ليبيا استمرار الخلافات حول “شرعية” رئيس المجلس الأعلى للدولة
قسمالبحوث والدراسات الإستراتجية والعلاقات الدولية 11-08-2024
ظهرت مؤشرات انقسام جديد في المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ولكن هذه المرة من داخل أروقة المجلس وذلك نتيجة لوجود كتلتين الأولى مؤيدة لمحمد تكالة، والأخرى داعمة لخالد المشري، الذي نصّب نفسه رئيسا للمجلس، وفقا للتصويت الذي أجري، في السادس من أغسطس.
ورقة واحدة كانت كفيلة بأن تصنع خلافا بين أعضاء المجلس الأعلى للدولة ليصل ذلك الخلاف إلى القضاء للبت والفصل فيه لمعرفة من هو الرئيس الشرعي للمجلس.
وكالعادة وبعد كل إجتماع أو انتخابات في ليبيا فهناك اتهامات بالتدخلات الأجنبية أو المحلية وبلعبة الأموال السياسية.
وبالنسبة لانتخابات المجلس الأعلى للدولة الأخيرة فهناك اتهامات مباشرة لتدخل “الدبيبة” لصالح خالد المشري.
و الكثير من الملحظين يرون أن المجلس الأعلى للدولة ذاهب للإنقسام فلم يعد ذلك المجلس المتناغم والموحد وهو ما عملت عليه الكثير من الأطراف فهو مهدد بالانقسام وربما تشظية وخروجه من المشهد أمر وارد. كما يؤكد الملاحظين بأن هذا المجلس منتهية صلاحياته فهو منذ 12 سنة يتمعّش من تواجده وهذه فرصة لحلّه بالرغم من أنّ الأطراف الخارجية تريده أن يبقى ولكن بقاؤه مشروط بضعفه وانقساماته.
وبتدخل أطراف داخلية وخارجية فاز خالد المشري، بالرغم التشكيك في فوزه وهو متمسك بموقفه باعتباره فاز بالتصويت، وبحسب لوائح المجلس واللجنة القانونية، وحسب مجريات العملية الانتخابية، فإن المشري هو من يتمتع بشرعية التصويت والفوز في هذا الاقتراع الذي يمر به المجلس ولكن تكالة له رجاله بالمجلس وهذا ما سيفضي الى انقسامات كبرى وتصدع داخل المجلس وبين أعضائه.
ومن أسباب الصراع والإنقسام داخل المجلس الأعلى للدولة هو هناك مجموعتين داخل المجلس الأعلى للدولة، مجموعة يقودها المشري وهي تريد أن تتوافق مع مجلس النواب وتريد توحيد حكومة الشرق والغرب، أما الكتلة الثانية بقيادة تكالة، تريد أن يكون للمجلس الأعلى للدولة كلمة مع مجلس النواب ويريد الإطاحة بدبيبة وتشكيل حكومة جديدة ولهذا السبب تدخلت أطراف وأموال للإطاحة به.
كما يرى بعض المحللين للشأن الليبي بأن الكتلة الأولى في المجلس الأعلى للدولة رأت بأن توافق عقيلة صالح مع المشري وذهابهم إلى بعض النقاط حتى التي اعترض عليها البعض الفريق الثاني من المجلس الأعلى للدولة، هم توافقوا ولا يهمهم أمر البقية.
وترى المجموعة الأولى أن نقطة ضعف تكالة هو تفاهمه مع الدبيبة وإنه وحتى في حال فوزه، فإنهم سوف يعملون على إبعاده عن حكومة الدبيبة ويجعلونه مع التوافق، وبالتالي ففوز المشري هو كسب للوقت وللطاقة والمشري ذاهب للتوافق من الأساس.
المجموعة المؤيدة للمشري، تتفق مع مجلس النواب في إزاحة حكومة الوحدة الوطنية وانتخاب حكومة جديدة، أما الطرف الآخر لا يرى بأن الأمر يتعلق بحكومة جديدة، وإنما يتعلق بالذهاب للانتخابات ويجب أن يكون وفق قوانين قد تمّ الإتفاق عليها بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة.
وفي انتظار أن يُحسم الخلاف بين تكالة والمشري عن طريق القضاء والمحكمة العليا، لأن هناك بعض الأشياء التي ظهرت على الملأ كرد اللجنة القانونية وسيطرة البعض عليها، ومحاولة أطياف السيطرة بذاتها، على الرغم من أن رأي اللجنة القانونية كان يفترض أن يقدم عن طريق رئيسها وهو المرشح الثالث لرئاسة المجلس عادل كرموس، ولكنه لم يكن حاضرا في اجتماع اللجنة القانونية ولم يقدم دعوة للاجتماع وإنسحابه الكلي والغير مبرر قد أثار الريبة وأدى ذلك لانسحاب تكالة وخروج جماعة المشري، في بيان رسمي يعزز وجود المشري في الرئاسة وهذا بالأساس غير قانوني.
فالمشري قد فرض نفسه رئيسا للمجلس وسيطرته على الصفحات والموقع الرسمي المجلس، وهذه حركات كان لا ينبغي أن يقوم بها المشري ولكن طبيعة الإخوان هكذا.
والى حدود اليوم لم يتم انتخاب نواب الرئيس الأول والثاني، كما لم يتم وضع التسليم والاستلام بشكل رسمي حتى ينصب المشري نفسه رئيسا ويستلم كل شيء بشكل رسمي. كما لن يكون هناك حسم إلا عن طريق القضاء وهذا واضح جدا.
المشهد مرتبك ومقسم كثيرا فكل المتواجدين في السلطة في ليبيا يبحثون عن البقاء لأطول فترة وإطالة عمر الأزمة باستحداث حكومة جديدة.
فالأمر في ليبيا لا يتعلق بما يريده الشعب، وإنما ما يريده هؤلاء المتمسكين بالكراسي والسلطة، وهنا يأتي تدخل الأجندات الخارجية وفرض بعض الدول أجنداتها على المشهد الليبي عن طريق بعض الأعضاء، والدخول في لعبة تستثمرها هذه الدول من أجل مصالحها ومكتسباتها وليس من أجل مصلحة الشعب الليبي
وكان تعليق بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في بيان رسمي أن ما حدث من خلاف داخل المجلس الأعلى للدولة هو مسألة داخلية يتعين على المجلس حلها، وحثت البعثة جميع الأطراف على التحلي بروح المسؤولية للتوصل إلى حل وإنهاء هذه الأزمة في أقرب وقت ممكن.