هل تخفف المساعي الديبلوماسية سخونة الأوضاع في الخليج؟
في خضم حالة التوتر القائمة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران،تتجمع مؤشرات من هذا الطرف أو ذاك تذكّر بفترة ما بعد التصريحات والتصريحات المضادة والتهديدات المتبادلة بين واشنطن وبيونغ يانغ والتي دفع فيها الطرفان الأوضاع إلى حافة الحرب،ثم حصل ما لم يكن متوقعا من لقاء بين الرئيسين الأمريكي والكوري الشمالي.
هذه المؤشرات توحي بأن حركة دبلوماسية قد تنجح في تخفيف حالة الإحتقان بين أمريكا وإيران،استنادا إلى مساعي يابانية في هذا الإتجاه.
وقالت وزارة الخارجية اليابانية اليوم الأربعاء، إن رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي يعتزم الإجتماع بالرئيس الإيراني حسن روحاني أواخر شهر سبتمبر المقبل في نيويورك.
وأفادت الخارجية اليابانية – وفق ما نقلته وكالة أنباء (كيودو) اليابانية – بأن آبي اتفق مع وزير الخارجية الإيرانى محمد جواد ظريف خلال اجتماعهما في يوكوهاما قرب العاصمة طوكيو، على ترتيب القمة على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وفي مستهل اجتماعهما،قال ظريف إن بلاده “لا تسعى إلى زيادة التوترات” في الشرق الأوسط، وأضاف أن “إيران ترحب بدور الحكومة اليابانية، ومحاولتها لتخفيف التوترات في الشرق الأوسط”.
من جانبه، قال آبي إن اليابان ستواصل جهودها الدبلوماسية للتعامل مع التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط واستقرار الوضع الحالي.
يأتي هذا الإجتماع عقب زيارة ظريف الخاطفة،الأحد الماضي،إلى مدينة بياريتز الفرنسية، مقر انعقاد قمة الدول الصناعية السبع الكبرى، لبحث قضية الملف النووي الإيراني مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
من جهته، قال وزير الخارجية الياباني تارو كونو، خلال اجتماعه مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف إنه اتفق مع هذا الأخيرعلى الإبقاء على اتصالات وثيقة بين اليابان وإيران، اللتين تربطهما تاريخيا علاقات ودية، لتخفيف حدة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد صرّح بأن من الواقعية أن يعتقد بأن لقاءً يجمعه بنظيره الإيراني حسن روحاني قد ينعقد في الأسابيع المقبلة،وقال”لديّ مشاعر جيدة، ينبغي أن يكونوا طرفا جيدا، إذا فهمتم ما أعنيه، لا يمكن أن يفعلوا ما كانوا يقولون إنهم سيفعلونه، لأنهم إذا فعلوا ذلك فسيقابلون بقوة عنيفة للغاية في حقيقة الأمر، لذلك أعتقد بأنهم سيكونون جيدين”، وتابع قائلا “أعتقد أنه (روحاني) سيريد لقاءً وسيسوّون أمورهم”.
وأضاف ترامب خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعه بنظيره الفرنسي بعد اختتام قمة الدول السبع في فرنسا إن إيران كانت الراعية الأولى للإرهاب عندما أتى إلى الحكم قبل عامين ونصف ،مشيرا إلى أنها ليست كذلك الآن.
وفي ظل هذه التطورات،قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن طهران لا يمكن أن تعزل نفسها عن العالم، مؤكدا ضرورة التواصل والتعاون مع المجتمع الدولي.
وأضاف،خلال اجتماع للحكومة الإيرانية اليوم الأربعاء،أن “العلاقات مع الخارج لها أهمية كبيرة بالنسبة لإيران”.
وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني،قد ذكرأمس الثلاثاء،في كلمة أذاعها التلفزيون الرسمي على الهواء مباشرة أن” طهران لم ترغب مطلقا في امتلاك أسلحة نووية” مضيفا أن بلاده مستعدة دوما للحوار،وهو ما اعتُبر توضيحا موجها إلى الإدارة الأمريكية حين شدد الرئيس الأمريكي للدخول في مرحلة من الحوار، على عدم السماح لإيران بامتلاك أسلحة نووية.
لكن الواضح أن القرار الإيراني بالإستجابة لما عبر عنه ترامب ليس بيد روحاني وحده،بل يخضع في جزء كبير منه لمرشد الثورة خامنائي.
وليس مستبعدا- إذا نجحت الوساطة اليابانية- وقبلت كل من أمريكا وإيران تليين مواقفهما،أن تتغير أوضاع كثيرة في المنطقة،سواء على صعيد التوتر الحالي في مضيق هرمز،أو فيما يتعلق بالنفوذ الإيراني في سوريا ولبنان، وكذلك بخصوص العقوبات الأمريكية على إيران التي أربكت الداخل الإيراني بشكل كبير،كما أربكت الجانب الأوروبي في تعامل شركاته مع إيران في حين يبقى الإتحاد الأوروبي متحفظا على القرار الأمريكي بشأن الإتفاق النووي مع لإيران،في وقت تجري فيه إيران والصين مباحثات معمقة بشأن علاقات التعاون بين البلدين، وهو أمر لاتنظر إليه واشنطن بعين الرضى،وقد سبق أن عبرت الصين عن معارضتها بقوة فرض عقوبات أمريكية على شركة طاقة صينية بزعم انتهاكها عقوبات مفروضة على قطاع النفط الإيراني،بينما تستعر الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.