فرنسا: لم يعد بإمكاننا الإعتماد على الولايات المتحدة الأميركية لضمان حمايتنا الإستراتيجية
باريس-فرنسا- 24-9-2021
قال وزير الاقتصاد الفرنسي، برونو لومير، أمس،تعقيبا على إجهاض الولايات المتحدة وبريطانيا صفقة الغواصات الفرنسية مع أستراليا، إن “الدرس الأول الذي نتعلّمه هو أن الإتحاد الأوروبي يجب أن يبني استقلاله الاستراتيجي،مشيرا إلى أن”الحلقة الأفغانية وحلقة الغواصات، تُظهران أنه لم يعد بإمكاننا الإعتماد على الولايات المتحدة الأميركية لضمان حمايتنا الاستراتيجية”.
وأضاف لومير: ” إن لدى الولايات المتحدة اهتماما استراتيجيا واحدا فقط، هو الصين، واحتواء صعود قوتها”.
وأشار إلى أن الرئيسين: السابق دونالد ترامب والحالي جو بايدن “يعتقدان أن حلفاءهما (…) يجب أن يكونا طيّعين.. نحن نعتقد أننا يجب أن نكون مستقلين”.
واستطرد قائلا: “يجب على شركائنا الأوروبيين أن يفتحوا أعينهم”، منتقدا دعم الدنمارك للولايات المتحدة، الذي يتعارض مع الانتقادات التي وجّهتها السلطات الأوروبية بعد القرار الأسترالي بفسخ العقد الموقّع مع مجموعة نافال الفرنسية.
وذكر أن “التفكير مثل رئيسة الوزراء الدنماركية بأن الولايات المتحدة ستستمر في حمايتنا والدفاع عنّا، مهما حدث، خطأ.. لم يعد بإمكاننا الإعتماد إلا على أنفسنا”.
من ناحيته، شدد الناطق باسم الحكومة الفرنسية، غابريال أتال، على أن بلاده “ليست قلقة” بشأن صناعتها الدفاعية بعد الخطوة الأسترالية، معتبراً أن ما جرى ليس مجرد “أزمة تجارية وصناعية بقدر ما هي أزمة سياسية واستراتيجية”.
ورداً على سؤال عمّا إذا كان بإمكان الهند شراء الغواصات التي لن تسلّم إلى كانبيرا، قال أتال: “منذ بداية عهد ماكرون، بعنا 88 طائرة رافال، وتلقينا طلبيات إضافية بقيمة 30 مليارا، وسلّمنا معدات بقيمة 30 مليارا، وغواصاتنا هي سفن رائدة معترف بها دوليا، وستحصل عليها عدد من الدول”.
من ناحيته، أعلن رئيس مجلس إدارة “نافال غروب” الصناعية الفرنسية بيار إريك بومليه، أن المجموعة سترسل “بعد بضعة أسابيع” لأستراليا “عرضاً مفصلاً بالأرقام” لـ “الكلفة التي تكبّدتها والكلفة المقبلة” بعد فسخ عقد الغواصات.
وأوضح أنه استنادا إلى ما نص عليه “سيترتب على أستراليا دفع التكاليف التي تكبدناها والتكاليف المقبلة على ارتباط بـالتفكيك الفعلي للبنى التحتية والمعلوماتية وإعادة نشر الموظفين… سوف نطالب بكامل حقوقنا”.
وبلغت قيمة العقد الإجمالية 50 مليار دولار أسترالي (31 مليار يورو) عند توقيعه، وهو ما يوازي 90 مليار دولار بعد الأخذ بالتضخم على طول مدة البرنامج، مع تخطّي حدّ التكاليف.
من ناحية أخرى، تهدد أزمة الغواصات بزيادة “الاختلال” في العلاقات الدولية وداخل مجلس الأمن. ويوضح برتران بادي، خبير العلاقات الدولية بمعهد العلوم السياسية في باريس أن “أزمة الغواصات هذه تهزّ المجموعة الثلاثية”، التي تضم الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة، معتبراً أنها “أزمة حادة تتعلق بالمفهوم التقليدي للتحالف المنبثق عن الحرب الباردة والذي لا يزال على حاله تقريباً”.
ولفت برتران بادي إلى أن “روسيا والصين تتبعان منذ بعض الوقت دبلوماسية التقاط ما أمكن، مستندتين إلى اتفاقات ظرفية أكثر منها إلى التزامات ثابتة ناتجة عن دبلوماسية محاور”.
من جهته،أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أمس الخميس، أن بلاده تدرك أن المصالحة مع فرنسا بعد أزمة الغواصات “ستستغرق وقتا” وتتطلب “عملا دؤوبا” من جانب واشنطن.