ما بعد 25 يوليو: في ظل الإرتباك أي خطة وطنية لإنقاذ البلاد؟ حلول يقترحها المركز الدولي على رئاسة الجمهورية التونسية
اعداد: فاتن جباري باحثة بقسم العلاقات الدولية والدراسات الإستراتجية
مراجعة وإشراف: الدكتورة بدرة قعلول رئيسة المركز الدولي للدراسات الإستراتجية الأمنية والعسكرية
التقديم :
منذ قيام جمهوريّة الاستقلال في العام 1956وحتى اليوم سعت النخب السياسية المثقفة والتي ناضلت ضد المستعمر الفرنسي إلى إرساء الدولةالوطنية الحديثة، وبناء المؤسسات، وطي صفحة الإستعمار التي لا تخونها ذاكرة التونسيين، ورسم ملامح الحداثة صلب دواليب الدولة وتطهير الادارة.
فبدأت التجارب المستلهمة من الفكر التحرري بأثبات وأن تونس على مر التاريخ عاصرت الحضارات وانسجمت مع كل ما فرضته الساحة الدولية من تقلبات،أين تمكن الزعيم الراحل “الحبيب بورقيبة”مع من عاصروه في جيله من تجربة سياسية اقتصادية اجتماعية، تدرس اليوم في أعرق الجامعات في العالم.
بدأ الزعيم الحبيب بورقيبة مع فريقه بنأ الدولة الوطنية بجرأة وشجاعة وحنكة ودهاء سياسي، مكنته من كسب تأييد دولي إقليمي وطني واسع النطاق،رغم ما عرفته المرحلة من معارضة شرسة حركت الجماهير ونزعت من قلوب الثائرين ملكة الحكمة وضبط النفس حتى وصف الشارع التونسي في بعض الكتب بمسرح للاغتيالات…
لقد برزت الاحزاب المعارضة وتميزت الانشطة السياسية بالسرية والمؤامرات،فبورقيبة من وجهة نظر المؤرخين، كان ينشط بالخارج منشغلا وسعيا نحو التعريف بالقضية العربية وفي مقدمتها دولة فسطين فسار نحو مصر ثم المشرق وخطب أمام جامعة الدول العربية ومنها نحو الخارج.
مع بروز النقابات… فإلى جانب النقابة (الCGTT( التي تحولت منذ 1946″ الى الاتحاد العام التونسي للشغل ” (UGTT)، كذلك المنصفيين والليبراليين الوطنيين واتجاهات اخرى مختلفة الشيوعيون، وجمعية الطلبة الزيتونيين… كل هذه القوى كانت تحاول الحصول على مساندة الشعب لها وبأنها قادرة على بلورة مقترحات ملموسة من أجل بناء الدولة لا من أجل الحكم وهذا ما ميّز تلك الحقبة فلقد كانت كل القوى السياسية تعمل من أجل تونس من أجل قيام الدولة الوطنية وليس من أجل “المصالح الخاصة” كما يفعل الأغلبية الساحقة اليوم، رغم الضغط الغربي و حتى الداخلي في ذلك الوقت والطرفية الصعبة جدا…
صحيح و أن هذه التجارب تركت نقاط استفهام كثيرة بخصوص السياسة البورقيبية والمعارضة الا وانها شكلت صحوة سياسية بأن “الكل يجبو أن يجتمعوا على مصلحة واحدة حتى إن لم يجتمعوا على طاولة واحدة تذكر فيها مصلحة تونس قبل كل حديث اخر “.
مقولة تهاوت شيئا فشيئأ طيلة 23 سنة فرغم تباين الآراء بخصوص إنتهاج النظام السابق لسياسة اقتصادية منفتحة، الا أنّ ثمارها لم تأتي أكلها الا في جيوب الحكام والنافذين فوقع الاطاحة بالمنظومة كاملة وبالمقابل بدأ الارهاب ينمو داخل الأحزاب السياسية المقاصاة تماما لتتفجر فيما بعد .
بعد 2011، ما فتأت صورة الدولة الحازمة والمعارضة السلميّة تغيّرت تماما،حيث سادت الفوضى وحرفت القوانين وانقلبت المقاييس رأسا على عقب، وديس على القيم وأُطردت الكفاءات ونُكّل برجال الدولة بعد افتعال قضايا برّأهم القضاء منها فيما بعد، حتى أصبح الإراهبي سجين سياسي وتمتع بالعفو التشريعي العام وحاز على تعويضات بمنطق “الدولة الغنيمة”.
الأمر الذي أحدث فراغا في أجهزة دولة خلت من كفاءاتها وعوّضت بجماعة العفو التشريعي العام ممّا أثّر بالسلب على سير هياكلها جميعها، إذ لم تسلم أيّ إدارة من هذا “الخور” حتى في المؤسّسات الحسّاسة،.
يقول بعض الخبراء والمحليلين السياسيين: “فهل يعقل أن تسلّم شركة تونس الجوية إلى من لا خبرة له بالتسيير ولا تجربة في التعامل مع الوضعيات غير العادية كحالات الانفلات الجماعي أو أن يسلّم الرصد الجوي في مطار المنستير لواحد من مرتكبي جريمة باب سويقة بعد أن قضى في السجن 20 سنة ؟هذه الفوضى المعمّمة قاومها الشعب التونسي ….”
العشرية السوداء:
عشرية اقتسام الغنائم وإمتيازات السلطة التي خلفتها إمبراطورية بن علي والطرابلسية وكارتيلات المال وبارونات التهريب من أموال الشعب التونسي بالداخل والخارج فما كان لحركة النهضة الا وان عاثت في الارض فسادا على حساب معاناة الطبقة الشعبية الكادحة والفئات الاجتماعية الهشة والمهمشة.
ليلة ال25 من يوليو:
حسم الرئيس سعيد أمر هؤلاء”بقلب الطاولة” كما يقال، بعد أن كانت الإنتفاضة الشعبية ضد حكم حركة النهضة وحلفائها وسياساتها “اللاوطنية” طيلة عشرية كاملة من خراب وفساد وإفساد وإرهاب واغتيالات وتسفير لشباب يائس إلى بؤر التوتر …لقدمر عامان كاملان على التدابير الاستثنائية التي أعلنها رئيس الجمهورية في الخامس والعشرين من جويلية خلال العام 2021، وقام بموجبها بحل البرلمان السابق، والمجلس الأعلى للقضاء،وأقال بها الحكومة السابقة، قبل سنّه دستورا جديدا بدّل به النظام السياسي من برلماني إلى رئاسي يتمتع فيه بصلاحيات واسعة مستعملا تقنية الفصل 80 من الدستور،وقد نُص على تفعيله في حالة تعطل السير العادي لدواليب الدولة، وهذا الفصل لا ينطبق فقط في حالة الحرب الأهلية أو الانقلابات، بل حتى عندما يعجز القضاء عن القيام بواجبه في التصدي للجريمة السياسية التي انتشرت.
اجراءات و تدابير:
يرى معارضون انها لم تلمس مطالب الشعب كما لا تزال حالة الانسداد السياسي تلقي بضلالها على الملف التونسي، وسط تدهور كبير للأوضاع الاقتصادية والمالية والمعيشية،في وقت تستبعد فيه الطبقة المعارضة حصول أي انفراج بسبب ما اعتبرته تصعيدا في التضييق على الحريات والقضاء والسياسيين والحقوقيين والإعلاميين وبعيدة كل البعد عن أن تكون هذه القرارات استجابة لمطلب من مطالب جزء من التونسيين وهو تنفيذ إجراءات استثنائية لإصلاح وضع سيئ جدا يتمثل في سيطرة الفساد ومناخ عمل لا يشجع على الاستثمار أو حل المشاكل الاجتماعية للتونسيين.
وهذا ناجم عن قراءة خاطئة لخارطة الطلبات والحاجيات الشعبية، بل أن غياب مخطط نموذجي واضح أو حتى مجرّد رؤية بخطوطها العريضة تسير على دربها البلاد على الأقل خلال فترة الأزمات، وهو ما عمق من حيرة التونسيين الى أين نحن ذاهبون ؟…
لقد ذهب في ظنّ المخطّطين أنّ المسألة منحصرة في إجراء الإنتخابات والمجالس البلدية والجهوية والأقاليم،واعداد الخزان القاعدي الإنتخابي وإعداد الأصوات وتجميعها، والحال أنّ ما ينتظر البلاد قد يعيدنا الى ذاكرة الخميس الأسود سنة 1978 وثورة الخبز سنة 1984 وهنا يقول المفكر والإصلاحي أحمد ابن أبي الضياف في إتحافه: “يستدل على إدبار المُلك بخمسة أمور أحدها أن يستكفي الملك بالأحداث ومن لا خبرة له بالعواقب وإستهانته بنصائح العقلاء وآراءذوي الحنكة…”
فصحيح و ان الرئيس سعيدالذي أعلن الحرب على المضاربين والمحتكرين أو ما عرف بظاهرة الحرب على “المخازنية الذين يتلاعبون بقوة الشعب ” ويتعمدون إخفاء المواد الغذائية من الأسواق وتخزين البضائع بغاية خلق أزمة نقص في المواد الأساسية لاستهلاك التونسي اليومي، وحالة من البحث عنها والمطالبة بها والحصول عليها بأي ثمن، ليتم فيما بعد إظهارها بعد الترفيع في سعرها وهي عملية تحيّل تجارية مدانة قانونا وتدخل ضمن ظاهرة الفساد الذي إنتشر في كاملالبلاد بل أن الفساد لم يعد منسوبا لأشخاص إنما أصبح الفساد مقنن في منظومة كاملة ويرعى مصالح الدولة العميقة التي لا تريد التخلي عن حماية الفاسدين و”أعداء الدولة” .
طرح السؤال مرارا و تكرارا،هل ينجح الرئيس قيس سعيد في محاربة الفساد الذي أصبح اليوم ظاهرة فوق الدولة ويتوفر على قوة تأثير كبيرة وشبكة علاقات سمحت له بتوظيف أجهزة الدولة وقوانينها وبعد أن تحول إلى ” كرتلات ” تتحكم في التجارة والاقتصاد وكل مسالك التوزيعفي ضل خطورة الوضع الذي يتسم بتغلغل الفساد بكل أنواعه إلى كل مفاصل المجتمع والدولة حتى بات واقعا يراد له أن نقبل به ونتعايش معه ؟.
يؤكد المختصون وأن البلاد اليوم مكبلة بأمرين أساسيين :
- المشكلة الأول: “مشكلة نقص الموارد المالية “التي تجعل الدولة في إحراج لمجابهة التزاماتها المالية تجاه البنوك الدولية في مقدمتها صندوق النقد الدولي والإيفاء بتعهداتها تجاه المتعاملين معها ما يجعلها تلجأ للتداين والاقتراض الذي كما هو معروف كلفته باهضة على استقلالية القرار السيادي فضلا عن جعل البلاد دولة مرتهنة للاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الامريكية في توازناتها ومواقفها وشركائها وقضايا كثيرة تتكبد أعبائها الدولة وحتى أمنها الفكري والمعرفي.
- تكمن المشكلة الثانية: في أنه وبالتزامن مع سوء الأوضاع السياسية وتناحر كل الأبواق المعادية سواء من الاحزاب والاتحادات والمنظمات سواء عبر الاعلام او منصات التواصل الاجتماعي او التحريض من الخارج دون أن يأتوا بأي حلول… هذا في وقت يشهد الاقتصاد التونسي تدهورا كبيرا إذ تعاني البلاد تضخما هائلا وتراجعا في القدرة الشرائية للدينار التونسي، في وقت بلغ دينها العام 80% من إجمالي الناتج المحلي ووصل التضخم إلى حوالي 11% وفق للإحصائيات المعتمدة. وتخوض تونس منذ نحو عامين مفاوضات صعبة بشأن قرض جديد من صندوق النقد الدولي جعلها في موضع ضغط دولي موجه نحو فرض شروط مجحفة ومن بينها رفع الدعم وأزمة المهاجرين والحدود وعلى الرغم من توصل تمثيلية الاتحاد الاوروبي إلى اتفاق مبدئي، إلا أن المفاوضات تعثرت لأن الرئيس سعيّد يرفض برنامج الإصلاح الذي وضعه الصندوقوالذي ينص على إعادة هيكلة أكثر من 100 شركة عمومية مثقلة بالديون ورفع الدعم الحكومي عن بعض المواد الأساسية.
مقترحات المركز الدولي للدراسات الاستراتجية الأمنية والعسكرية
وفي محاولة للمرور إلى الحلول العملية:
وعدم الاكتفاء بالتشخيص والتقييم وفي محاولة لتقديم مقترحات عملية فالمركز الدولي من خلال بحوثه المستمرة ونقاشاته التقييمية يحاول في هذه الورقة تقديم حلول عملية وبراغماتية من “خارج الصندوق” فلا يمكن اليوم ايجاد الحلول من “نفس الصندوق” الذي تآكل وانتهت صلاحياته سواء الداخلية أو الدولية.
وكذلك استأنسا بخبراء في المجال ومعاضدة لمجهودات الدولة في محاربة الفساد والاحتكار، والتقليل من حجم المديونية المرتفعة والتضخم المالي والعجز والبطالة وضعف مؤشر التنمية بالجهات الداخلية، نجد أنه من بين أبرز هذه العوائق هو القوانين المجحفة التي تطبق الاّ على الفقراء والبسطاء وقانون الإستثمار الذي لا يشجع ولا يجلب المستثمر الداخلي ولا الخارجي وحالة التهرب الضريبي الذي أضر كثيرا بميزانية الدولة وكنز المال خارج الأطر القانونية من مضاربة وإحتكار وتجارة موازية وتهريب من هذه الاجراءات الضرورية نذكر:
- الإعداد لأحداث خطة وطنية يشرف عليها مجلس أمن قومي يضم كفاءات وخبراء مختصين لبلورة رؤية استراتيجية وطنية شاملة من أجل البحث عن مخطط شامل للخروج من عتبة العجز المالي والاقتصادي للبلاد وكيفية تسخير كل مقدرات الدولة للحفاظ على مستويات عيش التونسيين ومتطلباتهم الأساسية من الاستهلاك والنهوض بالفئات الهشة.
- إحداث ” خطّة وطنية لمتابعة المالية لنزاعات الدولة” في إطار مكافحة تبييض الاموال والتستر السياسي والحزبي على الفساد والفاسدين من ذلك ما يتعلق بقضايا استرجاع الأموال المنهوبة والمصادرة ومتابعة القضايا العالقة بالخارج.
- احداث مشروع قانون يتعلق بتنقيح المجلات القانونية التونسية من ذلك مجلة المحاسبة العمومية والمجلة الجبائية ومجلة معاليم التسجيل والطابع الجبائي ونصوصها التطبيقية والنصوص المختلفة ذات الصلة على غرار القانون عدد 17 المتعلق بالتشجيع على الاستثمار وكذلك المنافسة والاسعار و المجلة الديوانية، مع التنصيص صلب مجلة الإجراءات الجزائية على عدم سقوط جرائم الفساد في حق المال العام بمرور الزمن، في قضايا الفساد والجرائم الجبائية والصرفية والديوانية والاقتصادية والغابية.
- عدم التمسك بالحصانة بالنسبة للأشخاص النافذين في أجهزة الدولة وهياكلها من الذين تعلقت بهم شبهات فسادوفي هذا الإطار يدخل نشاط كل المحتكرين والمضاربين الذين لا يصرحون بحقيقة مداخيلهم ويقومون بتوظيفها في مشاريع فلاحية وغيرها من المشاريع الاجتماعية “المدارس، المستشفيات، النقل، تحسين الطرقات…” تتمتع بإعفاءات ضريبية.
- سد الثغرات التي تضمنها القانون المتعلق بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي، ومن ذلك إحداث خطة قضائية كممثل عن النيابة العمومية في قضايا الفساد والاموال المنهوبة أو خطة وكيل جمهورية مالي، وهي مؤسسة موجودة في سويسرا و في فرنسا لتلقي التبليغات والشكاوي والعرائض في قضايا الفساد والاحتكار والإذن لمأموري ضابطة عدلية مختصة من الناحية الميدانية والفنية في البحث في هذه الجرائم، ومن ذلك إحداث جهاز الإستعلام والإستخبار بغاية محاصرة ظاهرة الفساد والاستباق في التعرف على المحتكرين والمتلاعبين بالأسعار،ومنها تتمكن الدولة من مقاومة هذه الظاهرة مقاومة جدية وفعالة وهو جهاز معمول به في الدول والانظمة المتقدمة وقد أثبتت نجاعتها، مع تسخير الإنابات القضائية بالنسبة للأموال المنهوبة بالخارج.
- إعادة تنقيح القوانين المتعلقة بالمنافسة والأسعار والتوزيع والإشهار وطرق البيع وحماية المستهلك لما تحتويه من ثغرات قانونية تستفيد منها اللوبيات والمافيا وكبار المحتكرين لتحصين سماسرة الملفات الجبائية ومخربي الخزينة العامة الذين يكبدون الدولة سنويا عشرات المليارات في إتجاه التنصيص على عقوبات مشددة مع مصادرة الأملاك والحرمان من ممارسة أي نشاط اقتصادي.
- وضع حد لكل القنوات والاذاعات والمنصات الاعلامية وكل الصفحات المشبوهة والممولة من الداخل او الخارج لتفتيت الدولة وتخريب المرفق العمومي والعبث بالمال العام وبث الشائعات وجني أرباح طائلة بدون أي موجب،من خلال الإستعانة بالهيئة العامة للاتصالات وإرجاع هيكل وزارة الإعلام والاتصال التي تكون مرفعا يشرف مباشرة على الهيكل الإعلامي، وتشرف على المهام الرقابية والقضائية رقابية من أجل تقنين القطاع في الداخل والخارج ومتابعة مثل هذه الجرائم، وأكبر جريمة قد مست قطاع الإعلام هو حل وزارة الإعلام وتعويضها بهيئة “فاشلة”
- العمل على ايجاد حلول عملية وبراغماتية بين الدولة وأصحاب الشهائد العليا وخريجي الجامعات المعطلين عن العمل من التهميش و كارثية اوضاعهم الاجتماعية.
- على مسؤولين الدولة وخاصة سيادة الرئيس قيس سعيد الإسراع بالإصلاح الإجتماعي والعمل على المشاريع الإجتماعية حتى يظمن الحلول الناجعة للمشاكل الإقتصادية.
- ايعادة النظر في العلاقات الدولية وتعدد الشركاء والخروج من عباءة الشريك التقليدي فالعالم يتغير والخارطة الجيوسياسية العالمية لم تعد نفسها ودائما نقول ايجاد الحلول من “خارج الصندوق”.
- العمل على اعادة الثقة بين المواطن والدولة فالأزمة الحقيقية اليوم هي “أزمة الثقة” وأول خطوة للإصلاح هي استرجاع الثقة بين المواطن والدولة عبر خطاب ايجابي يرجع الأمل.
الخلاصة :
اتضح أن من معطلات حسن تسير دواليب الدولة في هذه الضائقة على جميع المستويات، إفتقارها الى إنموذج عمل حكومي متكامل رغم التحويرات المتكررة فليس هناك تشكيلة حكومية مكتملة الأركان تعرض مخطط استراتيجي وطني على الملأ للإنارة الرأي العام ورفع اللبس والغموض عن المسار الحكومي بعد 25 جويلية فالكل يلاحظ عدم التجاني بين الفريق الحكومي وكل مسؤول يعبث وحدة ولا يرى الشعب التونسي أي شيء ملموس وهذا ما ينتظره الشعب التونسي والعالم الخارجي الذي يراقب وينتظر من أجل “الشراكات” والتعاون مع احترام الشؤون الداخلية للدولة.
اما معطلات محاربة الفساد فقد تصوّب أصبع الإتهام نحو الدولة العميقة، وبقايا المنظومة الفاسدة في الإدارة التي إتضح اليوم أنها تلعب دورا كبيرا في تمدد الفساد ودوامه في الزمن والمجال، بل إنها الحامي الحقيقي لهذه الشبكات والعصابات، التي إتضح أنها السلطة الحقيقية والحاكم الفعلي في البلاد.
وهنا يطرح السؤال المفصلي هل يمكن أن نصلح البلاد ونقاوم الفساد بنفس رموز الادارة الحالية؟
وهل يمكن بالعناصر والموظفين في الادارة التونسية الذين تربى أغلبهم على ثقافة الفساد أن ننجح في هذه الحرب؟
وهل نحتاج إلى مقاربة أخرى تقوم على ضرورة إيجاد جهاز إداري وجهاز أمني وجهاز قضائي مختلف عما هو مجود ويكون أفراده مختلفين عن كل القائمين على هذه الأجهزة اليوم ؟
الحل لتونس اليوم يجب أن يكون من “خارج الصندوق” وإلاّ ستبقى دار لقمان على حالها إن لم تنحرف أكثر وتهوي….