قانون الملاحة الدولية: من حق اليمن منع السفن الإسرائيلية في المياه الدولية
فاتن جباري قسم العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية
تونس 16-01-2024
مضيق باب المندب، أو بوابة الدموع هو رابع أكبر الممرات من حيث عدد براميل النفط التي تمر فيه يومياً أي نحو 6.7 في المائة من تجارة النفط العالمية.
إنه ممر مائي يصل خليج عدن وبحر العرب بالبحر الأحمر، ومنه عبر قناة السويس إلى البحر الأبيض المتوسط. وهو يقع بين اليمن في آسيا وكل من جيبوتي وأريتريا في أفريقيا.
منذ افتتاح قناة السويس عام 1869 وربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط تحول باب المندب إلى واحد من أهم ممرات النقل والمعابر البحرية بين أوروبا وحوض البحر المتوسط، وعالم المحيط الهندي وشرق أفريقيا.
وربما يعتقد البعض أنه من حق أي دولة ساحلية لها امتداد طويل على طول الحدود البحرية من بحرها الإقليمي الى المناطق البحرية المتاخمة لتلك الحدود، أن تمنع أي سفينة اجنبية أو أن تحتجزها أو تسيطر عليها.
فمبدئياً لا يمكن ذلك ولكن قانون الملاحة البحرية الدولية يسمح للدولة بصورة إستثنائية في بعض الحالات باتخاذ قوانينها وإجراءاتها التنفيذية لغرض معين.
من بين هذه الحلات هو حق الدولة اليمنية كدولة ساحلية التمسك بحقوقها في حماية أمنها وسلامة مجالها البحري-الإقليمي وفقا لما تنص عليه اتفاقية قانون البحار لعام 1982.
كما أن من حق اليمن كدولة مستقلة وذات سيادة وعضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة التحرك بكل الوسائل المتاحة للضغط على المجتمع الدولي لمنع أي تهديد خارجي أو عدوان أجنبي بما في ذلك التصدي العسكري المباشر …
مضيق باب المندب من منظور استراتيجي عالمي ومشروعية التحرك اليمني
يعدُّ مضيق باب المندب واحداً من أهم المضائق الدولية في العالم، وترتبط أهميته الاقتصادية والاستراتيجية بأنه يمثل البوابة الجنوبية الوحيدة للبحر الأحمر، ويتوسط المسافة بين قناة السويس ومدينة بومباي في الهند، بذلك فهو شريان التجارة الدولية بين الشرق والغرب حيث تعبره يوميا عشرات من ناقلات النفط العملاقة فضلاً عن السفن التجارية والبحرية، وهذا ما يعطي أهمية استراتيجية واقتصادية تؤثر في العلاقات الإقليمية والدولية.
ومما زاد أهمية الممر، أن عرض قناة عبور السفن بين جزيرة بريم والبر الإفريقي، هو 16 كيلومترا وعمقها 100 إلى 200 متر، مما يسمح للسفن وناقلات النفط بعبور الممر بسهولة في الاتجاهين.
علماً أن المسافة بين ضفتي المضيق هي 30 كيلومترا من رأس منهالي في الجانب الآسيوي إلى رأس سيان في الجانب الإفريقي. ووفقا للملاحة الدولية يقدر عدد السفن وناقلات النفط العملاقة التي تمر فيه بالاتجاهين، بأكثر من 21000 قطعة بحرية سنوياً تمثل 7 في المائة من حركة الملاحة البحرية العالمية.
ماذا تقول قوانين الملاحة الدولية بالنسبة للدول الساحلية : قانون البحار
وفقاً لاتفاقية قانون البحار لعام 1982، من حق اليمن أن يتحرك على طول السواحل البحرية المحيطة به بداية من بحر العرب، والبحر الأحمر وصولاً إلى مضيق باب المندب، والذي يشرف عليه اليمن ويربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي عن طريق خليج عدن.
كما أنّ للدولة الساحلية العديد من الحقوق والواجبات وفقاً لمقتضيات قوانين الملاحة البحرية، لكن الصراع البحري الحاصل اليوم في البحر الأحمر وباب المندب، يطرح العديد من الإشكاليات والتساؤلات حول مشروعية التحرك اليمني في المياه الإقليمية وفقاً لقواعد ومنظومة الملاحة الدولية الذي تحاول الأوساط الغربية وعلى راسها الولايات المتحدة الامريكية تجريمه واعتباره مخالف لقواعد وقوانين الملاحة الدولية.
اليمن دولة ساحلية لها امتداد طويل على طول الحدود البحرية وبحكم هذه الحالة الجغرافية، بإمكان هذه الدولة أن تمنع أي سفينة أجنبية أو أن تحتجزها، أو تسيطر عليها بصورة استثنائية في بعض الحالات باتخاذ قوانينها وإجراءاتها التنفيذية لغرض معين.
في هذه الحالة بالإمكان إعتبار منع المرور عبر باب المندب أو البحر الأحمر بمثابة إجراء تنفيذي هدفه الضغط على المجتمع الدولي من أجل وقف جرائم الإبادة الجماعية، وفك الحصار المفروض على غزة.
وهو إجراء اتخذ ضد أي سفينة أجنبية (حاملة لعلم دولة متورطة بشكل مباشر أو غير مباشر في دعم الحرب أو مشاركة فيها أو من جنسيات أخرى لكنها تعمل لصالح إسرائيل)، تكون راسية في بحرها الإقليمي أو مارّة عبره نحو المضيق، أن توقفها أو تحتجزها، وفقاً لما تنص عليه المادة الثالثة من الفصل.
خلاصة :
طبقا لإتفاقية قانون البحار لسنة 1982 فأنه يمكن إعتبار التواجد العسكري والسفن الحربية الأمريكية – الغربية في البحر الأحمر:
– تواجد عدواني تحت عنوان الردع هدفه تهديد أمن وسلامة اليمن.
– تحرك السفن الحربية الأمريكية وحاملات الطائرات في البحر الأحمر يعدّ مخالفاً لحق “المرور البريء” الذي نصّت عليه المادة 19 من اتفاقية قانون البحار لعام 1982.
– استهداف زوارق البحرية اليمنية من قبل طائرات أمريكية هو “إعلان حرب واعتداء مباشر”، يمنح اليمن الحق في إستخدام كل الوسائل للدفاع الشرعي عن النفس وفقا للمادة 51 من قانون الملاحة الدولي.