آسياأخبار العالم

روسيا تزيل «طالبان» من قائمة المنظمات الإرهابية وتدعو الغرب إلى رفع العقوبات المفروضة على أفغانستان

قسم الأخبار الدولية 04/10/2024

في خطوة مفاجئة أثارت جدلاً دولياً، أعلنت روسيا إزالة حركة «طالبان» من قائمتها للمنظمات الإرهابية، في إطار تحرك سياسي يهدف إلى إعادة تأهيل الحركة التي تسيطر حاليًا على أفغانستان. إلى جانب هذه الخطوة، دعت موسكو الدول الغربية إلى رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على أفغانستان، معتبرة أن هذه العقوبات تعيق جهود إعادة بناء البلاد وتثبيت الاستقرار بعد عقود من الصراع.

أعلنت الخارجية الروسية أن قرار رفع «طالبان» من قائمة المنظمات الإرهابية يأتي في إطار مقاربة موسكو الجديدة للأوضاع في أفغانستان، حيث ترى روسيا ضرورة التعامل مع الحكومة الفعلية التي تسيطر على البلاد منذ انسحاب القوات الأمريكية في أغسطس 2021. بررت موسكو خطوتها بأنها تساهم في تسهيل عمليات الإغاثة الدولية ودعم الاقتصاد الأفغاني، وهو ما يُعتبر ضروريًا لتجنب كارثة إنسانية في البلاد.

يهدف القرار الروسي أيضًا إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية مع أفغانستان في ظل تطلعات موسكو للعب دور أكبر في المنطقة، خاصة مع انسحاب النفوذ الأمريكي. وتتطلع روسيا إلى تحقيق استقرار في البلاد، خصوصًا أن ذلك ينعكس بشكل مباشر على الأمن الإقليمي، بما في ذلك جمهوريات آسيا الوسطى المجاورة التي ترتبط بمصالح استراتيجية مع موسكو.

إلى جانب إزالة «طالبان» من قائمة المنظمات الإرهابية، دعت روسيا الدول الغربية إلى إعادة النظر في العقوبات الاقتصادية التي فرضت على أفغانستان بعد سيطرة «طالبان» على الحكم. ترى موسكو أن هذه العقوبات لا تعاقب فقط الحكومة، بل تؤدي إلى تدهور الأوضاع المعيشية للشعب الأفغاني الذي يعاني من أوضاع اقتصادية صعبة.

من جهتها، حذرت الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان مرارًا من تداعيات العقوبات على الأوضاع الإنسانية في أفغانستان، حيث يعاني ملايين الأشخاص من الجوع ونقص الخدمات الأساسية، خاصة في مجالات الصحة والتعليم. موسكو استغلت هذه التحذيرات لتبرير دعوتها لرفع العقوبات، مؤكدة على ضرورة دعم إعادة إعمار أفغانستان عبر قنوات اقتصادية ودبلوماسية بدلاً من سياسة العزل.

أثار القرار الروسي ردود فعل متباينة على الساحة الدولية. بينما رأت بعض الدول، مثل الصين وإيران، أن خطوة موسكو تمثل تحركًا إيجابيًا نحو تعزيز الاستقرار الإقليمي، أعربت دول غربية عن قلقها إزاء التعامل مع حركة «طالبان» التي لم تغير سياساتها القمعية، خاصة فيما يتعلق بحقوق المرأة والأقليات.

وأكدت الولايات المتحدة وحلفاؤها في الاتحاد الأوروبي تمسكهم بموقفهم الرافض للاعتراف بـ«طالبان» كحكومة شرعية حتى تنفذ التزاماتها الدولية، بما في ذلك تشكيل حكومة شاملة ووقف الانتهاكات ضد حقوق الإنسان. كما أشاروا إلى أن رفع العقوبات الاقتصادية يعتمد على مدى تحقيق الحركة لوعودها بإصلاحات سياسية.

منذ تولي «طالبان» السلطة في أفغانستان، احتفظت روسيا بعلاقات دبلوماسية واقتصادية مع الحركة، رغم تصنيفها سابقًا كمنظمة إرهابية. موسكو كانت من بين الدول القليلة التي أبقت سفارتها مفتوحة في كابول بعد سيطرة «طالبان» على الحكم، مما يعكس رغبتها في الحفاظ على نفوذها في أفغانستان.

تاريخياً، العلاقات بين روسيا و«طالبان» كانت معقدة. بعد الغزو السوفييتي لأفغانستان في الثمانينات ومقاومة «المجاهدين» المدعومين من الغرب، أصبحت «طالبان» جزءاً من المشهد المعادي للنفوذ الروسي في المنطقة. لكن مع التحولات الجيوسياسية الأخيرة، أصبحت موسكو أكثر انفتاحًا على التعامل مع «طالبان» كحليف محتمل لمواجهة التهديدات الأمنية والإرهابية التي قد تنطلق من الأراضي الأفغانية.

قرار روسيا برفع «طالبان» من قائمة الإرهاب يضعها في موقف ريادي ضمن المشهد الإقليمي، ويفتح الباب أمام إمكانية تحركات مشابهة من دول أخرى ترغب في إقامة علاقات مع الحكومة الأفغانية الجديدة. إلا أن هذا القرار يضع موسكو في مواجهة مع الدول الغربية التي لا تزال تشدد على ضرورة التزام «طالبان» بالشروط الدولية قبل أي اعتراف دبلوماسي أو تخفيف للعقوبات.

من المتوقع أن تستمر الضغوط الدولية على «طالبان» لتحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان، خاصة فيما يتعلق بحقوق المرأة والتعليم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق