آسياأخبار العالم

شبكة «الياقات البيضاء» تهزّ الهند بعد كشف أخطر تنظيم إرهابي محترف يقوده أطباء ومهندسون

شكّل كشفُ شبكة إرهابية تضم أطباءً وطلابَ طب وخبراءَ تكنولوجيا تحولاً لافتاً في مسار مكافحة الإرهاب في الهند، بعدما كشفت التحقيقات عن بنية تنظيمية معقّدة جمعت بين التعليم العالي والتطرف العنيف في إطار واحد، وامتدت عملياتها عبر ولايات هندية متعددة. وجاءت هذه التطورات بينما كانت السلطات الهندية تتعامل مع تداعيات هجومٍ دمّر قلب نيودلهي، وأدى إلى مقتل 15 شخصاً، عندما فجّر طبيبٌ متشدد سيارة محمّلة بنترات الأمونيوم عند إشارة مرورية مكتظة.

الاعتقال الأول الذي كشف الخيط الأخطر

بدأت أجهزة الأمن تطوّق المؤامرة عندما اعتقلت في كشمير رجل الدين عرفان أحمد واغاي، الذي وُجد بحوزته ملصقات تُنسب لجماعة «جيش محمد» وتدعو السكان إلى عدم التعاون مع القوات الهندية. وقاد استجوابه إلى شبكة معقدة تضم محترفين يحملون شهادات طبية وهندسية، ويتوزعون على ولايات أوتار براديش وهاريانا وغوجارات.

وتقدّمت التحقيقات خطوة حاسمة عندما ألقت الشرطة القبض على الدكتور عادل مجيد راذر في أوتار براديش، قبل أن تكشف اعترافاته عن أسماء أطباء آخرين ضالعين في عمليات تصنيع المتفجرات والتخطيط للهجمات.

مخازن متفجرات بحجم عسكري داخل منازل أطباء

تعمّقت الصدمة الأمنية عندما اكتشفت الشرطة مخابئ ضخمة للمتفجرات في منازل أعضاء الشبكة. ففي مسكنٍ مستأجر بفريد آباد، عثرت قوات الأمن على أكثر من 2.900 كيلوغرام من المتفجرات، من بينها نترات الأمونيوم والبوتاسيوم وزيت الوقود والصواعق وأجهزة توقيت. وشكّل هذا الكشف دليلاً على أن التنظيم انتقل من التطرف النظري إلى التنفيذ المنهجي عالي الاحتراف.

وفي عملية متزامنة، أدى التحقيق مع الدكتور مزمل شاكيل جاناي إلى مصادرة 358 كيلوغراماً إضافياً من المواد التفجيرية، فضلاً عن ضبط بندقية هجومية بحوزة الدكتورة شاهين سيد، التي أصيبت بالهلع عند اعتقال جاناي وألقت السلاح في سلة قمامة.

مسارات تطرف عبر «تلغرام» واتصالات خارجية

بيّنت التحقيقات أن أفراد الشبكة اعتنقوا التطرف عبر قنوات مشفّرة في «تلغرام»، أبرزها قناة «فرزاندان دار العلوم» المرتبطة بـ«جيش محمد». واستُخدمت هذه المنصات في نشر الخطاب المتطرف ودفع الأعضاء نحو تأييد العنف. وكشفت الأدلة أن عدداً من العناصر، بينهم الدكتور عمر نبي والدكتورة شاهين ورجل الدين عرفان، التقوا مسؤولين من الجماعة ذاتها في تركيا ودبي خلال الأشهر الماضية، في مؤشر على امتداد الشبكة خارج الحدود.

الريسين: البعد الأخطر في التحقيق

اتسع التحقيق عندما اعتقلت شرطة غوجارات الطبيب أحمد محيي الدين سيد، الذي تلقى تدريبه في الصين، بعد محاولته تحضير سمّ الريسين القاتل، وهو مادة شديدة السمية تُعدّ أخطر من المتفجرات التقليدية. واعترف سيد بتواصله مع عنصر في «داعش – خراسان»، وبأنه بدأ فعلاً الخطوات الكيميائية لإنتاج السم.

دور جامعي و«جناح نسائي» قيد التشكيل

كشفت الأدلة أن مختبرات كلية الفلاح الطبية ربما استُخدمت لتخزين مواد متفجرة، فيما قادت التحقيقات إلى معلومات تفيد بأن الدكتورة شاهين كانت تعمل على تأسيس «جناح نسائي» تابع لـ«جيش محمد»، يشمل جلسات تلقين عبر الإنترنت.

تهديد استراتيجي يواجه المؤسسة الأمنية

حتى الآن، وردت أسماء 22 محترفاً في ملف التحقيق، بينهم أطباء ومهندسون وخبراء تكنولوجيا، مما دفع قادة الأمن إلى التحذير من صعود «الإرهاب المحترف». واعتبر الفريق دي. بي. باندي أن هذه الظاهرة تشكّل «تحدياً استراتيجياً» لأنها تعتمد على أفراد يعملون في الخفاء ويوظفون خبراتهم العلمية والتقنية في عمليات يصعب كشفها.

وبهذا، وضعت الهند أمام تحدٍ جديد، لا يعتمد على شبكات تقليدية، بل على كوادر متعلّمة تنقلت من مسارات أكاديمية ومهنية إلى عمليات عنف منسقة تُظهر مستوى غير مسبوق من المهارة التنظيمية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق