ما هي التداعيات الإقتصادية إن تمّ إغلاق “باب المندب” و”هرمز”؟
قسم البحوث والدراسات الإستراتجية والعلاقات الدولية
تونس 02-01-2024
تنذر التوترات الحاصلة في البحر الأحمر بتوابع اقتصادية صعبة، تلحق الضرر بالعديد من البدان بصورة أولية، وبصورة شاملة حال استمرار الأزمة في مضيق باب المندب.
مع استمرار الحرب على غزة تبقى كل السيناريوهات محتملة بشأن اتساع رقعة الصراع، وفي هذا المسار يمكن أن تصل التوترات إلى مضيق “هرمز”، في الخليج ما بين سلطنة عمان جنوبًا وإيران شمالًا، والذي يمر من خلاله 20.5 مليون برميل يوميا من النفط الخام والمكثفات والمنتجات النفطية، في الفترة بين جانفي إلى أيلول 2023، أي نحو 40% من الإنتاج العالمي من النفط.
كما حذر الخبراء من أن استمرار الأزمة والتي تسعى واشنطن لتضخيمها يؤدي إلى انعكاسات خطيرة على مستوى الاقتصاد، إذ تدفع نحو ارتفاع معدلات التضخم، وكذلك رفع نسب الفائدة، بما يؤثر على العديد من الدول الأوروبية.
كما أن مضيق باب المندب، الذي يصل خليج عدن وبحر العرب والمحيط الهندي بالبحر الأحمر بعرض يبلغ حوالي 30 كم، يمثل الشريان الرئيسي للتجارة بين المحيط الهندي والبحر المتوسط، إذ يأتي في المرتبة الثالثة عالميا في التجارة الدولية بعد مضيقي ملقا وهرمز.
برزت أهمية مضيق “باب المندب” مع دخول قناة السويس حيّز العمل، في العام 1896، حيث تم اختصار الطريق البحرية ما بين شرق آسيا وأوروبا، وبذلك تم توفير الجهد وتخفيض تكلفة النقل والإسراع في توفير الإمدادات وسلاسل التوريد.
وبالنسبة لقيمة البضائع تقدر بمختلف أنواع المارة عبر المضيق بحوالي 700 مليار دولار سنويّا، ويجتازه سنويّا أكثر من 25 ألف سفينة بما يعادل حوالي 10% من التجارة العالمية.
ويعتبر باب المندب ممرّا مائيّا أساسيّا في نقل النفط والغاز إلى أوروبا، حيث قامت 27 ناقلة من ناقلات النفط الخام والوقود بعبوره، خلال 11 شهرا من عام 2023، ومرّ عبره حوالي 7.8 مليون برميل يوميّا من شحنات النفط الخام والوقود في أول 11 شهرً من 2023.
وقد شكّل حوالي 12% من إجمالي النفط المنقول بحرًا عالميّا في النصف الأول من عام 2023، و8% من تجارة الغاز الطبيعي المُسال، وفق عمر.
تثير التوترات في البحر الأحمر من خلال استهداف جماعة “أنصار الله” اليمنية للسفن الإسرائيلية، تساؤلات بشأن انعكاسات هذه التوترات على الاقتصاد العالمي.
وتعطيل الملاحة في باب المندب والبحر الأحمر يدفع السفن وناقلات النفط إلى تغيير مسارها البحري نحو رأس الرجاء الصالح، ما يترتب عليه زيادة بين 19 إلى 31 يومًا في فترة الوصول.
وهذا يثقل الإجراء البديل العديد من العوامل منها أسعار الشحن ونقل البضائع بالإضافة إلى ارتفاع كلفة التأمين عليها، وكذلك مدخلات الإنتاج وتعطّل سلاسل التوريد مما يؤثّر على خطوط الإنتاج.
كما أن التأثيرات كبيرة ومرتقبة على مستوى النفط والغاز إذ تستطيع المملكة العربية السعودية من مضاعفة تصديرها للنفط عبر خط أنابيب بترولاين، وهو بطول 1200 كم وسعة 5 ملايين برميل يوميّا، الذي ينقل النفط من شبكة حقول شرق المملكة إلى ميناء ينبع على البحر الأحمر، وبعدها تحميل النفط الخام على ناقلات في رحلة من يوم إلى يومين إلى محطة العين السخنة في مصر ثم نقله عبر خط أنابيب سوميد المصري إلى ميناء سيدي كرير على البحر المتوسط، وهناك خط الأنابيب أبقيق- ينبع لسوائل الغاز الطبيعي.
ومع استمرار الحرب على غزة تبقى كل السيناريوهات محتملة، بشأن اتساع رقعة الصراع، وفي هذا المسار يمكن أن تصل التوترات إلى مضيق هرمز، في الخليج العربي ما بين سلطنة عمان جنوبًا وإيران شمالًا، بعرض لا يتجاوز 55 كم، والذي يمثل أهمية كبرى لنقل النفط، إذ مر من خلاله 20.5 مليون برميل يوميا من النفط الخام والمكثّفات والمنتجات النفطية، في الفترة بين كانون الثاني إلى أيلول 2023، أي حوالي 40% من الإنتاج العالمي من النفط.
يذهب من هذه القيمة النفطية 80% منه للدول الآسيوية مثل الصين، الهند، كوريا واليابان، فيما يذهب إلى أوروبا وأميركا الشمالية.
ويمرّ بهذا المضيق 80 مليون طن أي 20% من تدفقات الغاز الطبيعي المسال في العالم، حيث تقوم السعودية بتصدير 88% من إنتاجها النفطي عبره، العراق 98%، الإمارات 99%، وكل نفط إيران والكويت وقطر.
فمضيق باب المندب، يمثل استراتيجية هامة إذ ترتبط نحو 90% من الدول العربية بالبحر الأحمر.
كما أنه يمثل نحو 60% من التجارة التي تمر نحو أوروبا، بالإضافة إلى أنه يمثل القلب النابض لليمن، إذ تمر نحو 90% من المواد الغذائية من هناك.
والتوترات في المنطقة تؤثر بقدر كبير على قناة السويس، فضلا عن التداعيات الأخرى التي تتمثل في الطرق البديلة، الأمر الذي يمكن أن يعود لسيناريو، أبريل 2021، بشأن ارتفاع نسبة التضخم في الاقتصاد العالمي.
كما لا ننسى بأن أوروبا تتضرر بشكل أكبر كما الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة فيما يتعلق بنقل المواد البترولية إليها، بالإضافة إلى تضرر مصر من تعطل حركة العبور من قناة السويس جزئيا.
واستمرار التوترات يزيد من معدلات التضخم، كما يمكن أن يذهب بأسعار النفط حتى 150 دولار للبرميل، وكذلك العودة لرفع نسب الفائدة مر أخرى.
كذلك نحو 21 ألف سفينة تمر عبر باب المندب سنويا، ونحو خمسة مليون برميل نفط يوميا، و12% بالمئة من حجم التجارة العالمية، وجزء مهم من الغاز المسال القطري والأسترالي يمر عبر هذا الممر متوجها إلى دول أوروبا المتوسطية.
واستمرار الحرب على غزة وتطورها يمكن أن يؤدي إلى إقفال بحر العرب ومضيق هرمز، بما يمثل من حجم كبير للتجارة ومن ممرات مهمة لواردات النفط حيث يمر أكثر من 40 بالمئة من صادرات النفط البحرية عبر هذا المضيق”.
وإقفال هذا المضيق يعني قطع الطريق البري والذي يتم استعماله اليوم لإيصال المساعدات لإسرائيل والذي يمر بالإمارات، والمملكة العربية السعودية، والأردن ومنها إلى إسرائيل.
كما أن نحو 10% من بضائع العالم يتم توزيعها في أوروبا وأمريكا ويتم نقلها عبر قناة السويس، وهي تتأثر بالتوترات الحالية.
وإلى جانب الضرر الواقع على إسرائيل، فإن أوروبا تضرر بقدر كبير، بالنظر لكونها تستورد أكثر من 40 % مما يتم طرحه في أسواقها من بضائع من الشرق خاصة من الصين والهند.