ليبيا:الورقة الروسية الجديدة ؟
ظلت روسيا مدة سنوات ممتنعة عن الإنحياز علناً لأي طرف من أطراف الصراع الليبي، واكتفت بعرض فكرة المصالحة بين تلك الأطراف ، وسعت موسكو دائما إلى الظهور كوسيط محايد في الصراع، ولا تزال تصر على هذا الموقف.
وفي هذا الإطار قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال زيارته لمصر مؤخرا إن “مهمة روسيا هي مساعدة الليبيين في التغلب على خلافاتهم الحالية، والتوصل إلى اتفاق مستقر للمصالحة بين الجانبين”.
وشدد لافروف ، على أن موسكو متمسكة بالحوار،داعيا الأطراف المتناحرة إلى تجنب إراقة مزيد من الدماء.
ووصف الخبير في شؤون الشرق الأوسط فياتشيسلاف ماتوزوف، موقف روسيا من الصراع الجاري في ليبيا بأنه “موقف دبلوماسي دقيق للغاية “.
ولم تعلن روسيا علنا موقفها عكس تركيا والجزائر مثلا اللتين عبرتا عن دعمهما لحكومة فائز السراج،في المقابل تدعم دول كمصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة الجنرال خليفة حفتر، علما أن الجزائر ومصر من كبار المشترين للأسلحة الروسية.
وكانت تقارير إخبارية قد أشارت إلى تزايد ملحوظ في الوجود الروسي في ليبيا ما قد يؤدي إلى تغيير موازيين الحرب لصالح خليفة حفتر الذي يشن حربه على الإرهاب منذ أبريل الماضي لإعادة السيطرة على العاصمة التي استحوذت عليها المليشيات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق. وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، ‘أن التمدد الروسي باتجاه ليبيا يأتي كجزء من حملة واسعة النطاق يشنها الكرملين لإعادة تأكيد نفوذه في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا.’
وشددت الصحيفة على أن التدخل الروسي في ليبيا يختلف عن نظيره في سوريا، إذ تعد المخاطر في الأولى أكبر ..
وتتمتع ليبيا باحتياطيات نفط هائلة، حيث تنتج 1.3 مليون برميل يوميا بالرغم من الصراع الدائر، وكان ساحلها على البحر الأبيض المتوسط، والذي يبعد 300 ميل فقط عن إيطاليا، نقطة انطلاق لعشرات الآلاف من المهاجرين المتجهين إلى أوروبا. يذكر أن الجيش الليبي يحارب المليشيات الارهابية المنصهرة مع حكومة الوفاق التي يقودها فائز السراج والتي تم تشكيلها في العام 2015 وهي مدعومة رسميًا من القوى الغربية ، ولكن من الناحية العملية، تركيا هي الراعي الوحيد والرسمي.
ويرى متابعون للشأن الليبي أن ليبيا تشكل “لغزا” دبلوماسيا بالنسبة لموسكو، وفي هذا السياق يقول المحلل العسكري الروسي بافل فيلنغنهاور: “إن روسيا لن تعلن انحيازها لأي طرف على الملأ”.
وكان كل من حفتر والسراج قد زارا روسيا، لكن يبدو أن حفتر يحظى باهتمام الكرملين، إذ زار موسكو ثلاث مرات منذ عام 2016، وأبحر على متن حاملة الطائرات الروسية الأدميرال كوزنتسوف عام 2017، وذلك لحضور مؤتمر جمعه بوزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو.
يذكر أن موسكو سبق أن منعت مجلس الأمن الدولي من إصدار بيان كان سيحث قوات خليفة حفتر على وقف تقدمها في طرابلس، مصرة على أن البيان يجب أن يحث جميع القوات في البلاد على وقف القتال.
ويرى مراقبون ومنهم فيلغنهاور أن هذه الخطوة تُعدّ مؤشرا واضحا على دعم روسيا الضمني لحفتر.