إفريقيا

تونس:صراع الإرادات يُفاقمُ الأزمات

تونس-تونس-18-2-2020زهور المشرقي

تستغلُّ بعض الأطراف السياسية في تونس، الأوضاع الصعبة في البلاد للتغول أكثر، وتسعى إلى الإستئثار بأكبر قدر من مكونات الحكومة المنتظرة. الكل يسعى إلى التغلغل في صلب مؤسسات الدولة ويسعى إلى بسط نفوذه،في حسابات يتضح بُعدها عن هموم أعلب شرائح المجتمع التي تعاني من الغلاء والبطالة والتهميش .

تغوّل بعض الأحزاب ومن بينها أحزاب”الإسلام السياسي” لافت في المواقف المتعددة متسترة بالشعارات الدينية لكسب الشارع وحجز مواقع لها في الحكم والتحكم.

إلا أنه مع مرور الأيام،تنكشف أمام الشعب حقيقة المنطلقات والممارسات والأهداف التي يسعى إليها أقطاب “الإسلام السياسي” مما خلق صحوة تمثلت في تراجع نسبة الثقة فيهم وفي أطروحاتهم، وقد تجلى ذلك واضحا منذ انتخابات 2011 مرورا بتلك التي جرت في 2014 وصولا إلى الإنتخابات التشريعية الأخيرة في السادس من أكتوبر الماضي،حيث تفيد الأرقام بأن مليوني ناخب عام 2014 صوتوا للنهضة بينما تراجع المصوتون لها في عام 2019 إلى 900 ألف صوت فحسب، ما يظهر الغضب الكبير الذي تسرب إلى صفوف قواعد الحركة وتشتتهم بين أحزاب أخرى وقائمات مستقلة شبيهة بهذه الحركة الإسلامية على غرار ما يعرف بائتلاف الكرامة الذي يتزعمه سيف الدين بن مخلوف.

رئيس حركة “النهضة” راشد الغنوشي، الذي يترأس حاليا البرلمان، أقرّ ذات يوم بتراجع شعبية حركته مؤكدا أن السلطة عامل “تهرئة”.

كل الطرق المؤدية إلى سقوطها مفتوحة وأغلب المسالك التي اعتمدتها في التغوّل أضحت وعرة بفعل تنامي الوعي الشعبي، وكذلك أمام الوقفة الحازمة للرئيس التونسي قيس سعيد أستاذ القانون الدستوري،للتصدي لكل محاولات التغول والإلتفاف على مسارات الدولة ومقوماتها ودستورها.

علما أن الدستور الذي تبحث فيه النهضة عن باب للتأويل هي التي كتبته عام 2013 ولطالما روّجت أنذاك إلى أنه” دستور توافقي هوالأفضل” في العالم!

ولكن كلما تغيرت موازين القوى باتت تبحث عن باب التأويل للخروج من وضع تعتبره لا يتماشى مع المرحلة الحالية التي تمر بها.

الرئيس سعيّد يقف اليوم وجها لوجه أمام الغنوشي ساهرا على تطبيق الدستور وحاميا للدولة ، حيث أشار إلى إمكانية حل البرلمان وإجراء انتخابات نيابية مبكرة في صورة عدم حصول حكومة رئيس الوزراء المكلف إلياس الفخفاخ على ثقة البرلمان.

وأفاد سعيد، بأن تونس فوق الصفقات التي يتم إبرامها في الظلام، في أعقاب إعلان حركة “النهضة” سحب وزرائها من الحكومة المقترحة.

موقف سعيد زاد من غضب الحركة الإسلامية التي وّزعت قياداتها على كل البلاتوهات التلفزية لإظهار خوفها المصطنع على مستقبل البلاد ومن سيناريو حل البرلمان وتطبيق الفصل 89 من الدستور.

ويبدو أن تمسك حركة النهضة بتشكيل حكومة وحدة وطنية هو موقف مكشوف حيث تحاول جذب أحزاب إلى جانبها، فضلا عن تمسك الحركة بشروط منحها ما تريده من حقائب وزارية، متناسية تغليب المصلحة الوطنية خاصة مع قرب انتهاء الآجال الدستورية لتشكيل الحكومة.

النهضة لا ترى في الصلاح إلا مصلحتها، ومصلحة بقائها في الحكم وإمساكها بزمام الأمور..

وسعيّد لا يرى في الصلاح إلا حلّ البرلمان وتغيير نظام الحكم المعطل للدولة بتنقيج الدستور.

وتحتاج حكومة الفخفاخ إلى الحصول على ثقة 109 نواب (الأغلبية المطلقة) لكي تتمكن من المرور وممارسة عملها، وفي حال فشلت في نيل الثقة، سيضطر رئيس الجمهورية إلى اللجوء إلى الفصل89.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق