أخبار العالمالشرق الأوسطبحوث ودراسات

حرب باردة متصاعدة بين تركيا و”إسرائيل” على النفوذ بالمنطقة

تصاعدت تقديرات الاحتلال الصهيوني بشأن مساعي تركيا لتثبيت نفسها في موقع متقدم من العالم الإسلامي، وبينما تستفيد من الدروس المستفادة من حرب إيران والاحتلال، فإنها تعمل على تطوير قدراتها العسكرية، لكنها تسعى أيضا لعزل الاحتلال، وإحباط اتفاقيات التطبيع، بما في ذلك إمكانية انضمام سوريا إليها.

حاي إيتان يانرغوك، خبير الشؤون التركية في المركز الإسرائيلي للاستراتيجية الكبرى، ذكر أن “الحرب الايرانية الاسرائيلية أحدثت تغييرات جذرية في الشرق الأوسط، وعملت على تجريد إيران ومحور المقاومة من مكانة الردع التي اكتسبتها على مر السنين، وتغيرت الصورة بشكل كامل، ولكن تم ملء الفراغ الذي نشأ بعد الضربة التي تلقتها إيران من قبل قوتين إقليميتين صاعدتين: إسرائيل وتركيا” وفق وصفه.

وأضاف في مقال نشره موقع واللا، أن “تركيا باعتبارها دولة مجاورة لإيران، تابعت الحرب باهتمام كبير، ومن وجهة نظرها، ورغم انتهاجها سياسة مؤيدة لإيران، فإن الضغط العسكري الذي تعرضت له، وعمل على تراجع دورها، فقد بدأت تركيا تتنافس على زعامة العالم الإسلامي، وطالب الرئيس أردوغان في قمة منظمة التعاون الإسلامي بتحويلها إلى قوة أحادية القطب، وعلى هذه الخلفية، تسعى لتحسين قدراتها الاستراتيجية من خلال الدروس التي تعلمتها من الحرب”.

وأوضح أن “تركيا تركز على ثلاث قضايا رئيسية: أولاها تصحيح نقاط الضعف الاستخباراتية، لأن نجاح الاحتلال بتحييد أكثر من ثلاثين مسؤولا إيرانيا كبيرا في الضربة الافتتاحية تعتبر درسا مهما، وثانيها تعزيز الدفاع الجوي، حيث كشفت الحرب عن الأهمية الهائلة لأنظمة الدفاع الجوي، وعملت تركيا على تطوير القبة الفولاذية المشابهة للأنظمة الإسرائيلية، وثالثها تطوير الصواريخ الباليستية، بتخصيص موارد إضافية لصواريخ تايفون (560 كم) وجينك (3000 كم) قيد التطوير”.

وأشار إلى أن “تركيا تراقب حالة الضعف التي تمر بها إيران، لكنها تخشى انهيارها الكامل، خشية استغلال الأكراد لذلك بمحاولة إعادة تأسيس الجمهورية الكردية التاريخية، مما قد يخلق موجة انفصالية في تركيا، فيما قد يرغب ملايين الإيرانيين من أصل أذربيجاني بالاتحاد مع أذربيجان، الدولة الشقيقة لتركيا، مع أن دولة الاحتلال ستكون المستفيد الأكبر من انهيار إيران، مما يخفف الضغوط الاستراتيجية على أمنها القومي، وتركيا تدرك هذا الأمر، ولذلك فهي غير معنية باختفاء إيران بشكل كامل”.

وأكد أنه “مع اندلاع حرب غزة، غيرت تركيا سياستها المؤيدة للفلسطينيين إلى تأييد حماس، واتخذت موقفا مواجهة تجاه الاحتلال، وفي أكتوبر 2024، أعلنت أنه يشكل تهديدا أمنيا، الذي رد عليها بتسريب “تقرير لجنة ناغال” التابعة لوزارة الحرب، واقترحت تعريف تركيا باعتبارها “دولة عدو محتملة”، وهكذا بعد حرب إيران، بقيت تركيا وإسرائيل وحيدتين في قمة الشرق الأوسط، مما أدى لتعميق التنافس بينهما”.

واستدرك بالقول إن “أنقرة وتل أبيب لا تزالان تحافظان على علاقات دبلوماسية كاملة منذ 1949، مما يحول دون اتخاذ خطوات عدائية نشطة، ولكن مع استمرار “الحرب الباردة” بينهما، تتزايد التقارير حول إبرام اتفاقيات تطبيع إضافية، بما فيها انضمام سوريا، وهو ما لا يجد استحسانا في أنقرة، ولعله من المفارقات أن تركيا أول دولة إسلامية تعترف بإسرائيل، لا تدعم تطبيعها مع باقي الدول العربية الأخرى، بزعم أنها تُفضلها معزولة”.

وختم بالقول إن “الحرب الايرانية شكلت نقطة تحول تاريخية أدت لتغييرات زلزالية في خريطة القوى، وزاد الاحتلال من قدرته على الردع الإقليمي، فيما ضعف موقف إيران، وأدى هذا التطور لخلق فراغ إقليمي جديد، جعل إسرائيل وتركيا لاعبين رئيسيين في ملء هذه الفجوة، لكن إمكانية انضمام سوريا لاتفاقيات التطبيع تتناقض بشكل صارخ مع أولويات أنقرة، وتفتح الباب أمام فترة جديدة في الشرق الأوسط من شأنها تعميق الاستقطاب والصراع على الزعامة الإقليمية، مما يزيد من حدة الحرب الباردة بين تل أبيب وأنقرة”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق