بدرة قعلول: محاربة الفساد الذي نخر دواليب الدولة يتطلّب صبرا والرئيس سعيّد أنقذ البلاد من مخططات دموية
تونس-12-1-2022
قالت الدكتورة بدرة قعلول رئيسة المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية الأمنية والعسكرية في لقاء مع قناة الجنوبية، ،إنّ هناك الكثير من التغييرات التي طرأت على البلاد ما بين 25 من يوليو وما بعدها، حيث تعتبر قرارات تصحيح المسار المنحرف الذي طال الدولة التونسية أمرا حتميا وجب اتخاذها، بعد أن تمّ انتهاك حرمة مصير الشعب التونسي خلال ما أسميته بـ “العشرية السوداء”، إذ تمّ تدمير كافة المكتسبات الدولة التونسية بطريقة ممنهجة وكبيرة.
وأفادت قعلول بأن مجموعة معيّنة قد برزت مدّعية أنّها تبحث مصلحة الوطن لإنقاذ الإسلام الطي يحدّق به ‘الخطر’ وفق تقدير تلك الجماعة، رافعة شعارات دينية،يعلمها جيّدا الشعب التونسي ، جماعة اقتحمت تونس بمنطق الغنيمة لتدمير الدولة مستغلة شعار التعويضات ، وكان هدفها التغلغل داخل مفاصل الدولة عبر تعيين الأسماء التي تنقصها الكفاءة لإدارة البلاد والتي ليس لها علاقة بمؤسسات الدولة وذلك بسياسة ممنهجة.
وأردفت، “لقد تمكنت هذه الجماعة من بسط أياديها على مؤسسات السيادة في تونس بطريقة خطيرة لتسهيل عملية التحكم في مقدرات البلاد والشعب، وتمكنت من تدميرها، وكلّ هذه الألاعيب المحبوكة كانت تروّج لها على أساس أنها تتنزّل تحت شعار “الديمقراطية والشعب يريد”، حيث ما انفكت ترفع شعارات تنادي بالديمقراطية الواهمة كانت على قياسه”..
وتابعت، “لقد كانت العشرية السوداء خير دليل على بهتان جماعة الإخون المتغطية بستار الدين، وفي عهد الإخوان تفاقمت نسب البطالة وارتفعت بأكثر من 40% في تونس وهذه النسبة تعتبر مفزعة جدّا، ولا ننسى الأزمة الاقتصادية التي خنقت البلاد، ونحن اليوم نعلم حجم المديونية للبلاد التونسية، وفي خضم الوضع الخانق الذي تمرّ به البلاد وجدناهم يطالبون بالتعويضات التي كانت النقطة التي أفاضت الكأس”.
وأضافت، “لقد كانت تونس رهينة عصابة تحكمت ومافيا ترتدي غطاء سياسي، واكتشفنا بالواضح أن البلاد كانت تحت حكم مافيا، إذا ما بقينا نشخّص العشر سنوات الماضية سيطول الشرح لتعدّد التفاصيل التي كانت برهانا على فشل المتحكمين في البلاد”.
واعتبرت الدكتورة قعلول إن قرارات الـ 25 يوليو هي السبيل لتصحيح مسار الدولة، وفي الأساس كانت فحوى هذه القرارات نابعة من المطالب الشعبية المستمرّة والنداءات الموجّهة لرئيس الجمهورية بتفعيل الفصل 80 من الدستور.
وأكّدت بدرة قعلول انه في صورة لم يتخذ الرئيس تلك القرارات كان من الممكن أن تنحرف البلاد إلى “حمام دمّ”، وستكشف الأيام والتاريخ ما كان المخطط الذي سيفعلونه ليلة الخامس والعشرون من يوليو، والحديث هنا لا يتعلّق بعملية إرهابية كما تعوّدنا بل هو أبعد بكثير وأعنف من ذلك.
ووصفت قرارات الرئيس قيس سعيد بالتاريخية، إذ تحمّل الرئيس تبعاتها ومسؤوليتها على عاتقه في سبيل النأي بتونس من سيطرة أخطبوط الإخوان ومستنقع الفساد الذي استشرى في البلاد جرّاء حكمهم، قائلة، “خلال عشرية حكم الإخوان أصبحنا نتحدّث عن “الدولة العميقة” داخل الدولة، التي نراها اليوم تصارع جاهدة للعودة إلى الحكم بشتى الطرق ولكن أعتقد أن لا مجال لعودة الاخوان والنهاية باتت واضحة المعالم حيث أنّ أيام الإخوان باتت صفحة من الماضي”.
وتعتبر قعلول ان تونس تسير في المسار الصحيح.
وتابعت، ” أصبحنا نتحدث عن حروب الجيل الرابع؛ الدعاية السوداء وحروب مرتزقة الإعلام، حيث تتم دعوتهم من الإعلام لتمرير الأكاذيب والادعاءات في مسعى منهم لاقناع الناس و”استغبائهم”، هذا ما يسمّى بصناعة الغباء، وقد أكّد التاريخ عن نجاح هذه الصناعة خلال العشرية السودا”ء.
وأفادت بأن جائحة كورونا كشفت العجز الواضح لحكم الإخوان وعرّت حقيقة وهن المنظومة الحاكمة.
واعتبرت قعلول إن الفساد أسهل من البناء ، والمؤكد أنه لا توجد عصا سحرية بإمكانها تغيير الواقع في تونس بين ليلة وضحاها، ولا يمكن القول أنّ الأمر مستحيل بل يتطلب القليل من الوقت،والإرادة هي المحرّك الأساسي للتقدّم بتونس.
وأكدت ان الحكومة الجديدة مقبلة على وكر من الفساد ولا يمكن البدء في البناء دون التطهير من المندسين ومن الأذرع التي زرعها النظام الإخواني في مفاصل الدولة.
وتابعت، “من المؤكد أنّ الحكومة الجديدة برئاسة السيدة نجلاء بودن لديها من الإرادة ما يكفي لإنقاذ البلاد حتى ولو استغرقت المهمة القليل من الوقت لكن طالما هناك إرادة وطنية وحكومة تبحث عن مصلحة تونس بلدا وشعبا “فلا بدّ أن يستجيب القدر”.
و فيما يتعلّق بوضع نورالدين البحيري تحت الإقامة الجبرية، علقت المتحدثة، “لقد أخذ هذا الموضوع حيزا كبيرا فالبلاد تمر بحالة استثنائية وحالة طوارئ، وعملية وضع البحيري تمت وفق اجراءات قانونية، المشكل اليوم يتمحور حول عدم إدراك الاخوان أنهم فقدوا الشرعية والموالاة التي حشدت آلاف المناصرين وأنهم أصبحوا رهن قفص الاتهام في العديد من الملفات، والبحيري يعتبر الصندوق الأسود لحركة النهضة، ما جعلهم يستميتون خوفا وجزعا مما قد تؤول إليه الأمور بعد وضع البحيري تحت الإقامة الجبرية، البلبلة التي أثارتها الحركة ليس لها مبرّر فالقانون يأخذ مجراه بطريقة أو أخرى لكن هذه المرّة لن يكون الستار الذي يحتمون فيه ككلّ مرّة.
وتحدثت الدكتورة بدرة قعلول عن الهرسلة التي تعرّض لها لقضاء وحملات الترهيب، في عهد مسك المدعو نور الدين البحيري لوزارة العدل متسائلة عن التخقيقات لتي فتحت بخصوص رابطات حماية الثورة، وعن شبكات التسفير التي زج فيها شباب تونس للالتحاق بجبهات القتال في سوريا والعراق .
وانتقدت قعلول الحملات الشعواء التي تتباكى عن الديمقراطية، مشددة على ان العشرية السوداء لم تكن سلاما ولم ينعم فيها التونسيون بالديمقراطية بل تعرض كل من عارض جماعة الإخوان المتأسلمة إلى الهرسلة والتشكيك.
ولفتت الخبيرة الإستراتيجية إلى إن شعار الإخوان الذي بدأ مع حملات الإسلام في خطر وصولا إلى التباكي على ديمقراطية شكلية شكلت على مزاجهم لم تعد تنطلي على التونسيين، مشيرة إلى إن من تقلدوا مقاليد الحكم عشر سنوات كانت مهمتهم تدمير البلد وإفلاسه.
وأردفت، ” الإخوان لا يعيشون إلا في الخراب، وتعودوا على العيش في السرية وسط المؤامرات، واليوم يكفي خرابا ويكفي عبثا بالدولة وبمقدرات الشعب التونسي”.
وتطرقت الدكتورة قعلول إلى قضية البغدادي المحمودي وتلك الطريقة المهينة التي تم تسليمه بها للمليشيات في ليبيا ، مشددة على إن من ارتكب ذلك الجرم في حقه وجب محاسبته حتى يعيد الاعتبار له أولا ولكرامته التي مُسّن ولصورة تونس في الخارج بعد أن تمّ التنكيل بها في فترة الترويكا التي بدأت عشرية الخراب الممنهج في تونس .
ولفتت إلى ان البغدادي سيقاضي من قام بتسليمه برغم انه كان لاجئا سياسيا وجب حمايته لا بيعه مقابل ملايين الدولارات للمليشيات.
وتساءلت قعلول في حوارها عن الهبة الصينية التي إلى اليوم لم يعرف الشعب التونسي مآلها وعن غيره من الملفات التي تم اتلافها م قبل الجماعة التي تمكّنت من الدولة التونسية.
ودعت قعلول إلى الالتفاف من أجل مصلحة تونس وتنظيم تظاهرات تونسية كبرى للتصدي لتلك الاشاعات التي تروج كون تونس بلد غير مستقر ويعيش حالة من الافلاس، لافتة إلى إن تونس في استقرار وأمان وإعادة حب الحياة لتونس والتونسيين.
وأكدت لن ماتعيشه تونس من وضع اقتصادي صعب وتردي في المعيشة وتراجع المقدرة الشرائية للتونسية هو ثمرة حكم جماعة الاخوان ولم يأتي بها الرئيس قيس سعيّد خلال فوزه بالرئاسية، بل هي نتائج عشر سنوات من الخراب والدمار الممنهج .