أخبار العالمبحوث ودراسات

الإتفاق النّووي الايراني الامريكي و الاستفزاز القائم

إعداد:صبرين عجرودي

لا يمكن عدم الإعتراف بقوّة وجرأة الطرف الإيراني في المفاوضات الرّامية للعودة إلى الإتفاق النّووي، فرغم العقوبات المفروضة عليها من الولايات المتحدة الامريكية إلاّ انها تسير بخطى ثابته دون التّراجع عن مواقفها مستغلة بذلك المصالح المتعددة  للدّول السته من العودة الإتفاق.

و لا تخوض ايران محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهو موقف تعبر عنه لعدم رفع الأخيرة العقوبات، لذلك فإن الإتحاد الأوروبي يحتل موقع الوسيط في المحادثات التّي انطلقت في عاصمة النمسا.

محادثات فيينا : بين النّجاح و الفشل

تتمحور جهود أمريكا والاتحاد الأوروبي حول الوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف، و هو العودة إلى الإتفاق مقابل التزام ايران بتعهداتها المنصوص عليها  ضمنه و رفع امريكا العقوبات الإقتصادية، و تأتي مساعي أوروبا تحديدا على خلفية مصالحها الاقتصادية التّي حتما ستحقق من العودة إلى الإتفاق.

و وصف السّفير الرّوسي ” ميكائيل أوليانوف ” الى أنّ المحادثات الأوليّة القائمة في فيينا تُعتبر ناجحة كما أفضت إلى تشكّل لجنتين من الخبراء من اجل التّخطيط للإنطلاق في الإجراءات العملية، و يجدر الذّكر أنّ المحادثات حول برنامج العودة إلى الإتفاق النّووي لن تؤدي في فترة قصيرة  إلى الوصول إلى حل كما أنّها تتطلّب مسارا طويلا من النقاشات الأخرى والإجراءات، ولكن بمجرّد مبادرة كل الأطراف  بالخوض في هذا النّقاش تعتبر خطوة جيدة وتعبيرا منهم إلى سعيهم فعليا للوصول إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف.

أمّا المتحدث باسم الخاريجية الأمريكية ” نيد برايس ” أشار إلى أن المفاوضات لن تكون بذلك القدر من السهولة خاصّة مع السياسة التي تتبعها ايران في التشبث والإستفزاز.

خطوة استفزازية غير مسبوقة من ايران

في هذا الصدد، إيران مصرة على عدم التنازل والتشبث بموقفها حتّى تتمكّن من تحقيق القدر الأكبر من مصالحها مستغلة موقعها داخل المفاوضات، وذلك لا يتوافق مع تصريح المتحدث باسم الحكومة الإيرانية “علي ربيعي” الذي أقرّ بأن إيران مستعدة للإلتزام بجميع بنود الإتفاق إذا ما رفعت الولايات المتحدة العقوبات المسلطة عليها.

إذ أنّ إيران قامت بخطوة استفزازية غير مسبوقة قامت خلالها بترفيع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 60 % ويسمح لها ذلك بصنع الأسلحة النووية، بينما الإتفاق المنصوص عليه لا يسمح لها إلا يتخصيب 3.67 %، وقد كان ذلك على خلفية الإنفجار الذي حدث في “منشأة نطنز النووية” والذي اتهمت فيه ايران فورا إسرائيل معتبرة انه هجوم إرهابي وأنّها ستتخذ إجراءات في ذلك، ويعتبر ترفيع اليورانيوم حركة استفزازية لإثارة مخاوف إسرائيل، خاصّة وأنّ هذه النسبة تقرّب ايران من الوصول إلى يورانيوم نقي بنسبة 90 % بالتالي صنع قنبلة نووية، وتستبعد ايران هذه الفكرة من برامجها لكنها تُعتبر كرد فعل على الأعمال التي تتهم بها إسرائيل.

بالعودة إلى القرار فإنه كان بعد يومين تحديدا من عملية الإنفجار الذي قضى على محطة توليد الطاقة في المنطقة، وتعتبر ايران أن إسرائيل المسؤول الرّئيسي وراء ذلك لسعي الأخيرة وتعهدها بكل جهدها على منعها من صنع قنبلة نووية أي أنها سوف تسعى لإعتماد جميع الطرق حتى لا تتمكن إيران من تخصيب سوى 3.67 % ، لذلك فإنّ إسرائيل متخوّفة قدر الإمكان من تنازل الدول السته عن بعض البنود لإيران إذا ما تمّ العودة إلى الإتفاقية.

اماّ عن موقف الولايات المتحدة فهي على اتفاق وثيق بإسرائيل فيما يخص نسبة تخصيب اليورانيوم وتعتبر أنّ مسارعة ايران بالقيام بهذه الحركة هو ” تطفّل ” وحركة غير موزونة تمام خاصة وأن جميع الأطراف بصدد النقاش للوصول إلى الحل، ومع ذلك فإن الولايات المتحدة متشبثة بالمحادثات لتسوية الوضعية وإخراج الإتفاق من طور الجمود.

وقد عبرت فرنسا عن مخاوفها فيما يتعلّق بالقرارات السّريعة التي تتخذها ايران والتّي تقف حتما كحاجز أمام العودة إلى الإتفاق الذي يحقق مصالحها، لذلك فهي تسعى إلى وضع حدود للقرارات الإيرانية في زيادة نسبة التخصيب.

من جهة اخرى، شُنّ هجوم على سفينة إسرائلية ( هايبيريون راي ) متواجدة في الخليج مطلة على سواحل الإمارات لكنّها لم تتعرّض لأضرار جسيمة، وتتهم إسرائيل ايران في ذلك على خلفية إعلان الأخيرة انّها ستنتقم لإنفجار نطنز، خاصّة وأنّ الهجوم قد حدث بعد يوم من الإعلان.

في نفس السياق صرّح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف انّ ايران ستعمل على تطوير المنشأة المتعرّضة للهجوم وذلك بتعويض أجهزة الطرد المركزية القديمة بأخرى أكثر تطورا وستخصّص لذلك ما يناهز 1000 جهاز كما ستزيد قدرة تخصيبها إلى ما يقارب 50 %.

جمود الإتفاق

ساهم الهجوم في توتر الأوضاع بين ايران وامريكا ويعود ذلك إلى القرار الإستباقي الذي اتخذته فيما يخصّ زيادة نسبة التّخصيب، وتصف الاخيرة أمريكا بأنها حليف إسرائيل وتشاركها في أعمال العنف المرتكبة، لكن الولايات المتحدة تصرّ على أنّ لا علاقة لها بما حدث كما تضيف أنذه ليس لها أي مصلحة من أعمال التخريب خاصة وأنها تريد الوصول إلى حل يمكنها من رفع العقوبات مقابل تقيد ايران بالشروط.

المقصود هنا انّ أمريكا لن تعتمد سياسة اندفاعية مع ايران وذلك حتى تصل إلى هدفها في تحقيق التّفاهم، كما عبّر جو بايدن عن استياءه من اندفاع ايران نحو ترفيع التخصيب في الوقت الذي تسعى جميع الأطراف إلى الوصول إلى غاية التزام ايران ب 3.67 % ليتمّ رفع العقوبات عليها، و قرار ايران لن يزيد إلاّ من جمود الإتفاق.
وعلى إثر الحركة الإستفزازية لإيران أقرّت إدارة جو بايدن بأنّها لن تتنازل ولن تتمكن ايران من بسط سيطرتها والنجاح بممارسة ضغوطها لحثّهم على رفع العقوبات، وهي بذلك لن تزيد إلاّ الطين بلّة وتعكّر صفو المحادثات التّي لازالت قائمة في فيينا وفي هذا الإطار صرّح مستشار البيت الأبيض للأمن القومي جيك ساليفان  بانّ “الولايات المتحدة الأمريكية لن ترفع العقوبات المفروضة على ايران في حالة لم تتقيّد الاخيرة بالبنود المنصوص عليها ضمن الإتفاق ” .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق