إفريقيا:قفازات أردوغان الناعمة تغطي مخالب من حديد سامة
إفريقيا-15-7-2020
يعتبر عديد الخبراء أن غزو تركيا لإفريقيا شبيه بتقسيم كعكة إلى قطع صغيرة، بعضها للإستهلاك الفوري، فيما تحفظ البقية إلى حين حدوث أي أزمة أو حرب أو حتى كارثة طبيعية، فتكشر عن أنيابها لابتلاعها بشتى الطرق.
تقول(العين الإخبارية) إنها صورة مقارنة تتماهى مع تاريخ الوجود التركي في كامل القارة السمراء، وخصوصا في شمالها أو في بلدان المغرب العربي الخمسة، هناك حيث بدأت مخططات أنقرة بالتجلي والتبلور بشكل أكد أسوأ السيناريوهات المتوقعة لهذه المنطقة.
تسلل الرئيس التركي أردوغان إلى كل من تونس والجزائر والمغرب وليبيا وموريتانيا، تحت عناوين مختلفة، لكن الهدف كان واحدا، وهو استنزاف كل بلد على حدة، أو استخدامه جسر عبور للبلد المستهدف، بحسب ما رصدته (العين الإخبارية) من أحداث متتالية.
ووفق تقديرات مراقبين، بلغت فاتورة استنزاف أردوغان لإفريقيا مبالغ خيالية، موزعة على مختلف أرجاء القارة، من شمالها إلى جنوبها، ومن غربها إلى شرقها، مستندا في ذلك إما على تأجيج الصراعات والنزاعات، أو تحت قناع المساعدات والإستثمارات، أو متخفيا تحت عباءة دعم عسكري كاذب كما يحصل في ليبيا حاليا.
جعل أردوغان من شعار “رابح ـ رابح” مطية فتح بها أبواب استثماراته بالمنطقة والقارة عموما، وزيّف التاريخ واغتصب الجغرافيا، مقدما نفسه “المنقذ” الذي لا يشبه “المستعمر الغربي”، ليتضح سريعا أنه الغازي المحتل الذي زعزع القارة لتحقيق هوسه الشخصي.
وطبقا لمعلومات تقرير مؤشر الإستثمار الخارجي لعام 2019، بمجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي، ارتفعت استثمارات أنقرة في أفريقيا بنسبة 11 بالمئة، لتسجل 46 مليار دولار.
ويستهدف الرقم الوصول إلى 50 مليارا بنهاية 2020، إلى جانب حجم تجارة سنوية تزيد عن 21 مليار دولار، يميل ميزانها التجاري لصالح أنقرة حسب أرقام الإحصاء التركي بفارق كبير يصل إلى 70 بالمئة، ما يفند شعار “رابح ـ رابح” الذي يتبجح به المسؤولون الأتراك في خطاباتهم حول الإستثمار بالقارة السمراء.
الهدف الأساسي من التمدد الإقتصادي الأردوغاني الخبيث في ليبيا هو دعم الإقتصاد التركي المتهاوي، وذلك عبر الإنقضاض والإستيلاء على العوائد المالية للبلد النفطي، من خلال تهريب الأسلحة لحلفائه والمرتزقة.
ويسعى الرئيس التركي إلى زيادة صادراته من الصناعات الدفاعية إلى نحو 3 مليارات دولار، بعد أن بلغت في عام 2018 حوالي 2.2 مليار دولار فقط، وفق تقارير إعلامية.
وبناء على ذلك، وجد في ليبيا الغنية بالموارد الطبيعية، فرصة سانحة من أجل زيادة المبيعات من الأسلحة، وتأجيج الفوضى بما يمكنه من وضع يده على الثروات، إضافة إلى مخططات أخرى للإستفادة من اكتشافات الطاقة في البحر المتوسط، خاصةً في ظل الإخفاقات الكبيرة للإقتصاد التركي.
كما يسعى أردوغان إلى الإستفادة من حلفائه في ليبيا لاقتناص مشاريع البناء المقدرة بحوالي 18 مليار دولار، في إطار ما يسمى “إعمار ليبيا”، وفق أبحاث مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة.
ومن آخر مظاهر الإستنزاف التركي في ليبيا والمتاجرة بآلام الشعوب، بادر أردوغان بعرض جديد لحل أزمة الكهرباء في العاصمة طرابلس، من خلال محطات تركية عائمة قرب السواحل الليبية، مقابل عوائد مالية لا تقل عن مليار دولار سنويا.
عرض خبيث جديد يكشف كيف تحولت أموال الشعب الليبي ومقدراته إلى لقمة سائغة لأنقرة الساعية إلى استنزاف ثروات الليبيين مقابل تواصل الدعم العسكري لمليشيات ما يسمى بـ”حكومة الوفاق”، ويظهر بقوة في أزمة الظلام التي تضرب ليبيا.
في عام 2004، وقع المغرب وتركيا اتفاقا للتبادل الحر، تضاعف بموجبه حجم التبادل التجاري بين البلدين، ووصل في 2016 إلى حوالي أربعة أضعاف ما كان عليه في 2006، محققا 2.8 مليار دولار بعد أن كان لا يتجاوز الـ 70 مليون دولار عام 2006.
تبادل يميل بشكل كبير للكفّة التركية، بحسب تقرير صادر عن وزارة الإقتصاد والمالية المغربية في 2016، أشار إلى أنّ الصادرات التركية إلى المملكة تشكّل نحو 2 مليار دولار.
وفي تونس، شهدت العلاقات التجارية مع أنقرة تطوراً كبيراً وغير متوازن، وذلك منذ توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين في 2004، والتي سمحت بدخول البضائع التركية إلى السوق التونسية بإعفاءات جمركية.
وفي 2017، بلغت قيمة التبادل التجاري بين البلدين نحو مليار دولار أمريكي، بينها نحو 240 مليون دولار فقط من الصادرات التونسية، مقابل 760 مليون دولار من الواردات القادمة من تركيا.
وبسبب هذا التفاوت، قرر البرلمان التونسي مراجعة العمل بالإتفاقية، وفرض رسوم جمركية على 90 بالمئة من السلع المستوردة من تركيا.
أما الجزائر فتعدّ الشريك التجاري الأول لأنقرة في إفريقيا، حيث تأتي بالمرتبة الرابعة للدول المصدرة للغاز إلى تركيا بعد كل من روسيا وأذربيجان وإيران.
وحسب تقديرات رسمية، تمثل صادرات الطاقة نحو 97 بالمئة من جملة الصادرات الجزائرية إلى تركيا، ومن هنا يمكن تفسير أسباب اهتمام أنقرة والجزائر بإبرام 7 اتفاقيات ومذكرات تفاهم في مجالات عديدة، شملت الدبلوماسية والنفط والغاز والزراعة والسياحة والتعليم العالي.
لكن مقربين من الملف التركي الجزائري يرون أن أردوغان يسعى بكل قوة إلى تمرير سمومه ونشر مخالبه بهذا البلد الغني بالغاز، هذا المورد الحيوي الذي فشل الرئيس التركي في الحصول على بديل له في غزوات شرق المتوسط الفاشلة مع مصر وقبرص واليونان.
وفي 2018، طالب أردوغان، خلال اجتماعات مجلس رجال أعمال البلدين، بضرورة رفع حجم التبادل التجاري مع الجزائر من 3.5 مليار دولار إلى 5 مليار دولار كمرحلة أولى وصولا إلى 10 مليار دولار بعد ذلك.
ووفق بيانات الوكالة الوطنية لتطوير الإستثمار في الجزائر، فإن تركيا تتصدر قائمة الإستثمارات الأجنبية بالبلاد حتى الآن.
ويحاول الرئيس التركي السيطرة على الإقتصاد الجزائري عبر 160 شركة موجودة بالفعل في الجزائر تعمل بقطاعات الإنشاءات والصناعة والزراعة والنسيج.
وفي موريتانيا، لا تبدو سياسة أنقرة هناك مختلفة وإن تنوعت الأدوات، حيث تتوغل فيها عبر الشركات التجارية تارة، ومن خلال وقف الديانة التركي تارة أخرى، بذريعة تقديم مساعدات، أو حفر آبار للمياه هناك، واستغلال حاجة الناس وتشكيل جماعات تدين بالمعروف والولاء لها، مع استغلال حاجة الناس للخدمات، وتهيئة البيئة المناسبة لبثّ أفكار متطرفة،والحقيقة هي أن عين أردوغان مصوبة نحو استنزاف ثرواتموريتانيا وخاصة الذهب والحديد.
ووقعت تركيا مع موريتانيا عشرات الإتفاقيات حققت عبرها ارتفاعا في حجم المبادلات بنسبة 6 مرات خلال 10 سنوات.
ومولت أنقرة مشروعا لتأهيل نحو 5 آلاف هكتار في كل من موريتانيا والسودان وإريتريا، بغلاف مالي يصل إلى 3 ملايين دولار، في الفترة من 2018 إلى 2021، ليكون ذريعة للتواجد التركي..