ورشة فكرية بالمركز الدولي تبحث أبعاد مبادرة الحوكمة العالمية للرئيس شي جين بينغ في ظل التحولات الدولية الراهنة

قسم البحوث والدراسات الاستراتجية والعلاقات الدولية وسم انشطة المركز 17-10-2025

نظّم المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية يوم الخميس 16 أكتوبر 2025 ورشة عمل فكرية بعنوان “مبادرة الحوكمة العالمية للرئيس شي جين بينغ: قراءة في أبعادها الإستراتيجية ودلالاتها في التحولات الجيوسياسية الراهنة“، بحضور نخبة من الأكاديميين والخبراء والباحثين من تونس ولبنان والصين والعراق ومصر والأردن والجزائر وفلسطين…
وقد أدارت الجلسة الدكتورة بدرة قعلول، رئيسة المركز، التي أكدت في كلمتها الافتتاحية أهمية هذه الورشة في تعميق الفهم العربي للمبادرة الصينية في سياق التحولات العالمية الراهنة.
افتُتحت الجلسة بتقديم ممثلان عن السفارة الصينية في تونس، عباس ونفيسة، حيث قدّما عرضاً تعريفياً حول مبادئ مبادرة الحوكمة العالمية للرئيس شي جين بينغ، مؤكدين أن المبادرة ليست موجّهة ضد أي طرف، بل تهدف إلى بناء نظام دولي قائم على السلام والتنمية والمصير المشترك للبشرية
وافتُتحت الجلسة بمقر المركز بمداخلة الباحثة بالمركز الدولي للدراسات الأستراتجية الأمنية والعسكرية صبرين العجرودي، بعنوان “من مبادرة الحزام والطريق إلى الحوكمة العالمية: أبعاد رؤية الصين للمستقبل المشترك”.
وقد أبرزت في طرحها الترابط البنيوي بين مبادرات فخامة رئيس جمهورية الصين الشعبية شي حين بينغ الثلاث، مؤكدة أن مبادرة الحوكمة العالمية تمثل الإطار القيمي والفلسفي الذي يترجم مبادئ الصين الخمسة القائمة على احترام السيادة، والمساواة بين الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والتعاون من أجل التنمية، وتكريس المصير المشترك للبشرية.
وأكدّت الاستاذة صبرين العجرودي على أن هذه المبادئ تمثل بديلاً أخلاقياً وسياسياً للنظام الأحادي القطب الذي ساد بعد الحرب الباردة، والذي غالباً ما اتسم بالتدخل والهيمنة وفرض النموذج الغربي على الدول النامية ودول الجنوب بشكل عام.
من جانبه، تناول الدكتور أحمد ميزاب من الجزائر موضوع “الحوكمة العالمية مبادرة من أجل السلم والعدالة العالمية”، مبيّناً أن الصين تطرح تصوراً جديداً للحوكمة يعيد الاعتبار للقانون الدولي والتعاون متعدد الأطراف. وأكد أن المبادرة تنطلق من رؤية واقعية تسعى إلى تحقيق توازن قوى عالمي عادل، يقوم على شراكات تنموية لا على صراعات جيوسياسية.
أما الدكتور رياض الصيداوي، فشدّد في مداخلته حول “استراتيجية الصين في ظل التحولات العالمية: الاقتصاد، السياسة والدبلوماسية” على أن العالم اليوم بحاجة إلى الصين ومبادراتها الإصلاحية، لا العكس. واعتبر أن الصين أثبتت قدرتها على تقديم نموذج للتنمية والانفتاح دون استعمار أو فرض ثقافي، مؤكداً أنها تمثل اليوم قوة بناءة وليست قوة هيمنة.
وقدّم الدكتور جمال وكيم من لبنان عرضاً حول “دور الأمم المتحدة في مبادرة الحوكمة العالمية”، موضحاً أن اهتمام الصين بتفعيل دور المنظمة الأممية يعكس رغبتها في ترشيد العمل الدولي وتعزيز العدالة في صنع القرار العالمي، بعيداً عن منطق احتكار القرار من قبل القوى الكبرى.
بدوره، أشار السفير الفلسطيني السابق في تونس الدكتور فهوم الهايل إلى ضرورة الاستفادة من التجربة الصينية في الإصلاح ومحاربة “المفسيدين قبل الفاسدين”، مؤكداً أن نجاح الصين في تحقيق التنمية لم يكن صدفة بل نتيجة حوكمة رشيدة تقوم على الكفاءة والانضباط والمسؤولية.
واختُتمت الورشة بنقاش مفتوح أثار جملة من التساؤلات حول مستقبل النظام الدولي في ظل التعددية القطبية، وضرورة الاستناد إلى المبادرة الصينية كنواةً لإصلاح المنظومة العالمية.
وأجمع الحضور على أن مبادرة الحوكمة العالمية ليست مجرّد طرح نظري، بل مشروع لإعادة صياغة العلاقات الدولية على أسس العدالة والتكامل بدل الصراع والهيمنة.