أخبار العالمإفريقيا

موريتانيا تكثف جهودها لتفكيك شبكات تهريب المهاجرين غير النظاميين وتؤكد التزامها بالهجرة القانونية

أعلنت الحكومة الموريتانية تفكيك أربع شبكات لتهريب المهاجرين غير النظاميين إلى أوروبا، وذلك في إطار جهودها المتواصلة لمحاربة الهجرة غير الشرعية وتعزيز الأمن الإقليمي. وكشف وزير الثقافة والاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، الحسين ولد مدو، خلال مؤتمر صحافي عقده في نواكشوط، أن هذه الشبكات تضم أفراداً من جنسيات متعددة، وتعمل عبر مسارات تهريب غير قانونية، مشدداً على أن بلاده ليست “شرطياً لحماية أوروبا”، بل تتعامل مع قضايا الهجرة وفق التزاماتها الدولية ومصالحها الوطنية.

الالتزام بالهجرة القانونية ورفض الاتهامات

نفى الوزير الموريتاني صحة الادعاءات المتداولة على بعض شبكات التواصل الاجتماعي التي تزعم أن نواكشوط تبنت سياسات مشددة ضد المهاجرين، مؤكداً أن موقف الحكومة لم يطرأ عليه أي تغيير، حيث تظل موريتانيا دولة منفتحة على استقبال المهاجرين، لكنها تشترط أن يكون ذلك في إطار قانوني ومنظم.

وفي هذا السياق، أوضح أن عمليات الترحيل التي طالت عدداً من المهاجرين غير الشرعيين خلال الفترة الأخيرة جرت وفقاً لما تنص عليه الاتفاقيات الثنائية والدولية الخاصة بمحاربة الهجرة غير النظامية، وبتنسيق كامل مع الدول التي ينتمي إليها هؤلاء المهاجرون. وأشار إلى أن بعض التقارير ضخّمت حجم هذه الإجراءات، في حين أنها تتماشى مع القوانين المعمول بها لضبط حركة الهجرة وضمان عدم استغلال البلاد كمنصة عبور غير شرعي نحو أوروبا.

إجراءات لتسوية أوضاع المهاجرين

أكد ولد مدو أن السلطات الموريتانية بذلت جهوداً كبيرة لتوفير التسهيلات اللازمة للمهاجرين الراغبين في تسوية وضعيتهم القانونية، مشيراً إلى إعفاء العديد منهم من رسوم الإقامة، خاصة مواطني الدول التي تربطها بموريتانيا اتفاقيات ثنائية. ومع ذلك، لفت إلى أن أعداداً كبيرة من المهاجرين لم تستغل هذه التسهيلات، حيث لم يسجل سوى 7 آلاف مهاجر من أصل 130 ألفاً دخلوا البلاد عام 2022 لدى مصالح الهجرة والإقامة.

وأضاف الوزير أن التعامل مع قضية الهجرة غير النظامية يتطلب تعاوناً دولياً وإقليمياً، لا سيما في ظل تصاعد موجات الهجرة نحو أوروبا عبر المسارات الإفريقية، مؤكداً أن بلاده تعمل بشكل متواصل لمكافحة الشبكات التي تنشط في هذا المجال، مع الحفاظ على سياسة منفتحة تجاه المهاجرين الذين يحترمون القوانين المحلية.

موريتانيا في قلب معادلة الهجرة الإفريقية

تأتي هذه الخطوات في وقت أصبحت فيه موريتانيا إحدى الدول المحورية في مسار الهجرة غير النظامية نحو أوروبا، نظراً لموقعها الجغرافي الذي يجعلها نقطة عبور رئيسية للمهاجرين القادمين من غرب ووسط إفريقيا باتجاه السواحل الأوروبية، وخصوصاً جزر الكناري الإسبانية. ونتيجة لذلك، تواجه نواكشوط تحديات متزايدة في ضبط حدودها ومراقبة أنشطة شبكات التهريب التي تستغل الوضعية القانونية الهشة لبعض المهاجرين لتحقيق مكاسب غير مشروعة.

وخلال السنوات الأخيرة، عززت موريتانيا تعاونها مع الدول الأوروبية، خاصة إسبانيا، في مجال مراقبة الحدود والتصدي للهجرة غير النظامية، حيث حصلت على دعم تقني ومادي لتعزيز قدراتها الأمنية. ومع ذلك، تؤكد الحكومة الموريتانية أن سياساتها في هذا المجال تنطلق من اعتبارات سيادية تهدف إلى تحقيق التوازن بين احترام حقوق المهاجرين وضمان الأمن والاستقرار داخل أراضيها.

مستقبل سياسات الهجرة في موريتانيا

مع تزايد الضغوط الدولية والإقليمية لمعالجة أزمة الهجرة، من المتوقع أن تستمر موريتانيا في اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لضبط حركة المهاجرين غير الشرعيين، مع تقديم مزيد من التسهيلات لتسوية أوضاع الراغبين في البقاء بصفة قانونية. كما قد تشهد الفترة المقبلة مزيداً من التعاون مع الاتحاد الأوروبي ودول الجوار الإفريقي لوضع حلول مستدامة لقضية الهجرة، تشمل دعم التنمية الاقتصادية في البلدان المصدرة للمهاجرين، وتعزيز آليات الإدماج للمقيمين داخل موريتانيا.

وفي ظل هذه التطورات، تظل موريتانيا لاعباً رئيسياً في ملف الهجرة داخل المنطقة، حيث تسعى إلى تحقيق توازن بين متطلبات الأمن القومي والالتزامات الإنسانية، مع ضمان عدم تحول أراضيها إلى محطة رئيسية لشبكات التهريب والهجرة غير النظامية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق