فرنسا تواصل انسحابها من غرب أفريقيا بتسليم قاعدة روفيسك للسنغال وسط تصاعد المطالبات بالسيادة الوطنية

قسم الأخبار الدولية 02/07/2025
سلّمت فرنسا رسمياً قاعدة “روفيسك” العسكرية إلى الحكومة السنغالية، في خطوة جديدة ضمن خطة الانسحاب الكامل لقواتها من البلاد، التي يرتقب أن تكتمل بحلول 18 يوليو/تموز الجاري. وتُعد روفيسك رابع منشأة عسكرية فرنسية تُخلى منذ إعلان باريس نهاية وجودها العسكري في السنغال، الذي يعود إلى أكثر من قرن.
وجرى تسليم القاعدة الواقعة جنوب العاصمة دكار من دون مراسم رسمية، واقتصر الحدث على توقيع اتفاق حضره قادة عسكريون من الجانبين، ومسؤولون من السفارة الفرنسية. وكان نحو 20 جندياً فرنسياً قد غادروا الموقع خلال الأسابيع الماضية، لينتهي بذلك استخدام القاعدة التي شكّلت منذ 1960 مركز بث إذاعي استراتيجي، استخدمه الجيش الفرنسي للتواصل مع وحداته البحرية المنتشرة في المحيط الأطلسي.
وتأتي هذه الخطوة استكمالاً لخطة إخلاء كامل للقواعد الفرنسية، تشمل أيضاً المنشآت الواقعة في مطار العاصمة دكار، وأخرى في حي بلاتو الحيوي المطل على الميناء، والتي من المقرر تسليمها لاحقاً هذا الشهر.
ويعكس القرار تغيراً جذرياً في السياسة الخارجية للسنغال بعد انتخاب الرئيس باسيرو ديوماي فاي، الذي أعلن بوضوح أن الوجود العسكري الفرنسي لا ينسجم مع السيادة الوطنية ولا مع تطلعات شعوب غرب أفريقيا. ويُعد فاي من أبرز الأصوات المطالبة بإنهاء الإرث الاستعماري الفرنسي، وقد تعهّد منذ توليه المنصب بإعادة التوازن في العلاقات الدولية لبلاده.
ويشكّل هذا الانسحاب جزءاً من موجة أوسع تشهدها منطقة الساحل وغرب أفريقيا، حيث تواجه باريس رفضاً شعبياً متصاعداً، أدى إلى انسحابها من عدة دول بينها مالي وبوركينا فاسو والنيجر، بفعل تحولات سياسية وأمنية عميقة.
وتُعرف السنغال تاريخياً بعلاقاتها المتينة مع فرنسا، إلا أن الأوضاع الجيوسياسية الراهنة والمطالبات الشعبية بتحقيق الاستقلال الكامل على المستويين العسكري والاقتصادي، دفعت بالحكومة الجديدة إلى اتخاذ مواقف أكثر حزمًا. وقد أثار قرار الانسحاب ارتياحًا لدى قطاعات واسعة من الرأي العام، التي ترى في مغادرة القوات الفرنسية فرصة لتعزيز القدرات الدفاعية المحلية وإعادة صياغة مفهوم الشراكة مع القوى الكبرى.