فوز اليمين المتطرف في بريطانيا يوجه ضربة مزدوجة لحزبي العمال والمحافظين ويؤشر لتحول سياسي كبير

قسم الأخبار الدولية 02/05/2025
سجّل حزب “إصلاح المملكة المتحدة” بزعامة نايجل فاراج اختراقاً لافتاً في الانتخابات المحلية الأخيرة ببريطانيا، بعدما انتزع مقعداً برلمانياً من حزب العمال بفارق ضئيل بلغ 6 أصوات فقط في دائرة رنكورن وهيلسبي شمال غربي إنجلترا، في أول هزيمة انتخابية لرئيس الوزراء كير ستارمر منذ توليه السلطة منتصف 2024. كما فاز الحزب اليميني المتطرف برئاسة بلدية لينكولنشير الكبرى، وحقق مكاسب واضحة في المجالس المحلية على حساب الحزبين الرئيسيين.
هذا الزخم الجديد يؤكد أن السياسة البريطانية تتجه بقوة نحو التعددية الحزبية، في وقت يشهد فيه الرأي العام استقطاباً متزايداً بشأن قضايا الهجرة، والتقشف، وفعالية الحكومة. ويبدو أن الخطاب الشعبوي الذي يتبناه فاراج، لا سيما تعهده بـ”وقف قوارب” المهاجرين، نجح في اجتذاب شريحة من الناخبين الساخطين على أداء كل من المحافظين والعمال.
انهيار الولاء التقليدي
تُظهر نتائج الانتخابات الفرعية والمحلية مؤشرات خطيرة للأحزاب التقليدية، إذ بدأ الناخب البريطاني في تجاوز ثنائية “العمال والمحافظين”، مع تنامي قوة أحزاب مثل “الخضر” و”الليبراليين الديمقراطيين” إلى جانب “إصلاح المملكة المتحدة”. وارتفعت نسبة التأرجح الانتخابي ضد العمال في مناطق كانت تعد آمنة، ما يعكس تآكلاً في قاعدة الحزب الاجتماعية.
رئيس الوزراء ستارمر وصف النتائج بأنها “مخيبة للآمال”، لكنه تعهد بالمضي في “إصلاحات أكثر جرأة”، في وقت يواجه فيه حزبه انتقادات بسبب رفع الضرائب وتقليص برامج الرعاية.
استطلاعات تؤكد التحول
تصدّر حزب فاراج أحدث استطلاعات “يوغوف” بنحو 26%، متقدماً على العمال (23%) والمحافظين (20%)، ما يفتح الباب أمام سيناريو صعود سياسي لحزب كان يُعد حتى وقت قريب من الهامش. وحذر خبراء مثل جون كورتيس من “تشرذم المشهد السياسي” وظهور 5 أحزاب كقوى انتخابية فاعلة، لأول مرة منذ قرن تقريباً.
هل يعاد رسم المشهد السياسي البريطاني؟
يضع الفوز الرمزي والمؤسسي لفاراج، رغم محدودية عدد المقاعد، النخبة السياسية في بريطانيا أمام تحدٍ وجودي. فمع تصاعد القلق من الهجرة والركود الاقتصادي، يتزايد انجذاب الناخبين إلى أحزاب تتبنى خطاباً متطرفاً ومناهضاً للمؤسسة التقليدية.
وإذا استمرت هذه الديناميكية حتى الانتخابات العامة المقبلة (2029 على الأرجح)، فقد تدخل بريطانيا فعلاً عصراً جديداً تتراجع فيه الأحزاب التقليدية أمام قوى جديدة تحمل رسائل أكثر جذرية، وأحياناً أكثر استقطاباً.