كبرى، وتنظر لذلك الاعتراف باهتمام أكبر من بقية الدول المسلمة وذلك ما حدث بالضبط في 26 مارس 1979، عندما وقّع كل من الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي “مناحيم بيغن” على المعاهدة التي رعاها الرئيس جيمي كارتر.

وكما هو الحال عند اليهود والمسيحيين، فإن القدس المحتلة مدينة مقدسة عند المسلمين. على الرغم من ذلك، فإن قضية فلسطين كان يتم تداولها بوصفها قضية عربية أكثر من كونها قضية إسلامية.

ثمة حقائق عدة تكمن خلف وضع الهوية الإثنية كأولوية تسبق الهوية الدينية للقضية. لقد أطلق العرب مصطلح “النكبة” لوصف قيام دولة إسرائيل عام 1948 الذي فرض أمراً واقعاً بوجود الدولة العبرية بين الدول العربية.

بعد سنوات قليلة من النكبة، برز الخطاب القومي العربي بقيادة جمال عبد الناصر الذي اتخذ من قضية فلسطين شعاراً رئيسياً لمشروع الوحدة العربية الذي كان ينادي به.

 لقد أضفى خطاب عبد الناصر البعدَ القوميَ العربي للقضية الفلسطينية وبالتالي، فإن الصراع بين العرب واليهود هو صراع قوميات وليس صراعاً دينياً بين المسلمين واليهود. يفسّر هذا الموقف المصري ردّة الفعل العربية القاسية تجاه المعاهدة التي وقّعتها مصر مع إسرائيل، مقارنة بالموقف الذي أبدوه تجاه تركيا وإيران الملكية، حيث لم تقاطعها الدول العربية.

في الفترة المصاحبة لمعاهدة كامب ديفيد، تصاعدت الصحوة الإسلامية التي صاحبت الثورة الإيرانية عام 1979. وقتها  بدأ الثوريون الإسلاميون في استخدام شعارات تحرير فلسطين والمسجد الأقصى كأبرز شعرات التعبئة الجماهيرية لديهم.

ولعل هذا ما يفسر التحولات في النخبة الفلسطينية، حيث كانت تسود القيادة اليسارية “منظمة التحرير” والتي تراجعت شعبيتها بين الفلسطينيين لصالح المقاومة الإسلامية، والتي أكدت على الهوية الإسلامية للقضية الفلسطينية.

نستذكر في هذا الصدد كون غالبية الشخصيات الإسلامية ترفض وتستنكر اعتبار فلسطين قضية عربية خالصة، وتصرّ على إسلامية القضية ومحورية قدسية المسجد الأقصى…

بتسارع الأحداث نهاية القرن الماضي، طرأ تغيير كبير في المشهد عندما وقّع الفلسطينيون مع الإسرائيليين على اتفاق أوسلو في 13 سبتمبر 1993. وتبع ذلك معاهدة السلام الإسرائيلية – الأردنية التي أُبرمت في 26 أكتوبر 1994وهنا حصلت الخطيئة الكبرى في تاريخ الأمة.

بالنظر إلى مكانتها الريادية في العالمين العربي والإسلامي، فإن المتوقع من السعودية أن توازن بين المحافظة على مصالحها الاستراتيجية المتمثلة في الشراكة مع الولايات المتحدة من ناحية، وأن تفي بالتزاماتها القيادية على المستويين العربي والإسلامي من ناحية أخرى.

 بوصفها رائدة في مجال الخطط العربية الشاملة للسلام مع إسرائيل؛ ففي  1981، أعلن الملك فهد بن عبد العزيز ولياً للعهد، خطة للسلام في الشرق الأوسط: وتضمنت الخطة ثمانية مقترحات بعنوان “مبادئ السلام”.

ولخّصت هذه المقترحات قرار الأمم المتحدة رقم 242، والذي يتضمن: حل الدولتين، “على أن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية”، والتأكيد على حق الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم مع منح تعويض لأولئك الذين يختارون طوعيّاً عدم العودة. رفضت إسرائيل بشدة هذه الخطة ووصفتها بأنها مخطط للإجهاز على إسرائيل في نهاية المطاف.

في وقت لاحق، أطلق الملك عبد الله بن عبد العزيز مبادرة أخرى في مؤتمر قمة جامعة الدول العربية الذي عُقد في بيروت 2002. جاء الإعلان عن خطة سلام شامل قبل شهر من زيارة الأكاديمي والصحافي الأميركي توماس فريدمان للرياض ولقائه الملك عبد الله الذي نشر الخبر معه.

طرح فريدمان فكرة السلام، فنظر إليه ولي العهد-حسب قوله-بدهشة ساخرة، وقال: “هل اقتحمتَ مكتبي؟”، غير أن المبادرة العربية قوبلت برفض إسرائيلي قاطع مرّده لكون المبادرة تستند إلى قرار الأمم المتحدة رقم 194 والذي يؤكّد على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم.

بعد رفض إسرائيل تلك المبادرات، ظهر جلياً أن فكرة طرح سلام شامل بين العرب وإسرائيل غير قابلة للتطبيق. والواضح كون إسرائيل تُفضل عقد اتفاقيات ثنائية منفصلة مع كل دولة عربية وبسياسة فرق تسد الصهيونية والتي نجحت بها في أغلب الدول العربية.

تعدّ وجهة النظر الإسرائيلية واضحة؛ فهي لا تريد أن يحصل اتفاق عربي-عبري لأن من شأن ذلك أن يضع إسرائيل في موقف ضعيف كونها تقف منفردة أمام تكتل دول الجامعة العربية. يستند الموقف الإسرائيلي إلى كونهم يريدون التعامل مع الدول المجاورة بوصفها دولاً منفردة، وليس تكتلاً إقليمياً.

بالنظر إلى “اتفاقيات إبراهام” الثنائية عام 2022 التي وقّعتها إسرائيل مع كلٍ من الإمارات، والبحرين، ثم السودان، وأخيراً مع المغرب، فإنها وُقّعت بشكل منفصل.

هذه الاتفاقيات الثنائية لا تلزم إلا الأطراف التي وقّعت على كل اتفاق على حدة، من دون النظر للاتفاقيات الأخرى التي تشكّل إسرائيل القاسم المشترك الوحيد فيها.

على الجانب السعودي لا ترغب الرياض اليوم في أن تكون جزءاً من “اتفاقيات إبراهام”. يرجع ذلك إلى إدراك ولي العهد رئيس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمان أهمية وثقل بلاده الذي يعني الكثير للإسرائيليين الذين يتوقون للتوصل إلى اتفاق مع دولة بحجم السعودية.

ثمة حقيقة لا بد من التوقف عندها تتلخص في أن انخراط السعودية في مفاوضات مع إسرائيل لا يضمن التوصل إلى اتفاق نهائي. ومع ذلك، نجح محمد بن سلمان في توجيه إدارة بايدن إلى الاتجاه الذي يخدم أجندته.

من التطبيع الى التوقيع… لقد عمل منسق البيت الأبيض للشرق الأوسط “بريت ماكغورك” وسيطاً للاتفاقيات الاقتصادية والأمنية التي فكت الجمود في العلاقات بين السعودية وإسرائيل.

وفي هذا السياق، يعد شطب تعهد بايدن بجعل المملكة “منبوذة” من العالم العربي الإسلامي خطوة أولى  وغير مشروطة  في هذه المفاوضات، وهذا مكسب سياسي يسجّل لإدارة محمد بن سلمان.

لقد أربكت الحرب الأخيرة في غزة الأوضاع في الشرق الأوسط، وجعلت الأمور أكثر صعوبة. حيث أشارت معظم تقارير مراكز الأبحاث  والإعلام الدولي إلى أن حركة “المقاومة الفلسطينية المسلحة ومنها حماس” بدأت العمل العسكري بهدف تعطيل الاتفاق المحتمل بين السعودية وإسرائيل.

فعلى سبيل المثال، كتب “ماثيو ليفيت” مقالاً في مجلة “فورين أفيرز” يتهم فيه “حماس” باستهداف إمكانية تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، والذي وصل إلى مرحلة إجرائية أكثر جدية من أي وقت مضى.

ويرى ليفيت أن العامل الذي دفع قيادة “حماس” إلى تنفيذ الهجوم والتسبب في هذا التصعيد كان عرقلة الجهود الدبلوماسية مع السعودية في المقام الأول.

 ويضيف “ليفيت”، أن قيادة حماس تعتقد أن اتفاقاً كهذا من شأنه أن يُقوض موقف القضية الفلسطينية داخل منظومة الدول العربية والإسلامية.

المقاومة قدمت لإيران هدية،  فلماّ كان التطبيع المتوقع يمكن أن يعزز التحالف الإقليمي الفعال ضد إيران وحلفائها، ومن ضمنهم “حماس” و”حزب الله” لذا فقد ذهب التنظيمان إلى ما هو أبعد من تصعيد الخطاب السياسي والإعلامي لتشنّ “حماس” هجومها في هذا التوقيت الحرج وتوقف جل هذه المؤمرات حيث نجحت المقاومة في اجهاض المؤامرات العربية–العبرية وعدم  التوصل إلى اتفاق سلام بين السعودية وإسرائيل وهو الأمر الذي لن يكون في مصلحة بايدن والإدارة الديمقراطية حيث اتخذ السعوديون موقفاً قوياً جداً ضد الحرب الصهيونية على قطاع غزة.

أن في علاقة  العربية السعودية مع إيران قضايا ثنائية يمكن حلها بين الرياض وطهران. لكن حالة إسرائيل تتضمن كثيرا من القضايا العابرة للحدود الوطنية التي تتجاوز العلاقات الثنائية والتي يجب حلّها قبل التوصل لأي اتفاق.

ان ما يحكم اليوم هو الأجندة النفطية والعسكرية، إذ تسعى كل من واشنطن والرياض إلى تحقيق الحد الأعلى لمصلحة أجندتهما الوطنية. وفي كل الأحوال بقيت القضية الفلسطينية موضوعاً تُعاد مراجعته بجدية بعد ما يقرب من سبعة عقود على لقاء عبد العزيز-روزفلت.

عند الحديث عن الصعوبة البالغة والتحديات التي تواجه السعودية فيما يتعلق بمسألة التوصل إلى تسوية شاملة مع دولة إسرائيل، ثمة واقع تاريخي للمملكة يُضاف إلى مكانتها الروحية كموطن للحرمين الشريفين. فالملك السعودي يُلقّب رسمياً بخادم الحرمين الشريفين، بينما الحرم الثالث هو المسجد الأقصى الذي يقع في القدس. ولعل هذا ما يفسر الإصرار السعودي على ضمان الحقوق الفلسطينية قبل توقيع الرياض على أي اتفاق سلام مع إسرائيل.

تعتبر القضية الفلسطينية موضوعا حاسما بالنسبة لدولة عربية إسلامية رائدة بمكانة السعودية، التي تتخذ سياسة متوازنة تحسب فيها تحركاتها استراتيجيا.

ولا يزال السعوديون يتعاملون مع الولايات المتحدة باعتبارها المورد الرئيس للأسلحة والتقنيات العسكرية. وهذا يعني أن السعودية ستحافظ على موقفها من خلال تأجيل التطبيع مع إسرائيل حتى تُؤمّن ضمانات تُحقق مكاسب معقولة للفلسطينيين.

وباعتبارها وسيطا في التوصل إلى اتفاق، يجب على واشنطن التعامل مع المطالب السعودية بالأسلحة والتقنيات إذا وافق حليفا الولايات المتحدة على الجلوس والتفاوض حول اتفاق سلام في المستقبل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق