“محاكمة القوى الاستعمارية على جرائمها في إفريقيا…” المؤتمر الدولي الأول من نوعه في إفريقيا وتستضيفه الجزائر .

قسم الأخبار الدولية 01/12/2025
في خطوة غير مسبوقة، إستظافت العاصمة الجزائرية في نهاية نوفمبر مؤتمرًا دوليًا حول «جرائم الاستعمار في إفريقيا»، بمبادرة من الرئيس عبد المجيد تبون.ويشارك في المؤتمر، المقرر عقده يومي 30 نوفمبر و1 ديسمبر في المركز الدولي للمؤتمرات بالجزائر بحسب وسائل إعلام جزائرية ، عدد من الوزراء والخبراء والقانونيين والمؤرخين والأكاديميين من مختلف دول القارة الإفريقية.
وتشير وسائل الإعلام المحلية إلى أن المؤتمر سيشكل «نوعًا من المحاكمة» للدول الأوروبية، وعلى رأسها فرنسا، إنجلترا، بلجيكا وألمانيا، التي تعتبرها الجزائر من القوى الاستعمارية التي يجب أن تتحمل مسؤولياتها التاريخية.ومن بين المواضيع التي سيناقشها المشاركون: استغلال الموارد الطبيعية، سبل المطالبة بالتعويضات، واسترجاع الأعمال الفنية المنهوبة من الدول الأوروبية.
ولفتت ذات المصادر إلى غياب تركيا، رغم تاريخها الاستعماري في الجزائر. ويأتي المؤتمر في وقت تشهد فيه العلاقات بين الجزائر وعدد من الدول الأوروبية توترات متصاعدة، ما يضع هذه القمة في سياق حساس سياسيًا ودبلوماسيًا.أفاد وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، الأحد، بأن بلاده تعرضت خلال الاستعمار الفرنسي (1830 – 1962) إلى «إبادات ومجازر وحملات تهجير قسري»، تراوح عدد ضحاياها ما بين مليونين وثلاثة ملايين شخص، أي ما يمثل ثلث السكان آنذاك، لافتاً إلى أن صحراء الجزائر «ما زالت تحمل إلى اليوم ندوب التجارب النووية الفرنسية، التي خلّفت آثاراً مدمرة على الإنسان والبيئة».
وقال عطاف إن «الوقت قد حان لتصفية رواسب الاستعمار بكل تجلياتها، كما حان وقت تصفية الاستعمار ذاته تصفية نهائية»، لافتاً إلى الصحراء وفلسطين. وأكد أن «لأفريقيا الحق في المطالبة بالاعتراف الصريح بجرائم الاستعمار، لأن الاعتراف هو أول خطوات معالجة رواسب حقبة دفعت الشعوب الأفريقية ثمناً باهظاً لها. ولأفريقيا الحق في تجريم الاستعمار تجريماً قانونياً دولياً لا لبس فيه». وأضاف: «كما جرّمت المجموعة الدولية العبودية والفصل العنصري، فقد حان الوقت لتجريم الاستعمار ذاته. ولأفريقيا الحق في التعويض العادل واستعادة الممتلكات المنهوبة، فالتعويض ليس مِنّة ولا صدقة، بل حق تكفله القوانين والأعراف الدولية».
وتابع عطاف أن ما يجمعنا اليوم ليس مجرد شعار مرفوع، بل أمانة في أعناقنا جميعاً؛ أمانة لا بد من أدائها كاملة غير منقوصة.ومن خلال احتضان هذا المؤتمر، الأول من نوعه في القارّة، تسعى الجزائر إلى الإسهام في تعزيز البنية الأفريقية للعدالة التاريخية، عبر توفير منصة حوار رفيعة المستوى ترمي إلى ترسيخ الاعتراف الدولي بالجرائم الاستعمارية، وتعزيز آليات ملموسة لجبر الضرر. وتتمثل أهداف مؤتمر الجزائر، حسبما جاء في الأوراق التي يبحثها الخبراء، في توحيد الموقف الأفريقي حول العدالة التاريخية والتعويضات واسترجاع الممتلكات الثقافية، وصون الذاكرة الجماعية. كما ستتناول الجلسات مختلف أبعاد الجرائم الاستعمارية: الإنسانية والثقافية والاقتصادية والبيئية والقانونية. ويرتكز النقاش على الصدمات العابرة للأجيال، ونهب وتدمير التراث الثقافي الأفريقي، واستغلال الموارد، والنماذج الاقتصادية غير العادلة الموروثة عن الاستعمار، إضافة إلى الآثار البيئية مثل التجارب النووية التي أُجريت على السكان المدنيين.
ومن المتوقَّع أيضاً أن يبحث المشاركون السبل القانونية لتعزيز تجريم الاستعمار، وإنشاء آلية أفريقية دائمة للتعويضات واسترجاع الممتلكات. ويُنتظر بالخصوص أن يعتمد المشاركون «إعلان الجزائر»، الذي سيُعرض على قمة الاتحاد الأفريقي في فبراير (شباط) 2026 لدراسته والمصادقة عليه. ومن المفترض أن تشكّل هذا الوثيقة مرجعاً قارياً بشأن الجرائم الاستعمارية والاعتراف بآثارها، ووضع استراتيجية أفريقية للعدالة وجبر الضرر.



