أخبار العالمأوروبا

فرنسا على شفا أزمة سياسية ومالية مع اقتراب تصويت الثقة على حكومة بايرو

تقترب فرنسا من أزمة سياسية ومالية كبرى مع اقتراب موعد تصويت الثقة على حكومة رئيس الوزراء فرانسوا بايرو، المقرر في 8 سبتمبر الجاري. ويأتي ذلك وسط رفض قاطع من المعارضة، وقلق متزايد في الأسواق المالية، ما ينذر بانهيار الحكومة، ويفتح الباب أمام رابع تغيير حكومي خلال أقل من عامين.

معارضة موحّدة.. وبايرو: “التسوية قد لا تكون ممكنة”

رغم تصعيده للخطاب ومحاولاته لكسب دعم الأحزاب، أقرّ بايرو بأن الوصول إلى تسوية سياسية قد يكون بعيد المنال. وقال في مقابلة تلفزيونية مساء الأحد:“التسوية أمر جميل، لكن لست متأكداً من أنها ممكنة”.

المعارضة من جهتها، أعلنت موقفها الحاسم: جوردان بارديلا (التجمع الوطني): “الحكومة ستسقط”. وأوليفييه فور (الحزب الاشتراكي): “قرار التصويت ضد الثقة لا رجعة فيه… الكلمة الوحيدة التي أنتظرها من بايرو الآن هي: وداعاً”.

 الأسواق ترد بقوة: ارتفاع غير مسبوق في تكاليف الاقتراض

عمليات بيع كثيفة للسندات الفرنسية خلال الأسبوع الماضي دفعت العائد على السندات لأجل 10 سنوات إلى تجاوز نظيرتها اليونانية، واقتربت من المستويات الإيطالية. الفارق بين السندات الفرنسية والألمانية تجاوز 80 نقطة أساس – وهو أعلى مستوى منذ جانفي الماضي. المستثمرون ينظرون إلى المأزق السياسي بوصفه تهديداً مباشراً لتعافي الاقتصاد الفرنسي، ويبدون قلقاً متزايداً من شلل حكومي قد يُعطل تمرير أي موازنة أو إصلاحات

خطة بايرو التقشفية: ضرائب جديدة وعطلتان أقل!

في جويلية الماضي، قدم بايرو خطة تقشف تشمل:

  • خفض الإنفاق وزيادة الضرائب بقيمة 44 مليار يورو
  • تقليص العجز إلى 4.6% من الناتج المحلي (من 5.4% متوقعة)

إلا أن الخطة أثارت انتقادات واسعة، خصوصاً بعد اقتراحه إلغاء عطلتين وطنيتين (اثنين الفصح و8 ماي)، وهو ما اعتُبر مساساً بالهوية الوطنية وحقوق العمال.
بارديلا وصف الخطة بأنها: “هجمة مباشرة على تاريخنا وجذورنا – وعلى العمال الفرنسيين”.

برلمان منقسم وقرارات معطّلة

فرنسا تعاني من برلمان “معلّق”، منقسم إلى كتل سياسية متناحرة:

اليسار يرفض خفض الإنفاق على الرعاية الاجتماعية (65% من الميزانية،اليمين المتطرف يطالب بخفض الهجرة وتقليص المساهمات الأوروبية و الوسط يريد زيادة الإنفاق الدفاعي دون رفع الضرائب. الانقسامات تعيق تمرير القوانين وتحوّل كل تصويت إلى معركة ثقة في الحكومة.

 أزمة مالية ممتدة منذ سنوات

منذ توليه الرئاسة في 2017، خفّض ماكرون الضرائب على الشركات وألغى ضريبة الثروة، ما أفقد الدولة 62 مليار يورو سنوياً. لكن ذلك ترافق مع: إنفاق 17 مليار يورو لاحتواء احتجاجات “السترات الصفراء”، 41.8 مليار خلال جائحة كورونا و26 مليار لمواجهة أزمة الطاقة بعد الحرب في أوكرانيا. النتيجة: ارتفاع الدين العام من 2.2 تريليون إلى 3.3 تريليون يورو، وتدهور التصنيف الائتماني من قبل وكالة S&P.

 سيناريوهات ما بعد سقوط بايرو

في حال خسارة التصويت، سيضطر ماكرون لتكليف شخصية جديدة بتشكيل الحكومة، وسط ضغوط متزايدة من المعارضة للدعوة إلى انتخابات تشريعية – وربما رئاسية – مبكرة. لكن الرئيس الفرنسي أكد تمسكه بإكمال ولايته حتى 2027، قائلاً إنه لن يستقيل تحت أي ظرف.

بارديلا مجدداً: “لا يمكننا الاستمرار على هذا النحو لعامين… لا مفر من العودة إلى الشعب الفرنسي”.

هل تصبح فرنسا “إيطاليا جديدة”؟

مراقبون دوليون حذروا من أن فرنسا تقترب من السيناريو الإيطالي، حيث الديون المتصاعدة، حكومات قصيرة العمر، وشلل مزمن في القرار السياسي.

وهو سيناريو قد يقوّض موقع فرنسا القيادي في الاتحاد الأوروبي، ويضعف قدرتها على تنفيذ إصلاحات اقتصادية عاجلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق