زيلينسكي في قلب المعركة: من الكوميديا إلى السياسة العالمية في مواجهة بوتين وترامب

قسم الأخبار الدولية 24/02/2025
تحوّل فولوديمير زيلينسكي، الذي بدأ حياته المهنية في مجال الكوميديا والتمثيل، إلى بطل درامي في الساحة السياسية الأوكرانية، حيث أصبح رئيسًا للبلاد وسط أزمة عسكرية غير مسبوقة. قصته هي مثال نادر لانتقال مفاجئ من عالم الترفيه إلى السياسة، حيث أصبح رئيسًا لأوكرانيا في وقت عصيب، ليواجه تحديات أكبر من أي دور تمثيلي سبق أن لعبه.
زينلسكي، الذي اشتهر في عالم الترفيه من خلال المسلسل التلفزيوني “خادم الشعب”، حيث يجسد دور مدرس تاريخ يصبح رئيسًا لأوكرانيا بالصدفة بسبب انتشاره الكبير على وسائل التواصل الاجتماعي، لم يكن يتخيل أبدًا أن يصبح في هذا المنصب في الواقع. وبالرغم من خلفيته الكوميدية، اجتذب زيلينسكي انتباه الأوكرانيين بحملته الانتخابية التي ركزت على مكافحة الفساد، وهو موضوع كان يشغل الرأي العام في بلاده بشكل مستمر. وبفوزه في الانتخابات الرئاسية عام 2019، حصد 73.2% من الأصوات، رغم أن الحزب الذي ترشح عنه كان افتراضيًا ومبنيًا بشكل أساسي على صورته العامة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصًا من خلال حسابه على “إنستغرام” حيث كان يتابعه ملايين الأشخاص.
ومع بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، تحول زيلينسكي إلى شخصية محورية في المواجهة العسكرية مع روسيا، وأصبح رمزًا للمقاومة. رفض الهروب من كييف، واستمر في مواجهة التهديدات الروسية التي استهدفت بلاده بشكل مباشر، وأدى ذلك إلى تعزيز شعبيته بشكل كبير. زيلينسكي أصبح شخصية عسكرية وصارمة، يرتدي الزي العسكري بانتظام ليظهر أمام شعبه والعالم كزعيم لا يتراجع في مواجهة التحديات. وقد أدى ذلك إلى زيادة الدعم الشعبي له بشكل كبير، حيث ارتفعت نسبة تأييده من 30% إلى 84% بعد الغزو الروسي.
على الرغم من ذلك، واجه زيلينسكي تحديات إضافية مع عودة دونالد ترامب إلى الساحة السياسية الأمريكية. من المعروف أن العلاقة بين زيلينسكي وترامب كانت مليئة بالتوترات منذ عام 2019، عندما رفض زيلينسكي منح ترامب معلومات عن نجل الرئيس الأمريكي السابق، هاينز بايدن، مما أدى إلى إجراءات قانونية ضد ترامب. ومع ذلك، سعى زيلينسكي إلى تحسين العلاقة مع ترامب، خاصة مع عودته إلى البيت الأبيض في 2024، خوفًا من أن يصبح العائق الأكبر أمام دعم الولايات المتحدة المستمر لأوكرانيا.
كما عبر زيلينسكي عن مخاوفه من أن ترامب قد يعيد العالم إلى ما أسماه “لعبة الكبار”، حيث يجد نفسه وبلاده على هامش المفاوضات الدولية. وفي هذا السياق، يبدو أن زيلينسكي يعاني من تضارب مصالح بين روسيا والولايات المتحدة، ويحاول التوازن بين الحفاظ على دعم الغرب والحفاظ على مصالح بلاده الوطنية. ولكن مع تنامي التشكيك في جدوى الحرب، وزيادة الضغوط السياسية من جميع الأطراف، يبدو أن زيلينسكي قد دخل مرحلة جديدة من الصراع السياسي لا تقل تعقيدًا عن معركته العسكرية ضد روسيا.
وبينما يواصل الصراع مع “الوحش الروسي”، تتزايد محنته بسبب التداعيات السياسية العميقة لهذا الصراع، حيث يصبح رهينة بين قوتين عالميتين، بوتين وترامب، اللتين قد تشكلان تهديدًا حقيقيًا لمستقبل أوكرانيا في ظل الظروف الراهنة.