تقسيم ليبيا:السيناريو الأخطر على ليبيا والمنطقة
طرابلس-ليبيا:12-2-2020:زهور المشرقي
يبدو أن سيناريو تقسيم ليبيا هو الهدف الإستراتيجي لبعض الدوائر الغربية، بديلا عن الصراعات والفوضى الحاصلة، إذ يُلاحَظ أن هناك ما يشبه قانونا يحكم أدوات الفوضى على الخارطة الليبية، وأهم ما فيه هو تحديد مجال الحركة وحتى وإن استطاع أحدهم كسره سُرعان ما يعود إلى حيث حُدّد له.
ومنذ أن سادت الفوضى في ليبيا سنة 2011 بتدمير حلف الشمال الأطلسي مقوماتِ الدولة الليبية بالتدخل العسكري الذي استمر قرابة 7أشهر من نفس العام، الأمر الذي أفسح المجال أمام ظهور ميليشيات مسلحة وسط انتشار خطير لملايين قطع الأسلحة في أيدي عابثين وجهلة تمكنوا من الإجهاز على كل مقدرات الليبيين سياسيا واقتصاديا ومعيشيا، بدون أي رادع، اشتدت حدة الأطماع الخارجية وبدت الظروف سانحة لظهور مخططات والتقسيم والهيمنة من جديد.
هذا الوضع المتأزم الذي أوصلت إليه الميليشيات الإرهابية ليبيا، إلى جانب السعي التركي إلى احتلال مواقع لها سواء مباشرة أو عبر إرسال المرتزقة المرتزقة،جعل من الخيارات المطروحة أحلاها مرّا خاصة في ظل تعمّق أطماع الدول الغربية في الكعكة الليبية من ناحية الثروات الطبيعية وصراع إعادة الإعمار.
وفي حديث لصحيفة (ستراتيجيا نيوز)قال الخبير في الشأن الليبي، تميم علي، اليوم الأربعاء 12 فبراير2020، إن الإنقسامات القبلية في ليبيا شكّلت حقيقة واقعة منذ الإحتلال الايطالي سنة1911 بعد أن انتزعوها من تركيا، وحتى العام 1943 حين خسروها لصالح البريطانيين.
وقد استخدمت إيطاليا تلك الإنقسامات لصالحها منذ أوائل العام 1928، حين هزمت قبائل المغاربة وآخرين ممن قاتلوا الجيش الإيطالي، وقبل ذلك قاتلوا بعضهم البعض.
وأضاف، مستشهدا بمقولة الفيلسوف الألماني كارل ماركس” إن التاريخ يعيد نفسه في شكل مهزلة”، مشيرا إلى أن هذا هو واقع الأزمة والحال في ليبيا وكأنها بلد محتل تسعى قوى دولية فاعلة إلى تقسيمه،وذكر أنه مع استمرار الإقتتال حول العاصمة طرابلس طفت على السطح بعض المقترحات لدى فاعلين سياسيين وعسكريين تتبنى إعادة إحياء ومناقشة “سيناريو التقسيم ” السيناريو الأسوأ على الإطلاق في تاريخ هذا البلد.
وذكّر محدثنا باجتماع إحدى الدول الأوروبية في مايو 2019 بخصوص الأمر بحضور شخصيات سياسية بحكومة السراج.
من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي،علي عليان، في تصريح لصحيفة (ستراتيجيا نيوز) اليوم الأربعاء: “أشم رائحة مؤامرة خطيرة لتقسيم ليبيا، كما حدث عقب الحرب العالمية الثانية..كان المخطط يومها أن تحتل بريطانيا المنطقة الشرقية من ليبيا، وتحتل إيطاليا المنطقة الغربية، وفرنسا المناطق الجنوبية، وقد تصدّت جمهورية مصر العربية لهذا المخطط للإبقاء على ليبيا دولة واحدة، والآن يتكرر نفس السيناريو ولكن بأبطال آخرين أبرزهم من الأتراك.
وتابع عليان: إن المخطّط التركي لتقسيم ليبيا يدرس اليوم واقعيا ، ويستهدف تشتيت الشعب الليبي وتقسيم ونهب ثرواته والإستيلاء مجدّدا على مقدراته.
وأضاف:”إن كل بيدق في اللعبة الليبية تحركه اليوم قوى دولية وفق قانون الفوضى الداخلية الهادف إلى تثبيت التقسيم،علما بأن تدويل القضية الليبية كان هدفا صهيونيا أساسا، فالتدويل في ظل الصراع الدولي وإعادة تشكيل خرائط السيطرة والنفوذ يعني لا حل إلا بتقسيم ليبيا وفق مصالح القوى المُتصارعة”.
أما الباحث السياسي والكاتب أحمد عطا، فيرى أن تركيا تراهن علي الوقت لتحقيق سيناريو تقسيم ليبيا وهو آخر الإختيارات بالنسبة لأنقرة إذا ما فشلت عسكريا خاصة.
وكان عطا قد أكّد في حديث مع قناة الغد الإخبارية قبل عدة أيام، أن أنقرة الآن تحقق على الأرض في ليبيا أولى خططها المتمثلة في سياسة التتريك وتجنيس العناصر من بقايا العثمانيين بموافقة وترتيب مسبق من حكومة السراج ووزير داخلية الميليشيات التركي الأصل.
وتابع أحمد عطا يقول:لهذا صعدت أنقرة من وتيرة العمليات العسكرية في إدلب لتحقيق مجموعة من الأهداف لتخفف عنها الضغوط الدولية بالنسبة لتدخلها في ليبيا وتريد أن تضع روسيا في وضع مساومة أدلب في مقابل طرابلس.
وختم بالقول:” أما عن التهدئة من خلال ما أسفرت عنه مجموعة خمسة + خمسة، فهي تصب في صالح أنقرة وليس في صالح الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، لأن هناك معالجات عسكرية تتم الآن لصالح الميليشيات التركية التي نزلت بالفعل على الأراضي الليبية ويتم الآن شرعنتها بشكل رسمي..
أما عن تقسيم ليبيا فهذا درب من دروب الخيال ربما تكون نهاية أنقرة العسكرية إذا فكر في عملية التقسيم،حسب تأكيد محدثنا. في ذات الإطار كشف مصدر مطلع لاستراتيجيا ،عن تحركات لبعض الدول منها إسرائيل وتركيا تهدف إلى دعم مشروع التقسيم في ليبيا.
وأكد المصدر أن التدخل التركي في ليبيا يهدف إلى السيطرة على الغرب الليبي واستقلال إقليم طرابلس والسيطرة على غاز المتوسط، وأن تركيا أرسلت عشرات الآليات إلى ليبيا وبالتحديد إلى مصراتة في إطار بناء القاعدة العسكرية التركية هناك لفرض سيطرتها ودعمها للميليشيات في الغرب الليبي.
وأشار إلى أحد السيناريوهات التي يتم العمل عليها الآن لتغذية فكرة التقسيم هو الحديث عن تقسيم الثروة على أربعة أقاليم،على خلاف المتعارف عليه أن ليبيا كانت ثلاثة أقاليم قبل توحيدها، وأن هذا السيناريو يفتح الباب أمام طرح فكرة التقسيم الجغرافي في ظل التقسيم السياسي الحاصل منذ 2011.
وأوضح المصدر أن تحركات البعثة الأممية في الفترة الأخيرة تثير علامات استفهام عديدة، خاصة أنها تحاول شق الصف من خلال التواصل مع أعضاء البرلمان بشكل فردي للمشاركة في مؤتمر جنيف وفي المسار الإقتصادي، وهو ما يعزز فكرة السعي إلى زيادة حدة الإنقسام التي تتوازى مع مخططات التقسيم.
المصدر ذاته أوضح أن بعض العوامل تقف أمام عملية التقسيم أهمها سيطرة الجيش على مساحة واسعة من الأراضي الليبية، خاصة أن تحركاته جاءت لقطع الطريق على عملية التقسيم التي كانت تلوح في الأفق، أما العامل الثاني فيتمثل في قوة ومساندة دول الجوار لمنع تنفيذ المخطط خشية أن ينتقل الأمر إليها حال نجاحه في ليبيا.
ولكن يبقى السؤال : أمام أجندة الخارج وهشاشة الداخل وعجز الدول العربية، ما هو دور القوى الوطنية في المغرب العربي خاصة لإنقاذ ليبيا وإنقاذ المنطقة من المصير القاتل، والعمل على مساعدة القوى الوطنية الليبية الرافضة لسيناريو التقسيم والتي تقبع معزولة من دونِ سَنَدٍ خارجي؟