هل ستواجه موسكو أنقرة في اذربيجان بعد إستعانة تركيا بالمتطرفين ؟
آخين أحمد –سوريا-9-10-2020
يبدو أن روسيا باتت تشعر بخطر المتشددين الذين إستعانت بهم تركيا في معاركها غير المباشرة ضد ارمينيا في أذربيجان، حيث إعتبرت موسكو أن وجود المئات من المقاتلين السوريين الذين وصفتهم “بالمتشددين” في إقليم آرتساخ “قره باغ” جنوب القوقاز، بأنهم يشكلون تهديداً لها، معبرة عن غضبها الكبير من تركيا باستمرارها نقل عناصر “الجيش الوطني السوري” إلى المنطقة المتنازع عليها.
وفي مؤشر جديد على زيادة الخلافات بين تركيا وروسيا، والتي طفت على السطح، بتهديد تركي جديد للشمال الشرقي من سوريا وإمكانية القيام بعملية عسكرية جديدة هناك، لم تخف موسكو إطلاقاً غضبها الكبير من أنقرة حول إستمرار نقلها وتجنيدها للمقاتلين السوريين الموالين لها للقتال في آرتساخ “قره باغ”.
وأثارت المعارك العنيفة المندلعة منذ الأحد الماضي، حول إقليم ناغورني قره باغ، المتنازع عليه، مخاوف من إندلاع حرب مفتوحة بين أذربيجان وأرمينيا، ما قد يمتد في النهاية إلى صراع آخر بين روسيا وتركيا، وصدام مباشر بين أردوغان وبوتين.
فموسكو ترتبط بتحالف رباعي مع أرمينيا بينما تدعم أنقرة سكان أذربيجان من العرق التركي، ما قد ينذر حال تصاعد الأزمة إلى حرب شاملة بالمنطقة بين القوتين الإقليميتين روسيا وتركيا، بحسب صحف تركية معارضة.
وفي مقابل الفتنة التي إعتمد عليها الخطاب التركي في تلك الأزمة دبلوماسيا وسياسيا، وتوعد أردوغان لأرمينيا، الدولة التي طالما هاجمها على خلفية العداء التاريخي بين الأتراك والأرمن منذ الحرب العالمية الأولى، جاء الرد الروسي هادئا ورصينا يدعو إلى ضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات ومنع التصعيد.
وتقول أوساط سياسية روسية، أن تركيا تحاول نقل أكبر عدد ممكن من “المرتزقة والمتشددين” من شمال سوريا إلى الحدود الجنوبية لروسيا (جنوب القوقاز) لتكون مستقبلاً ورقة ضغط على روسيا لتمرير أنقرة خططها في سوريا وليبيا ودول أخرى في المنطقة، محذرين السلطات الروسية من أن “هذه المساعي يجب أن تواجه بحزم كبير”.
ونقلت وسائل إعلامية روسية، تحذيرات “رئيس المخابرات الخارجية الروسية سيرجي ناريشكين”، من أن الصراع المتصاعد بين يريفان وباكو في إقليم “ارتساخ/قره باغ” يجذب “آلاف المتشددين الإسلاميين الذين يشكلون تهديداً لموسكو”.
ويعتبر هذا التصريح أول حديث روسي رسمي حول أن تواجد هؤلاء المسلحين الموالين لتركيا بأنه يشكل خطراً على الأراضي الروسية، وذلك بالتزامن مع تقارير إعلامية كشفت عن إمكانية تدخل عسكري روسي في آرتساخ لجانب أرمينيا بعد تقهقر قواتها أمام القوات الآذرية بسبب الدعم التركي اللامحدود.
وأكد الخبير العسكري والإستراتيجي يوسف النويري أنه لا يرى في الأفق أي حل قريب، في ظل تمسك طرفي الصراع بمواقفهما، لكنه أشار إلى تفوق أذربيجان العسكري، الأمر الذي يمكّنها بعد فترة من المعارك من تغيير الواقع على الأرض لصالحها، ومن ثم إجبار أرمينيا على الجلوس على طاولة المفاوضات.
النويري ، أكد أن أذربيجان وتركيا لن تقبلا دعوات المجتمع الدولي لوقف فوري لإطلاق النار، من دون أن يتم حسم الموضوع، مؤكدا أن المجتمع الدولي لم يستطع خلال 28 عاما حسم قضية احتلال أرمينيا لإقليم قره باغ الأذري، وأنه رضي بجعل هذه القضية في حالة ركود طوال هذه السنوات، وهو أمر لن تقبله أذربيجان مجددا، فهي حركت المياه الراكدة وتريد حسم هذه القضية.
فيما رأى مراقبون أن قبول وقف إطلاق النار هو الطريق الأسلم لحل هذه المسألة، وبعد ذلك يذهب الطرفان للمفاوضات لحل الخلاف بينهما سياسيا.
وخلفت المعارك المستمرة في قره باغ منذ 10 أيام ما لا يقل عن 286 قتيلا بحسب أرقام جزئية، ويؤكد كل من طرفي النزاع تكبيد الآخر خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، ويتهم كل منهما الآخر باستهداف مناطق مدنية.