عضو “الشؤون الخارجية” بالمغرب يوضح أبعاد الوساطة الأمريكية بين الجزائر والرباط

قسم البحوث والدراسات الاستراتجية والعلاقات الدولية 20-04-2025
قال أحمد نور الدين، عضو المجلس المغربي للشؤون الخارجية، إن بلاده قبلت كل الوساطات السابقة التي سعت إليها مصر والسعودية وروسيا بشأن حل الأزمة مع الجزائر، “غير أن الأخيرة رفضت ذلك”.
وأضاف أن الوساطة الأمريكية المطروحة تستند إلى الاعتراف الأمريكي السابق الذي أكد أن الحكم الذاتي المقترح من قبل المغرب هو الحل الأمثل في إطار السيادة المغربية.
ما هي تفاصيل المقترح الأمريكي بشأن الوساطة في ملف الصحراء؟
الإطار العام للوساطة الأمريكية نجده في بيان الوزير ماركو روبيو المنشور على موقع الخارجية الأمريكية، ويتضمن نقطتين أساسيتين، الأولى هي تأكيد الاعتراف الأمريكي الصريح بسيادة المغرب على إقليم الصحراء الغربية، الثانية، تذكير بأن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل الوحيد للنزاع.
أضيف إليهما نقطة ثالثة وردت على لسان مساعدة وزير الخارجية الأمريكية ليزا كينا، لدى استقبالها ستافان ديمستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، منذ حوالي عشرة ايام، حيث قالت يجب (must) على الجزائر الانخراط في الحل دون تأخير (الآن).
لكن هناك تصريحات حملت بعض الإشارات الأخرى من جانب مستشار الرئيس الأمريكي مسعد بولوس؟
المبادئ المذكورة سابقا هي المؤطرة للوساطة، ثم جاءت تصريحات مستشار الرئيس الأمريكي مسعد بولوس، صهر ترامب ورجل الأعمال الأمريكي من أصول لبنانية والتي خلقت بعض البلبلة، في صيغتها الأولى على إحدى القنوات، قبل أن يتراجع عنها ويوضح أن الاعتراف الامريكي بمغربية الصحراء واضح ولا غبار عليه.
حيث تضمنت التصريحات الأولى لبولس لإحدى القنوات:
- وجود مساع أمريكية للمصالحة بين المغرب والجزائر
- إدارة ترامب تسعى إلى حلّ قضية “الصحراء الغربية” حلا يُرضي الطرفين المغربي والجزائر
- وزير الخارجية الأمريكي روبيو أكد سابقا على ضرورة الإسراع في الحل
- هناك 200 ألف لاجئ صحراوي في الجزائر ينتظرون الحل النهائي للقضية، (برنامج الأمم المتحدة للاجئين يتحدث عن 90 ألف لاجئ فقط)
- الجزائر مستعدة للقبول بالحلّ الذي تقبل به البوليساريو
هل تتماهى المبادرة الأمريكية مع مبادرة الحكم الذاتي التي طرحها المغرب أم تحمل جوانب أخرى؟
كما تلاحظون الوساطة الأمريكية محكومة بالاعتراف الصريح والواضح بسيادة المغرب على الصحراء، وأن الحكم الذاتي هو الحل الوحيد للنزاع، إلى هنا الأمر يتماهى مع المبادرة المغربية، وينسجم مع الاعتراف الامريكي ومع مواقف حوالي 112 دولة عبر العالم التي تدعم المقترح المغربي، ويتماشى حتى مع قرارات مجلس الأمن منذ 2007 التي تدعو إلى حل سياسي للنزاع.
ولكن تصريح بولوس قبل مراجعته لاحقا، كان قد أثار غبارا على الوساطة بسبب الآتي:
أولا، كان قد قال لإحدى القنوات، أن الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب ليس “مطلقا”، وهذا كلام خطير يشكك فيما قاله وزير خارجية أمريكا، بل ويشكك في قرار رسمي نشر في السجل الفدرالي الأمريكي منذ 2020، لتصبح له قوة الأمر المقضي به، وتترتب عليه كل الآثار القانونية المعروفة سياسيا ودبلوماسيا، إضافة إلى أن واشنطن وزعت مذكرة على أعضاء مجلس الأمن تؤكد اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء، وطلبت من رئيس مجلس الأمن سنة 2020 أن يدرجها كوثيقة رسمية لمجلس الأمن.
وأكثر من ذلك كل المحاولات التي اتخذتها بعض الدول لثني إدارة جو بايدن عن الاعتراف باءت بالفشل، مما يجعل من الاعتراف الامريكي موقفا للإدارة الأمريكية بشقيها الجمهوري والديمقراطي على حد سواء.
لكن هذا الغبار ما لبث أن انقشع في أقل من ليلة، حيث نشر المستشار الأمريكي بولس في نفس الليلة تأكيدا للموقف الامريكي، ثم جاءت تصريحاته قبل يومين لقناة إخبارية مغربية، أعاد فيها تأكيد الموقف الأمريكي.
ما الذي يمكن أن ترتكز عليه الوساطة الأمريكية بين المغرب والجزائر؟
- مساعدة الجزائر على الخروج من مأزقها، عبر وضع ترتيبات لعودة اللاجئين في الجزائر إلى أرض المغرب.
- تفكيك “البوليساريو” كما حدث في تجارب دولية مثل “إيتا” الباسكية في اسبانيا، أو “إيرا” الإرلندية في بريطانيا، أو حتى “الفارك” في كولومبيا.
- وضع خطة تنفيذية لا تتجاوز السنتين لإغلاق المخيمات، وتفكيك “الجبهة”.
- إعطاء ضمانات أمريكية، بعدم المتابعة القضائية في حق قيادات وعناصر “البوليساريو”.
- وضع برنامج لإعادة إدماج اللاجئين وعناصر البوليساريو في الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
- اقتراح إطار جديد لتطبيع العلاقات بين المغرب والجزائر، وفتح الحدود، على أساس متين يجيب عن كل عناصر التوتر بما فيها الأراضي الحدودية المتنازع حولها خارج نطاق الصحراء، ومراجعة اتفاقية الحدود للعام 1972 التي خرقتها الجزائر بعدم تنفيذ الشق المتعلق باستغلال منجم الحديد في غار جبيلات من بين خروقات أخرى، وغالبا سيكون هذا الإطار عبارة عن معاهدة جديدة بضمانات أمريكية.
ما هو الموقف المغربي تجاه المبادرة حتى الآن؟
المغرب كان سباقا إلى مدّ يد المصالحة وعلى أعلى المستويات، فقد طرح العاهل المغربي محمد السادس في أربع خطابات رسمية منذ 2018 المصالحة بين البلدين، واقترح ذلك في رسالة التهنئة التي وجهها إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بمناسبة انتخابه في ديسمبر 2019، في العهدة الأولى، ولكن الجزائر رفضت كل المبادرات المغربية.
وأكثر من ذلك رغم قطع الجزائر علاقاتها من جانب أحادي مع المغرب في 24 أغسطس 2021، أعلن المغرب في بلاغ رسمي عن استعداد العاهل المغربي المشاركة في القمة العربية المنعقدة في الجزائر في نوفمبر 2022، وعبر المغرب عن استعداده فتح حوار للمصالحة على هامش القمة، ولكن الجزائر عرقلت عمل الوفد المغربي الذي انتقل خصيصا لترتيب زيارة العاهل المغربي، ورفضت السلطات الجزائرية إجراء أي لقاء مع الوفد لوضع التفاصيل البروتوكولية لزيارة الملك.
وفوق ذلك كله، قبل المغرب كل مقترحات الوساطة العربية سواء، السعودية أو المصرية، بينما الجزائر أعلنت رفض كل الوسطات على لسان الرئيس الجزائري في حوار صحافي في نوفمبر 2021 بثه التلفزيون الجزائري الرسمي، وأعلنت رفضها لمقترح الجامعة العربية إدراج بند المصالحة بين المغرب والجزائر في جدول أعمال القمة العربية في الجزائر، وقد وجه مندوب الجزائر في الجامعة العربية بالقاهرة، عبد الحميد شبيرة، رسالة كتابية بهذا الرفض.
وأضيف لكم وبشكل حصري لم يسبق نشره من قبل، المغرب قبل مقترحا للسيد لافروف، وزير الخارجية الروسي، بالوساطة بين البلدين سنة 2013، بينما رفضته الجزائر، ما يعني أن المغرب ليست لديه مشكلة في الحوار، وكان دائما يمد يده للمصالحة، ولكن الجزائر هي التي كانت دائما ترفض ذلك.
هل تعتقد أن الجزائر يمكن أن تقبل بالوساطة الأمريكية؟
يجب التذكير أن الجزائر تقول دائما إنها ليست طرفا في الصراع، بينما بالنسبة للمغرب النزاع يتعلق بمسألة وجود وبفصل أقاليمه الجنوبية عن الوطن، لذلك المطلوب في أي وساطة سواء كانت أمريكية أم غير أمريكية، هو أن تكف الجزائر عن العدوان واحتضان عناصر تهاجم المغرب انطلاقا من أراضيها.
المصدر وكالة سبوتنيك: أجرى المقابلة/ محمد حميدة