أخبار العالمبحوث ودراسات

ما لم يقل في… حيثيات العملية الإرهابية بمدينة موسكو الروسية

عقب أيام فقط من الإفصاح عن فوز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بولاية خامسة، بوتين الذي تمكن من نيل حوالي 76 مليون صوت، ما يمثل 87.29%من الأصوات.

في هذا الوقت بالذات يحتفل الشارع الروسي بالفوز الرئاسي المحقق إلا أن العد التنازلي لفلم كارثي، مدبر قد بدأ… وسط دهشة لم تصب المجتمع الروسي فحسب بل العالم بأسره ما عدى من خطط ووضع السيناريوا وبعث بالمنفذين فهو يتفرج على صناعته…

في زيارة يؤديها الرئيس الأوكراني زيلينسكي الى العاصمة باريس ليتفق مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون على إرسال أكثر من 2000 جندي دعما لأوكرانيا ضد الروس رغم رفض بعض الدول الأوروبية على غرار ألمانيا لهذا القرار المفاجئ بما يستدعي تحول ماكرون من “مهادن للحرب الى داعية حرب” وهو لا يدرك عواقب ما يمكن أن يحصل للقارة العجوز وللعالم بأسره… فحفيد الاستعمار لا يهمه سوى مصالحه الاستعمارية ونهبه وهيمنته للثروات الدول الأخرى…

في 22 من مارس الجاري وتحديدا في قلب العاصمة الروسية موسكو ضمن أضخم المحلات التجارية هناك المعروف ب “كروكوس سيتي” تمت العملية الإرهابية أين أسفرت عن مقتل ما يفوق  150 من المدنيين وإصابة المئات حتى الآن، في واحدة من أسوأ الهجمات التي تشهدها روسيا منذ سنوات.

عبر تطبيق تلغرام أعلن تنظيم “داعش خرسان” الإرهابي مسئوليته عن الهجوم الإرهابي، في ذات الوقت الذي أعلنت فيه وكالة رويترز للأنباء الدولية الواقع محلها في ميدان التايمز بالعاصمة الإنجليزية لندن كما نفى مستشار اتصالات الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي وجود أي “مؤشرات على تورط أوكرانيا” في الهجوم.

فيما أكدت أوكرانيا أنه لا علاقة لها به بينما أعتبر رئيس المجلس القومي ميدفيديف “إذا ثبت أنهم إرهابيون تابعون لنظام كييف يجب العثور عليهم جميعا والقضاء عليهم بلا رحمة باعتبارهم إرهابيين، بمن في ذلك قادة الدولة التي ارتكبت هذا العمل الفظيع”.

عملية معقدة كشفت تعقد الأوضاع على مدى الساحة الدولية بما يطرح تساؤلات عديدة حول أسباب هذه العملية الإرهابية  التي تبناها فرع خراسان تحديداً وفي هذا الوقت بالذات وتحديدا في روسيا بتنفيذ العملية وليس فرع القوقاز، التي تدخل روسيا ضمن نطاق عملياته جغرافياً، والأهداف التي يسعى داعش إلى تحقيقها عبر ذلك في أحدى أقوى الدول تسلحا وقوة، معقل أوراسيا كاملة والمنافس الأول للغرب وأمريكا عموما. فهل تكون لعبة استخباراتية غربية استعملت داعش من جديد؟

أم هي عملية إرهابية تسربت من الحدود مع كييف على الجانب الاوكراني؟

دخل تنظيم داعش في إعادة هيكلة تنظيمية منذ مقتل أبي الحسن الهاشمي القرشي في أكتوبر 2022، وهو الزعيم الثالث للتنظيم.

ومع تولي أبي سارة العراقي “مسئولية الولايات البعيدة ” أي الفرع الدولي لداعش في عهد زعيم التنظيم الرابع الملقب بالقرشي، قام بإعادة هيكلة ما يسمى بالولايات البعيدة، وهي الولايات التي تقع خارج نطاق الأفرع المركزية (دولة سوريا والعراق).

بالإضافة إلى تشكيل مستوى أعلى يسمى المكاتب الإدارية التي تشرف على أفرع التنظيم، حيث أقر  التنظيم 9 مكاتب إدارية تشرف على 16 فرع للتنظيم، ولكل مكتب أمير يكون حلقة الوصل  بين مركز التنظيم وفروعه الدولية، على أن يتم التواصل بين المركز وأمراء المكاتب.

على عكس ما أظهرت التقارير الحالية، تأتي العملية الإرهابية الأخيرة في موسكو استكمالاً لنشاط متنامٍ لتنظيم داعش داخل الأراضي الروسية.

وهو عكس ما يتم تداوله من أن العملية كانت مُفاجِئة بالنسبة لأجهزة الأمن الروسية. فقد كان لافتاً أن المكتب الإعلامي للجنة الوطنية الروسية لمكافحة الإرهاب أعلن، في 3 مارس الجاري، قتل 6 عناصر من أتباع تنظيم داعش خلال عملية لمكافحة الإرهاب في مدينة كارابولاك بجمهورية إنجوشيا وهي كيان اتحادي وإحدى الجمهوريات الفيدرالية في روسيا.

وقال المكتب الإعلامي في هذا الصدد: “نتيجة لعملية مكافحة الإرهاب التي نفذها مقر عمليات اللجنة الوطنية الروسية لمكافحة الإرهاب في جمهورية إنجوشيا، تم تحييد 6 قُطّاع طرق في أحد المباني السكنية في مدينة كارابولاك”، مضيفاً أنه “تم التعرف على هوياتهم، وبحسب المعلومات الأوّلية فإنهم من أتباع تنظيم “داعش خرسان”، وكان 3 منهم، بمن فيهم زعيم العصابة على قائمة المطلوبين الفيدرالية”.

وفي 7 مارس الجاري أعلنت أجهزة الأمن في روسيا أنها قتلت مسلحين من تنظيم داعش، كانوا يخططون لـ”هجوم إرهابي” على كنيس في موسكو.

 وقال جهاز الأمن الفدرالي إن خلية للتنظيم المتطرف في كالوغا، جنوب غربي موسكو، كانت تخطط لإطلاق النار على مصلّين يهود في كنيس في العاصمة.

ونقلت وكالة “تاس” للأنباء عن جهاز الأمن قوله في بيان: “خلال اعتقالهم أبدى الإرهابيون مقاومة مسلحة لضباط جهاز الأمن الفدرالي الروس ونتيجة لذلك تم تحييدهم بإطلاق النار في المقابل، عثر على أسلحة نارية وذخائر إضافة إلى مكونات لتصنيع عبوات يدوية متفجرة وتم ضبطها”، وكشف أن المسلحين أعضاء في الفرع الأفغاني لتنظيم “داعش-خرسان” من دون أن يحدد جنسياتهم.

وفي اليوم نفسه، 7 مارس الجاري، أصدرت السفارة الأمريكية في موسكو تحذيراً لمواطنيها من الذهاب للمسارح والتجمعات، وهى مؤشرات في مجملها تؤكد أن قيام تنظيم “داعش-خراسان” بعملية في روسيا كان احتمالاً مرجحاً بشكل كبير، على نحو قد يعرض أجهزة الأمن الروسية لانتقادات وضغوط شديدة في الفترة القادمة.

لقد طرحت العملية الإرهابية دلالات عديدة على النحو التالي:

تأتي العملية الإرهابية بعد نجاح القوات الروسية وبعد الإطاحة بالتنظيم في سوريا، وقد كان الدور الروسي له الإسهام الكبير في تدمير خارطة الدواعش هناك… وفي منطقة أفريقيا أيضا ربما يرجعنا ذلك الى امتعاض الرئيس الفرنسي حينما قال “روسيا” داست على ذيل فرنسا في أفريقيا”

فبالتعاون مع حكومة مالي، في القضاء على أكثر مناطق التنظيم نفوذاً بالإضافة إلى تعاون القوات الروسية مع دول منطقة الساحل الأفريقي في محاربة التنظيم، حيث كان لهذا التعاون الروسي مع دول الساحل وخصوصاً مالي وبوركينافاسو والنيجر دور أساسي في تحجيم نشاط التنظيم على نحو يمكن القول معه إن العملية الأخيرة في موسكو مثلت، في جانب منها رداً على نجاح الدور الروسي في مكافحة التنظيم بمنطقة الساحل الأفريقي.

هذا و يسعى التنظيم عبر العملية الأخيرة في موسكو إلى إثبات النفوذ بعد سنتين من التراجع الحاد في نشاطه داخل دول الارتكاز المختلفة.

المكنى بالمهاجر هو مرشح التنظيم للزعامة يبذل جهوداً حثيثة من أجل إثبات قدرته على تولي مسئولية مكتب داعش، وهو هدف يكتسب أهمية خاصة بالنسبة له، لا سيما أنه أحد المرشحين لتولي مسئولية إدارة الولايات البعيدة بل إنه أحد المرشحين الثلاثة الأقوى في التنظيم لتولي الخلافة، نظراً لكونه عربياً عراقياً مولوداً في أفغانستان وهو ما يجعله يجمع بين العديد من العوامل الموضوعية للترقي في بنية التنظيم في ظل رحيل الزعيم الأول المؤسس (الزرقاوي)

 يعتبر شهاب المهاجر واحداً من العناصر القديمة في التنظيم، ووصفة التنظيم في بيان رسمي بكونه قائداً عسكرياً متمرساً وواحداً من “الأسود الحضرية” لداعش في كابول والذي شارك في عمليات حرب العصابات والتخطيط لهجمات انتحارية معقدةوهو ما يشير إلى أن العملية في قسم منها، كان لها طابع شخصي يحقق مصالح ذاتية لقائد داعش خراسان الجرأة، قوة الاختراق، البشاعة والوحشية، فإذا كان هو الرقم واحد المفتش عنه دوليا فأن روسيا تبحث عن الصندوق الأسود… الجهة الدولية التي إنتدبت داعش للقيام بهذه العملية.

يمكن القول إن العملية الإرهابية التي وقعت في موسكو سوف تكون إحدى العمليات التي ستدفع التنظيم ومسار مكافحة الإرهاب بشكلٍ عام نحو مسار مختلف عما يجري في المرحلة الحالية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق