رسالة “قمة الديمقراطية”: أن تلعب وفقا لقواعدي أو تخرج!
واشنطن: الولايات المتحدة: 06-12-2021
عندما يتعلّق الأمر بالسياسة الخارجية الأمريكية فإن الحجج تتلخّص بشكل عام في كلمة “ديمقراطية”. وقد تجلّى ذلك عندما قامت إدارة جو بايدن بالدعوة إلى عقد اجتماع افتراضي في وقت لاحق من هذا الشهر باسم الديمقراطية، وذلك من خلال دعوة الدول أو الكيانات السياسية التي تحبها واستبعاد من لا تحبهم من القمة الافتراضية للديمقراطية التي سيستضيفها الرئيس الأمريكي يومي 9 و10 من الشهر الجاري، وهي بذلك ترسم خطا أيديولوجيا كما فعلت خلال الحرب الباردة.
إن عقد مثل هذا التجمع لتعزيز موقعها المهيمن يؤكد ببساطة حقيقة أن الولايات المتحدة أوصلت رسالة واضحة تماما عن طريق اختيار الضيوف لما يُسمّى بـ”قمة الديمقراطية” وفقا لتعريفها ومعاييرها الخاصة بالديمقراطية، مفادها إما أن تلعب وفقا لقواعدي أو تخرج.
المعنى الحقيقي لكلمة الديمقراطية غير مهمّ للسياسيين في واشنطن الذين يعتقدون أنها منطقية فقط عند توظيفهم لدفع الأجندة الدولية لبلادهم.
258 صراعا عسكريا في 153 منطقة ودولة خاضته الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى عام 2001 ،باسم الديمقراطية ، فقد أدى غزوها لأفغانستان في عام 2001 واحتلالها لمدة 20 عاما إلى إغراق ذلك البلد في هاوية من البؤس والفقر، كما أدى غزوها للعراق باسم محاربة الإرهاب ونشر الديمقراطية إلى حالة من الفوضى في البلاد وصعود تنظيم “داعش” الإرهابي، كما أن تدخلها في الشؤون الداخلية للدول الأخرى بأشكال مختلفة تحت راية الديمقراطية أدى فقط إلى صراع مسلح وفوضى سياسية والمثال الواضح على ذلك ما جرى ويجري في ليبيا. .
لهذا ليس من الصعب رؤية الحيلة التي تلعبها الولايات المتحدة، حيث أعربت العديد من الدول عن استيائها مما تحاول الولايات المتحدة القيام به، الأمر الذي يجعل هذا الاجتماع مفارقة تاريخية، لأن مثل هذه القمة تثير الكراهية والانقسامات في وقت تكون فيه الوحدة هي حاجة الساعة، حيث يترنح العالم تحت جائحة مستعرة وتزايد الحمائية والتهديد المتزايد لتغيّر المناخ.
كما أن الخلل الوظيفي للديمقراطية الأمريكية ليس بالشيء الجديد بدءً بفشل الحكم والتدخل العسكري المأساوي والاستقطاب السياسي التي كانت كلها عوامل جعلت من الديمقراطية الأمريكية دعاية سيئة.
وحتى داخل المجتمع الأمريكي، تشعر غالبية الأمريكيين بخيبة أمل عميقة من النظام السياسي الأمريكي، حيث أظهر تقرير حديث صادر عن “مركز بيو” للأبحاث أن 17 بالمائة فقط ممن شملهم الاستطلاع يعتقدون أن الديمقراطية الأمريكية هي مثال جيد يمكن للدول الأخرى أن تحذو حذوه. لكن في المقابل، ووفقاً لدراسة أخرى أجرتها “مؤسسة روبرت بوش” في ألمانيا يعتقد أكثر من 50 بالمائة من الأمريكيين الذين شملهم الاستطلاع أن نظامهم الديمقراطي لا يعمل على الإطلاق في ظل الظروف الحالية.