أخبار العالمالشرق الأوسط

سجون «داعش» في شمال شرقي سوريا… قنابل موقوتة تهدد الأمن الإقليمي والدولي

تواجه المنطقة الحدودية في شمال شرقي سوريا وضعاً أمنياً شديد التعقيد، حيث تحولت السجون والمخيمات التي تضم مقاتلي تنظيم «داعش» وعائلاتهم إلى واحدة من أخطر بؤر التوتر في الشرق الأوسط، وسط تحذيرات متزايدة من انهيار محتمل لهذه المنظومة التي تحرسها قوات محدودة الإمكانات.

تعتيم كامل… وسياسة “العزل المعلوماتي”

داخل سجن الصناعة في الحسكة، حيث يُحتجز أخطر مقاتلي التنظيم، تعتمد سلطات الاحتجاز سياسة صارمة تقوم على منع أي معلومة عن العالم الخارجي. هذا التعتيم، الذي يشمل حتى منع ذكر تغيّر الرؤساء في واشنطن أو دمشق، يهدف إلى إبقاء السجناء في عزلة نفسية وفكرية للحد من مخاطر التمرد والتخطيط المنسق.

هذه السياسة جاءت بعد هجوم «داعش» الكبير عام 2022 الذي أدى إلى مقتل المئات وهروب مئات السجناء، ما جعل السجن رمزاً لخطورة ترك آلاف المتطرفين في منشآت غير محصّنة.

منظومة احتجاز “قابلة للانفجار”

تضم السجون والمخيمات التي تديرها «قسد» أكثر من 8400 مقاتل من 70 دولة، إضافة إلى أكثر من 30 ألف امرأة وطفل من عائلات التنظيم. وتشير تقارير التحالف الدولي إلى أن هذه التجمعات تشكل ما يشبه “جيش داعش داخل الاحتجاز”، وسط استمرار التنظيم في التواصل مع بعض عناصره عبر شبكات سرية وتهريب الهواتف.

ويحذر خبراء أميركيون من أن التنظيم يعمل على تحريض السجناء وتنسيق عمليات هروب عبر شبكات تمتد إلى مخيم الهول الذي يُوصف بأنه «البؤرة الأكثر خطراً للتطرف».

مخيم الهول… أرض خصبة للتجنيد والتطرف

يبعد المخيم نحو ثلاثين كيلومتراً عن السجن، لكنه يمثل الخطر الأكبر بحسب تقارير الأمم المتحدة. فالأوضاع الإنسانية المتدهورة، وارتفاع أعداد النساء والأطفال، وغياب برامج إعادة التأهيل، كلّها عوامل جعلت المخيم بيئة مثالية للتجنيد.

ويشهد المخيم نشاطاً متزايداً لخلية «أنصار العفيفات» التابعة للتنظيم، التي نجحت سابقاً في التخطيط لعمليات هروب وتنفيذ اغتيالات داخل المخيم.

تراجع التمويل الدولي يزيد التوتر

شهد العام الحالي تراجعاً كبيراً في التمويل الأميركي للمخيمات، مع خفض أكثر من 117 مليون دولار من مخصصات الدعم، الأمر الذي انعكس على برامج الصحة والتعليم والدعم النفسي، ورفع مخاطر تطرف الأطفال الذين يشكلون 60% من سكان المخيمات.

عبء دولي ترفض الدول تحمّله

ورغم مطالبات مستمرة من واشنطن باستعادة الدول لمواطنيها المحتجزين، ترفض غالبية الحكومات ذلك. هذا الرفض يجعل من المخيمات والسجون قضية أمن دولي مؤجلة، يمكن أن تمتد آثارها خارج سوريا إذا حدث انهيار مفاجئ أو هجوم منسق شبيه بهجوم 2022.

تبدو سجون «داعش» ومخيماته في شمال سوريا قنابل موقوتة حقيقية، وسط هشاشة أمنية وضعف التمويل وامتناع الدول عن تحمل مسؤولياتها. ومع تصاعد قدرات التنظيم الدعائية داخل الاحتجاز، يبقى خطر عودته للواجهة أكبر من أي وقت مضى، ما يجعل الملف تحدياً أمنياً دولياً يتطلب حلاً عاجلاً وجماعياً.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق