ناورو Nauru: الجزيرة الميكروسكوبية عضو في الامم المتحدة وفلسطين ليست دولة عضو …!
قسم البحوث والدراسات الإستراتجية والعلاقات الدولية 03-07-2024
حكاية اليوم ليست عن شخص بل عن دولة، دولة كاملة هي بحدّ ذاتها حكاية غريبة لدرجة أنها تسمى بـ”الدولـة التي أكلت نفسها”، دولة بعيدة جداً عنا… لكن حكايتها قد تكون أقرب ممّا نتخيل!
فدولتنا اسمها ناورو Nauru، هي جزيرة في المحيط الهادي مساحتها 21 كيلو متر مربع فقط لا غير، وعدد سكانها تقريباً 12 ألف نسمة.
ناورو ليس لديها لا ماء ولا زراعات لتأكل، ولا أراضي صالحة للسكن ولا أراضي صالحة للزراعة… وتستورد أكثر من 90 بالمائة من كل شيء ليستهلكه ال12 ألف متساكن.
ورغم ذلك ناورو في الثمانينيات كان نصيب الفرد فيها هو الأعلى في العالم تقريباً… كيف؟
الجزيرة في وسط المحيط كانت خالية تماما من البشر، كانت الطيور تلاقي فيها محطة استراحة برحلاتها فوق المحيط، ومع مرور ملايين السنين، فضلات الطيور تراكمت وتراكمت وتراكمت وصارت جبال من الفوسفات، الذي أصبح مصدر ثروة ناورو.
وبعد الحـرب العالمية الثانية استفقت بعض الدول على هذه الثروة الفسفاتية واختلفوا في ما بينهم وهذه الدول كانت أستراليا ونيوزيلندا ومع أكبر لص في العالم بريطانيا، وبعدها اتفقوا على إستخراج الفوسفات بالتساوي، ويمّ شحنه ليكون سماد زراعي ويعطوا الناوريين من “الجمل أدنه.”
في عام 1968 استقلت دولة “ناورو” وخرج الإستعمار ولكن قيادات تلك “الدويلة” أكملت سياسة تلك الدول الإستعمارية وأصبحت 70 بالمية من مساحة البلد خراب لا صالحة للزراعة ولا للسكن المهم استخراج الفسفاط.
خلال ذروة الاستثمار في الفسفاط كان يدخل “لناورو” نحو 1.1 مليار دولار، وعلى عدد سكانها كان المبلغ هائل.
ولمّا نفذ الفسفاط اكتشفت “ناورو” أنها على دولة مفلسة، بدون أي بنية تحتية أو قطاعات قوية أو مشاريع.
فما كان الحل؟
ومن هنا تبدأ ناورو مرحلة جديدة من تاريخها الغريب… وقررت تستفيد من معنى اسمها بالعربي “ناوروا” وبدأت المناورات…
كانت بداياتهم في غسـيل الأموال للمـافـيا الروسـيـة، ولكن غسيل الأموال لم يكن كافيا فأجروا المياه الإقليمية لهم لشركات صيد السمك… كذلك هذا الإستثمار لم يفي بحاجيات شعبهم فوقعوا في سنة 2001 مع أستراليا ليصبحوا سـجن، سـجـن تحتجـز فيه أستراليا طالبي اللجوء الذين يصلون الى أراضيها، مقابل 26 مليون دولار شهرياً.
ورغم الفضـائح حول التجاوزات بحق المحتجـزين لكن ناورو كملت بعد توقف جزئي بين 2008 و2012، ولليوم فيها طالبي لجوء محتجـزين.
والغريب في قصة هذه الدويلة الميكروسكوبية “ناورو” أنّها دولـة ذات سـيادة، وكذلك لها صوت في الأمـم المتحدة، وفي هذا الصوت والسيادة والعلاقات الدبلوماسية استثمرت ناورو أكثر شيء.
في عام 2002 ومن دون مقدمات اعترفوا بها كدولة ممثلة في الأمم المتحدة مقابل منحة بقيمة 137 مليون دولار.
وسياسة البيع والشراء و”السمسرة في كل شيء” لا ينتهي عند “ناورو” فآخر موباتهم الجنونية أنها وقعت اتفاق مع شركة تعدين كندية، ورئيس الأركـان لهذه الدويلة، أصبح موظف في الشركة. والسؤال ماذا سيعدّنون في قطعة الأرض هذه؟
الشركة تعمل تعدين في أعماق البحار، كونه متوقع أن أعماق البحار فيها ثروات هائلة غير مكتشفة بعد، وموضوعها أصبح إشكالي كثيرا وكثر الجدل بين الدول بسبب الأضـرار التي يمكن أن تدمـر الحياة البحرية.
لكن أمام أرباح لناورو متوقعة بقيمة 31 مليار دولار، غير معنية لا بالحياة البحرية ولا غيرها المهم عندها الفلوس.
وللعلم ناورو صديقة لـ “إسرائيل وكل تصويت يكون صوتها لصالح إسرائيل، لكن كل شيء بثمنه، فمثلاً في 2017 وقبل تصويـت الأمم المتحدة على قرار بخصوص تغيير الوضع في القــدس، طلبت “ناورو” من نتنياهو ثمن التصويت معالجة نظام مياه صرف صحي بقيمة 72 ألف دولار، وفعلا نتنياهو دفع ولكن الدويلة رفضت التصويت وطلبت أموال أخرى من إسرائيل ومشاريع ولم تستجب في البداية اسرائيل ولكن في 2019 اضطرت للإستجابة واعترفوا بالقـدس عاصمة، لكن ليس معروف ماذا قبضوا مقابل الاعتراف والأكيد انه ليس “بلاش” حسب مبادئ هذه الدويلة…