لماذا يضغط نتنياهو على السيسي من أجل السيطرة على محور فلادلفيا؟
قسم البحوث الأمنية والعسكرية 16-01-2024
يمثل محور فلادلفيا منطقة استراتيجية أمنية خاضعة لاتفاقية ثنائية بين مصر وكيان الاحتلال الإسرائيلي، وتتنازع السيطرة عليها ثلاثة أطراف: “إسرائيل” ومصر والمقاومة الفلسطينية.
في هذا السياق، لا يتوقف رئيس وزراء الإحتلال الصهيوني التأكيد على رغبته بالسيطرة على محور فيلادلفيا الحدودي، زاعماً أن بدونه لن يستطيع القضاء على حركة “حماس”، فيما تؤكد القاهرة أنها “تضبط حدودها وتسيطر عليها بالكامل” ولا يوجد سلاح يدخل الى غزّة بل أنها وافقت على وضع رادارات وآليات غستشعار إسرائلية على أراضيها وبقيادة إسرائلية ولكن كيان الإحتلال وحكومته المتطرفة تريد السيطرة الكاملة على المحور بما في ذلك التدخل والقصف العسكري.
فالقاهرة ترفض أي قوات إسرائيلية في المحور، حيث تعتبر أنه لا يحق لإسرائيل -حسب الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين- مخالفة الترتيبات الأمنية القائمة من دون موافقة مصر.
العلاقات بين مصر وكيان الإحتلال الصهيوني
تسير العلاقات بين مصر و”إسرائيل” على طريق متعرّج وقد يتحول المسار إلى مزيد من التصعيد الكلامي، في الوقت الذي تحاول فيه القاهرة لملمة آثار مزاعم كيان الاحتلال في محكمة العدل الدولية، حيث ألقت عليها المسؤولية الكاملة بما بعدم إدخال المعونات إلى قطاع غزة، وهو ما فتح مجال الانتقادات بوجه النظام المصري، في حين يستمر نتنياهو في إحراج الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمطالبته الدائمة بالقيام بدور أكبر في المعركة ضد حماس.
في هذا السياق، نشرت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية مقالاً بعنوان “إسرائيل تخطط لمهمة محفوفة بالمخاطر للسيطرة على آخر حدود لا تسيطر عليها في غزة”، وأشارت إلى أن “إسرائيل” أبلغت مصر خطتها لتنفيذ عملية عسكرية للسيطرة على حدود قطاع غزة مع مصر، في إشارة إلى محور فيلادليفيا.
وأضافت أن العملية العسكرية التي تخطط لها إسرائيل ستكون “معقدة عسكرياً” بسبب محاذاة الحدود مع مصر وإيواء المنطقة أكثر من مليون نازح فلسطيني.
قرار السيطرة على محور فيلادلفيا
هذه النوايا ليست جديدة وقد سبق الإعلان عنها في أواخر شهر ديسمبر الماضي، حيث أعلن رئيس نتنياهو مباشرة عن رغبته في السيطرة على محور فيلادلفيا الحدودي بين غزة ومصر.
وذكر وقتها أن بلاده تريد التأكد من أن غزة لا تشكل مصدر تهديد لها، وأضاف أن محور فيلادلفيا يجب أن يكون في أيدٍ وسيطرة إسرائيلية، وأن إسرائيل لن تقبل أي خيار آخر.
وأعاد تأكيده بوجوب السيطرة على المحور في مؤتمره الصحفي مساء السبت الماضي، فبنظره يشكل محور فيلادلفيا “فتحة” يتدفق منها السلاح لحركة حماس و”يجب إغلاقها”، مع الإشارة إلى أن القرار لم يتخذ بعد بهذا الشأن، لكنه يبدو أنه يعقد العزم على تنفيذه، إلا أن التأخير مرتبط بما يمثله القرار من تحد سياسي لمصر.
نتنياهو وأمريكا يضغطان على السيسي
يزداد الضغط على الرئيس السيسي وحكومته، كما تزداد مخاوف القاهرة من امتداد الحرب على أراضيها، مع موجة نزوح كبيرة متوقعة لآلاف الفلسطينيين إلى سيناء، في حال إحكام الإغلاق، وهو سيناريو تحرص مصر على تفاديه منذ بداية الحرب.
في هذا السياق، قال متحدث الخارجية المصرية أحمد أبو زيد، “إن مصر تضبط حدودها وتسيطر عليها بشكل كامل، وهي مسائل تخضع لاتفاقيات أمنية وقانونية وأي حديث في هذا الشأن يخضع للتدقيق ويتم الرد عليه بمواقف معلنة”.
كما عززت مصر قواتها عقب الاستهدافات الإسرائيلية لمحور فيلادلفيا، وفي ظل اتجاه كثير من النازحين إلى مدينة رفح والمناطق الحدودية، وزادت من الحواجز وحصنت محيط أبراج المراقبة والمواقع العسكرية المختلفة في المنطقة العازلة.
آمال كبيرة علقها مسؤولون إسرائيليون على السيسي منذ بدء الحرب، كان في مقدمتها استقبال النازحين الفلسطينيين من غزة بصورة دائمة أو مؤقتة، لكنها اصطدمت برفض قاطع لهذه الخطة، واستمرت الضغوط بواسطة أمريكية وبضغوطات سياسية على السيسي مع ترغيب بحوافز مالية، لكن السيناريوهات المذكورة يرفضها بشكل دائم على لسانه وفي العلن، أو من خلال تصريحات من داخل النظام المصري، لأن من شأن السير بهذه الطروحات أن تطيح به من رئاسة الجمهورية، بلحاظ ما يواجهه الشعب المصري من ضغوط اقتصادية.
لم تقدم تصريحات نتنياهو الكثير من التفاصيل حول سبب إصراره على السيطرة على المحور، لكنه أكد أنه بدون هذه الخطوة لن تستطيع إسرائيل القضاء على حركة “حماس”، ليظهر أن الهدف مرتبط بإحكام الحصار على غزة بالكامل وفصلها عن الأراضي المصرية.
ليصبح خط فيلادلفيا هو من ضمن اهتمامات واعتبارات جيش الاحتلال الإسرائيلي في استراتيجيته العسكرية للمعركة.
بالإضافة إلى استخدام نتنياهو محور فيلادلفيا كشماعة في وجع السيسي عند كل فرصة وخاصة وضعه في موقف محرج بإعتبار أن كيان الإحتلال يعتبر نفسه مسؤالا عن بقاء السيسي في السلطة والحكم ويجب أن يكون ممتن له وينفذ كل طلباته.
من الجدير بالذكر، منذ بداية معركة طوفان الأقصى، طالب الرأي العام العربي بوجوب فتح المعبر واستثمار الفرصة تاريخياً لفرض واقع جديد، عبر إدخال المزيد من المساعدات لغزة دون الحاجة إلى موافقة إسرائيلية.