أمريكاالشرق الأوسطبحوث ودراسات

مقتل ابراهيم الرئيسي: إضعاف إيران من الداخل

لم تستمر حالة الغموض بشأن مصير الرئيس الإيراني وعدد من المسؤولين إلاّ لعدّة ساعات، عُثر بعدها على الطائرة ملقاة في شمال غربي البلاد. أكّد إثر ذلك نائب الرئيس الإيراني للشؤون التنفيذية محسن المنصوري مقتل جميع من في الهليكوبتر بعد تحطمّها جرّاء حادث أدى الى سقوطها في منطقة جبلية قرب الحدود مع أذربيجان بالتوازي مع ظروف جوية قاسية.

اجتاحت مختلف الأصعدة عديد التساؤلات حول أسباب حادث الطائرة والعوامل التي تقف وراء مقتل الرئيس الإيراني، في خضم ذلك عمّ الوسط الدولي بمختلف الاتهامات والتحليلات حول الأطراف المستفيدة من مقتل الرئيس الإيراني وهل أنّ الحادث يعود فعلا للزعامات القائلة بالأجواء المناخية غير المستقرة؟

نقلت وسائل إعلام أمريكية جملة من التفسيرات لسبب حادث الطائرة المستبعدة لاحتمال حصول الحادث بفعل فاعل، مشيرة الى أنّ ايران تعتبر دولة منعزلة وفقا لتعبيرها وأنّ لها العديد من المشاكل على مستوى بنيتها التحتية وقدراتها في مجال الطائرات خاصّة وأنّه في الأعوام السابقة وقع حادث مشابه حيث لقي قادة ومسؤولون عسكريون حتفهم وذلك من شأنه أن ينفي أي تدخلات أخرى في مقتل الرئيس، إذ كانت المروحية وفقا لما تمّ نقله تمر عبر منطقة جبلية ضبابية وعرة في شمال غربي إيران الى جانب الأحوال الجوية من ضباب ورياح وأمطار غزيرة، وهو ما تسبّب في إعاقة كل الجهود المبذولة لإيجاد الطائرة، وهو ما اتكأت عليه كل الأطراف التي تعتب مصدر شبهات بشأن التسبب في الحادث.

تزامن الحادث بعد ما يقارب شهرين من قيام إيران بأول هجوم يعد المباشر من نوعه في تاريخها على إسرائيل، حيث أطلقت خلاله أكثر من 300 صاروخ باليستي ومجنّح ومسيّرة، ومثّل ذلك ردّة فعل على ضربة جوية شنّتها دولة المحتل ضدّ مقر القنصلية الإيرانية في دمشق بداية أبريل الماضي ووقع ضحيتها سبعة من قيادات بالحرس الثوري الإيراني على رأسهم القيادي محمد رضا زاهدي قائد تلك القوات في سوريا ولبنان.

في المقابل ردت إسرائيل على الهجوم المباشر والجريء بالنسبة لها وغير المسبوق من طرف إيران ردا صُنّف بالضعيف حتى أنّ الكثير من المحلّلين للوضع وصفوه بانّه لا يعدو مجرّد “رد رمزي”، إذ قامت إسرائيل بهجوم استخدمت خلاه طائرات مسيَّرة على قاعدة جوية وموقع نووي بالقرب من مدينة أصفهان بوسط البلاد.

وأشارت وسائل إعلام دولية إلى أنّ موقع الحادث لا يستبعد تورط إسرائيل في مقتل الرئيس الإيراني، حيث سقطت مروحته في غابة جبلية بالقرب من الحدود مع أذربيجان وتعتبر هذه الدولة “الأقل ودية بين جيران إيران” وذلك بسبب أنها علاقاتها الوطيدة مع إسرائيل، وتاريخها الزاخر بالتعاون مع جهاز الموساد.

أشار المفكر والإعلامي العربي الجزائري الدكتور يحي أبو زكريا على حسابه في تويتر الى طبيعة العلاقات بين إيران ودولة أذربيجان “الصديق الوفي لإسرائيل” واصفا إيّاها بأنّها لم تكن في أحسن حالاتها بسبب اعتبار طهران العدو اللدود لإسرائيل ووجود نشاط موسادي كبير في الدولتين. كما أضاف بأنّه من البديهي ألا تقف إسرائيل لوحدها وراء الحادث المفتعل بل مثلما تمّ الاعتياد عليه، هي مدفوعة ومدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر لحد هذه اللحظة هي وحلفائها عاجزة عن مواجهة إيران من الخارج، بل وأيضا تعتبر مصالحها في دول الخليج بحسب ما أشار إليه مهدّدة الى أبعد حد، فلا طريق للنجاة بالنسبة إلاّ من خلال تدمير القيادة الإيرانية، ويعتبر أبو زكريا أنّ هذه الخطة مرسومة بمشاركة أطراف متعدّدة من أهمها هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي السابق قبل وفاته.

 من جهتها اعتبرت جماعة إيرانية معارضة في المنفى أن اغتيال الرئيس إبراهيم رئيسي في هذا الحادث هو بعينه “ضربة استراتيجية من العيار الثقيل” للنظام في إيران، وهو من شأنه أن يخلق أزمات عميقة داخل إيران على مستوى السلطة التنفيذية، ويعني ذلك تشتيت إيران عن أهدافها الخارجية في ضرب أمريكا وإسرائيل وإشغالها في الصراع من الداخل، ويجدر الإشارة الى أنّ فكرة وجود أطراف من الداخل الإيراني متواطئة مع الأطراف الخارجية  في عملية الاغتيال غير مستبعدة تماما طمعا في الخلافة أو السلطة وهو ما سيساهم في بروز العديد من الخلافات الشعبية مع القادة في الداخل، وذلك بطبيعة الحال يخدم تماما المصلحة الامريكية والإسرائيلية.

كما أشارت مريم رجوي رئيسة “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية” في بيان نشر على موقع المجموعة إن الحادث يمثل “ضربة استراتيجية من العيار الثقيل لا يمكن تعويضها يتلقاها (المرشد) خامنئي ومجمل نظام الإعدامات والمجازر”.

وأضافت أن مقتل رئيسي ستكون له “عواقب وأزمات تطال كامل الاستبداد الديني حيث يدفع المنتفضين للمضي قدما”.

والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية يعتبر إحدى التنظيمات الأساسية للمعارضة الإيرانية في الخارج، والواجهة السياسية لمنظمة مجاهدي خلق المصنفة “إرهابية” من قبل طهران.

من جهة أخرى، في حالة تأكّد تورط إسرائيل في وفاة رئيسي فإنّ ذلك من شأنه أن يسبّب جملة من الصراعات الواسعة بالمنطقة، بحسب ما أكده الخبراء والمحللون العسكريون.

وقد يؤدي ذلك الى شنّ هجمات مضادة من طرف الجماعات المسلحة المعادية لإسرائيل والمدعومة من إيران بالشرق الأوسط على غرار حماس وحزب الله والحوثي، ويعني ذلك الدخول في تيار واسع من الهجمات والهجمات المضادة لها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق