هل من بوادر صراع مسلح إقليمي بين دول مجلس التعاون الخليجي؟

فاتن جباري قسم البحوث والدراسات 31/12/2025
تقديم
شكلت الغارة الجوية السعودية على ما قالت إنها شحنة أسلحة في اليمن ترتبط بالإمارات اليوم الثلاثاء أهم تصعيد بين الرياض وأبوظبي حتى الآن. وبعد أن كانتا الركيزتين الأساسيتين للأمن الإقليمي، شهدت العلاقات بين الدولتين الخليجيتين الكبيرتين تباينا في المصالح في كل شيء بدءا من حصص النفط وصولا إلى النفوذ الجيوسياسي.الخلافات الخليجية-الخليجية والتي تجددت مؤخرا بسبب ملف اليمن وعكست تباينا واضحا في المواقف والمصالح ما يفتح باب التساؤلات حيال مستقبل دول مجلس التعاون الخليجي وخطر الإنهيار .
أولا – محطات بين الصدام والإستقرار لدول مجلس التعاون الخليجي
منذ مارس 2015: أطلقتا الإمارات والسعودية تدخلا عسكريا في اليمن لإعادة الحكومة التي أطاح بها الحوثيون المتحالفون مع إيران. قادت القوات الإماراتية العمليات البرية، بينما سيطرت القوات الجوية السعودية على العمليات في الجو.
خلال العام 2017: قادت الدولتان الحليفتان مقاطعة قطر واتهمتا الدوحة بدعم الإرهاب، وهي تهم نفتها الدوحة. وعززت هذه الخطوة التوافق بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد
وفي 2019: سحبت الإمارات قواتها من اليمن وغيرت استراتيجيتها لكنها ظلت تحتفظ بنفوذها عبر المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي، تاركة للرياض مسؤولية الحرب ضد الحوثيين
في سبتمبر 2020: طبّعت الإمارات العلاقات مع إسرائيل بموجب اتفاقيات إبراهيم التي توسطت فيها الولايات المتحدة. وأحجمت السعودية عن السير على خطى الإمارات، متمسكة بإقامة دولة فلسطينية أولا، ما منح أبوظبي قناة دبلوماسية فريدة مع واشنطن.
عام 2021: استضافت السعودية قمة العلا الخليجية لإنهاء الخلاف مع قطر. ووافقت الإمارات على المصالحة على مضض، متخذة موقفا أقل ترحيبا تجاه الدوحة.
تحدت الرياض هيمنة دبي التجارية، وطلبت من الشركات الأجنبية نقل مقارها الإقليمية إلى المملكة بحلول عام 2024 أو خسارة عقود مع الدولة.
في 2024 تصاعد التنافس الاقتصادي. وألغت الرياض الامتيازات الجمركية التفضيلية للسلع القادمة من المناطق الحرة، مما قوض النموذج التجاري الإماراتي. واندلع في الوقت نفسه نزاع نادر في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وعرقلت الإمارات اتفاقا تقوده السعودية وطالبت برفع مستوى الأساس لإنتاج النفط الخام.
خلال 2024 خلال الحرب في السودان، استضافت الرياض محادثات لوقف إطلاق النار لدعم الجيش، بينما اتهم خبراء الأمم المتحدة الإمارات بتسليح قوات الدعم السريع المنافسة، وهو ما تنفيه أبوظبي.
في الثامن من ديسمبر 2025: بلغ التوتر ذروته في اليمن مع سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات على حقول نفط في حضرموت، متجاوزا “خطا أحمر” تضعه السعودية
30 ديسمبر 2025: شنت مقاتلات سعودية ضربة على ميناء المكلا. وقال التحالف الذي تقوده المملكة إن الضربة استهدفت دعما عسكريا خارجيا قادما للانفصاليين، في أول تضارب مباشر بين مصالح الشريكين السعودي والإماراتي
ثانيا -الغارة على الميناء تمثل أكبر تصعيد بين القوتين الخليجيتين
يمكن أن يساعد انسحاب القوات الإماراتية من اليمن بعد الغارة الجوية السعودية على تهدئة المواجهة بين الإمارات والسعودية، إلا أن الواقعة كشفت انعدام الثقة المتفاقم بين القوتين النفطيتين الخليجيتين اللتين طال أمد الخلافات بينهما.
وبعد الغارة الجوية التي شنها التحالف بقيادة السعودية في وقت مبكر من اليوم الثلاثاء على ميناء المكلا جنوب اليمن، انطلقت دعوات إلى سحب جميع القوات الإماراتية من اليمن، كما أكدت السعودية أن أمنها القومي خط أحمر. كما أعلنت الإمارات إنهاء وجودها العسكري في اليمن، بعد توتر علني مع السعودية بشأن دعمها لتحركات المجلس الانتقالي الجنوبي، وطلب المجلس الرئاسي اليمني لأبو ظبي بخروج قواتها العسكرية من اليمن خلال 24 ساعة.
وزارة الدفاع الإماراتية عبرت في موقفها “إن القوات المسلحة الإماراتية أنهت وجودها العسكري في اليمن عام 2019 بعد استكمال المهام المحددة ضمن الأطر الرسمية المتفق عليها”.واقتصر ما تبقى من وجود على فرق مختصة ضمن جهود مكافحة الإرهاب بالتنسيق مع الشركاء الدوليين المعنيين البيان الإماراتي أضاف أنه: “نظراً للتطورات الأخيرة وما قد يترتب عليها من تداعيات على سلامة وفاعلية مهام مكافحة الإرهاب، فإن وزارة الدفاع تعلن إنهاء ما تبقّى من فرق مكافحة الإرهاب في اليمن بمحض إرادتها، وبما يضمن سلامة عناصرها، وبالتنسيق مع الشركاء المعنيين”.بعد الإعلان الإماراتي، عبّر مجلس الوزراء السعودي في جلسة ترأّسها العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، عن الأسف للتصعيد “غير المبرر” في اليمن الذي “لا ينسجم مع جميع الوعود التي تلقتها المملكة من دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة”.وعبّر المجلس عن أمل السعودية في أن تستجيب الإمارات لطلب الجمهورية اليمنية خروج القوات الإماراتية من اليمن خلال 24 ساعة، وإيقاف أي دعم عسكري أو مالي للمجلس الانتقالي الجنوبي وأي طرف آخر داخل اليمن.
المملكة العربية السعودية قالت إنها آسفة إزاء “دعم إماراتي” لقوات المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن واصفة إياه بـ”بالغ الخطورة” وأنه يشكل تهديداً لأمنها الوطني، وذلك بعد وقت قصير من غارة جوية نفّذها “تحالف دعم الشرعية” بقيادة السعودية استهدف ميناء المكلا في جنوب البلاد.وقالت وزارة الخارجية السعودية إن الإمارات مارست ضغوطاً على قوات المجلس الانتقالي الجنوبي لدفعها إلى تنفيذ عمليات عسكرية قرب الحدود الجنوبية للمملكة في محافظتَيْ حضرموت والمهرة.
صراع جديد في اليمن، فوهة حرب جديدة في ظل الخلافات المحيطة بالتحركات الأخيرة في جنوب البلاد، فضلا عن تصريحات الحوثيين التي تهدد أي وجود على أراضي الصومال التي اعترفت بها إسرائيل مؤخرا… .



