مقتل عبد الغني الككلي يعيد رسم خريطة القوى في طرابلس ويمنح حكومة الدبيبة اليد العليا مؤقتًا

قسم الأخبار الدولية 13/0/2025
أعاد مقتل عبد الغني الككلي، المعروف بـ«غنيوة»، رئيس جهاز «دعم الاستقرار»، تشكيل موازين القوى داخل العاصمة الليبية طرابلس، بعد مواجهات عنيفة بين المجموعات المسلحة أفضت إلى مقتل ستة أشخاص على الأقل، وانتهت بسيطرة وحدات عسكرية تابعة لوزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية على المقرات الرئيسية لـ«قوة دعم الاستقرار» في حي أبو سليم، أحد أبرز معاقل الجماعات المسلحة منذ 2011.
وبينما أعلنت وزارة الدفاع أن العملية العسكرية قد انتهت، اعتبر رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة السيطرة على هذه المواقع “خطوة حاسمة” في اتجاه فرض سلطة الدولة وتقليص نفوذ المجموعات غير النظامية، التي طالما عرقلت جهود الحكومة لبسط الأمن في العاصمة.
تحولات ميدانية تخلط أوراق التحالفات المحلية
يعد جهاز «دعم الاستقرار» الذي كان يتبع اسمياً المجلس الرئاسي، واحداً من أبرز الكيانات المسلحة النافذة في طرابلس، حيث احتكر السيطرة على مقرات ومواقع استراتيجية منذ سنوات. وكان الككلي يعتبر شخصية محورية في المعادلة الأمنية، إلى جانب عبد الرؤوف كارة، قائد «قوة الردع الخاصة»، ومحمود حمزة قائد «اللواء 444»، الذي يحظى بدعم تركي مباشر ويُعتبر حالياً القوة الأفضل تدريباً وتنظيماً في غرب ليبيا.
ومع غياب الككلي، أفسح المشهد الأمني المجال لإعادة توزيع مناطق النفوذ. فقد عززت القوات التابعة للدبيبة وجودها في أبو سليم، في حين باتت قوات «الردع» أكثر استقلالاً في مناطق نفوذها مثل سوق الجمعة، وسط مراقبة حذرة من بقية التشكيلات المسلحة المتنافسة.
صعود محتمل لـ«اللواء 444» بدعم تركي
أظهرت الأحداث الأخيرة ميلاً تركياً واضحاً لتعزيز دور «اللواء 444» كقوة نظامية تخضع لهرم قيادة عسكرية واضحة، بعيداً عن التكوينات المحلية العشوائية التي نشأت في أعقاب سقوط نظام معمر القذافي. ويُتوقع أن يحاول هذا اللواء ملء الفراغ الذي خلفه غياب «قوة دعم الاستقرار»، مما قد يؤدي إلى مواجهات جديدة إذا ما شعرت باقي الجماعات المسلحة بالتهميش أو تهديد لنفوذها.
قلق أممي وتحذيرات من انفجار قادم
أعربت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا عن قلقها إزاء استخدام الأسلحة الثقيلة في مناطق مكتظة بالسكان، داعية إلى وقف فوري لإطلاق النار. ويأتي هذا التصعيد رغم ما يُوصف بـ”الهدوء النسبي” الذي تعيشه طرابلس منذ وقف إطلاق النار في 2020، لكنه هدوء هش ظل مهدداً بتجدد الاشتباكات بسبب تداخل المصالح وتنافس الجماعات المسلحة المدعومة من أطراف مختلفة.
خلاصة المشهد
رحيل الككلي يُعد محطة مفصلية في مسار إعادة ترتيب النفوذ الأمني داخل طرابلس. ورغم ما وصفه الدبيبة بـ”الإنجاز”، فإن استقرار العاصمة يبقى رهين قدرة حكومته على إدماج أو تحجيم القوى المسلحة المتبقية، وتفادي اندلاع مواجهات جديدة في ظل استمرار غياب مشروع وطني جامع وقوة عسكرية موحدة تتجاوز الولاءات المحلية والإقليمية.