أخبار العالمالشرق الأوسط

حسابات معقدة: لماذا يتجنب «حزب الله» استخدام صواريخه الأكثر تقدماً ضد إسرائيل؟

في ظل تصاعد الصراع بين «حزب الله» وإسرائيل، يبقى السؤال المطروح: لماذا لم يستخدم «حزب الله» صواريخه الأكثر تقدماً حتى الآن؟ على الرغم من امتلاكه ترسانة ضخمة من الصواريخ، بما في ذلك صواريخ دقيقة التوجيه وبعيدة المدى، إلا أن الحزب يبدو حذراً في استخدام هذه الأسلحة. هناك عدة عوامل تفسر هذا الحذر الاستراتيجي.

يتبع كل من «حزب الله» وإسرائيل سياسة “الردع المتبادل”، حيث كل طرف يدرك أن استخدام القوة القصوى سيؤدي إلى رد فعل مدمر من الطرف الآخر. إذا لجأ «حزب الله» إلى استخدام صواريخه المتقدمة والموجهة بدقة، قد تعتبر إسرائيل ذلك تهديداً وجودياً يستوجب رداً عسكرياً واسعاً، يصل إلى مستوى حرب شاملة. الحفاظ على هذا التوازن الهش يعد أداة لضبط التصعيد ومنع نشوب حرب واسعة النطاق.

من الناحية العسكرية، «حزب الله» يدرك أن استخدام صواريخ متقدمة سيثير رداً عنيفاً من إسرائيل، قد يشمل ضربات جوية مكثفة على البنية التحتية اللبنانية، بما في ذلك المناطق الحيوية، والمناطق التي يتمركز فيها الحزب. الفائدة العسكرية من استخدام هذه الصواريخ قد لا تكون كافية لمواجهة الضرر الكبير الذي قد يلحق بلبنان وبالحزب نفسه.

يحتفظ «حزب الله» بصواريخه المتطورة كأداة ردع استراتيجية لاستخدامها في لحظات أكثر حساسية أو في حال تصاعد النزاع إلى مستوى يهدد وجود الحزب أو يغير المعادلات الإقليمية بشكل جوهري. يُفترض أن هذه الصواريخ تمثل “الورقة الأخيرة” التي لن يتم استخدامها إلا إذا شعرت قيادة الحزب أن الوضع يتطلب تصعيداً نوعياً لتحقيق مكاسب ملموسة أو لتفادي خسارة حاسمة.

يمر لبنان بظروف سياسية واقتصادية بالغة الصعوبة، وأي تصعيد عسكري شامل سيؤدي إلى تدخلات دولية وإقليمية قد لا تكون في مصلحة الحزب. «حزب الله» يواجه أيضاً ضغوطاً داخلية نتيجة الوضع الاقتصادي المأساوي الذي يعصف بلبنان، وقد لا يكون من الحكمة توسيع دائرة النزاع في هذه اللحظة الحساسة.

«حزب الله» يُفضل حالياً أن يظل النزاع مع إسرائيل في إطار “حرب استنزاف محدودة”، حيث يعتمد على هجمات متفرقة بالصواريخ التقليدية على أهداف إسرائيلية، مع التركيز على عدم التصعيد الكبير الذي قد يدفع الأمور إلى حرب مفتوحة. هذا النهج يسمح للحزب بالتحكم في مسار المعركة وعدم فقدان زمام المبادرة.

مجرد امتلاك «حزب الله» لصواريخ متقدمة ودقيقة يعد جزءاً من الحرب النفسية التي يشنها الحزب ضد إسرائيل. القدرة على استخدام هذه الصواريخ تمثل تهديداً قائماً دون الحاجة إلى تفعيلها فوراً. هذا الردع النفسي والتكتيكي يمنح الحزب بعض النفوذ في معادلة الصراع.

الصراع الحالي بين «حزب الله» وإسرائيل يأتي في إطار توترات إقليمية أوسع تشمل سوريا وإيران وفصائل أخرى في المنطقة. «حزب الله» قد يكون متحفظاً في استخدام أسلحته المتطورة بانتظار تطورات أو تدخلات أخرى في المنطقة قد تغير ديناميكية الصراع بشكل جذري، سواء مع دخول أطراف جديدة أو بسبب تطور العلاقات الإقليمية والدولية.

بالتالي حذر «حزب الله» في استخدام صواريخه المتقدمة ضد إسرائيل يعكس استراتيجية مدروسة تهدف إلى الحفاظ على توازن الردع وتجنب التصعيد الشامل الذي قد يؤدي إلى حرب مدمرة. الحزب يعتمد حالياً على استخدام القوة المحدودة والمناورة التكتيكية، مع إبقاء الأسلحة المتطورة كورقة ضغط أخيرة تحسباً لأي تغير جوهري في طبيعة النزاع أو التهديدات التي يواجهها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق