جدل سياسي واسع في ليبيا يسبق تعديلاً وزارياً مرتقباً في حكومة الوحدة

قسم الأخبار الدولية 22/12/2025
أثار إعلان رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة عزمه إجراء تعديل وزاري مرتقب حالة من الجدل السياسي والتكهنات في الأوساط الليبية، في ظل انقسام حاد حول دوافع الخطوة وتوقيتها، وما إذا كانت تمهّد لتفاهمات أوسع تتجاوز الإطار الحكومي الحالي.
وبرّر الدبيبة التعديل المنتظر بالحاجة إلى سدّ الشواغر داخل الجهاز التنفيذي ورفع كفاءته، غير أن مراقبين رأوا أن الإعلان جاء في سياق سياسي معقّد، يتزامن مع تحركات دولية متزايدة لإعادة ترتيب المشهد الليبي، ومع استمرار حالة ازدواجية السلطة بين الغرب والشرق.
قراءتان متباينتان للتعديل
انقسمت التقديرات بشأن التعديل المرتقب إلى اتجاهين رئيسيين؛ رأى الأول أن الخطوة تعكس تفاهمات غير معلنة مع أطراف سياسية وعسكرية في الشرق والجنوب، في إطار مساعٍ غربية لتشكيل حكومة موحدة جديدة، بينما اعتبر الاتجاه الثاني أن التعديل يهدف بالأساس إلى إعادة ترتيب الجبهة الداعمة للدبيبة، وتحصين حكومته في مواجهة المبادرات الأممية والدولية التي قد تفضي إلى إنهاء ولايتها.
وترافق الإعلان مع تصاعد التكهنات حول مصير عدد من الوزراء الحاليين، ما زاد من حدة الجدل بشأن التوازنات السياسية والأمنية التي قد تُفرزها التشكيلة الجديدة، المتوقع الإعلان عنها قبل نهاية العام.
انتقادات برلمانية وتشكيك في النوايا
وصف عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب علي التكبالي التعديلات المرتقبة بأنها «مناورة لكسب الوقت»، مشيرًا إلى أن الدبيبة تجاهل لفترة طويلة معالجة الشغور القائم في أكثر من 15 وزارة، من بينها حقائب خدمية وسيادية. واعتبر أن الهدف الحقيقي يتمثل في تثبيت حكومة «الوحدة» كأمر واقع، وقطع الطريق أمام تنفيذ الخريطة الأممية التي تتضمن تشكيل حكومة موحدة جديدة.
وأشار التكبالي إلى أن مجلس النواب سحب الثقة من حكومة الدبيبة منذ عام 2021، مرجحًا أن تواجه التعديلات المرتقبة تجاهلاً من أطراف عدة، بما في ذلك البعثة الأممية.
البعد الأميركي وتوازنات الشرق والغرب
تزامن الجدل الداخلي مع مؤشرات على دور أميركي متصاعد في الملف الليبي، حيث يرى مراقبون أن واشنطن تعمل على بلورة صيغة غير معلنة لتقاسم النفوذ بين القوى الفاعلة، وعلى رأسها عبد الحميد الدبيبة وقائد «الجيش الوطني» خليفة حفتر. واستندت هذه التقديرات إلى تحركات دبلوماسية وعسكرية أميركية متكررة، ومساعٍ سابقة لتوحيد المؤسسات وتحديد آليات الإنفاق العام.
وفي هذا السياق، برزت تقديرات تشير إلى صعوبة التوصل إلى صيغة توافقية، في ظل مطالب محتملة من سلطات الشرق بالحصول على غالبية الحقائب الوزارية، بما في ذلك وزارات سيادية، وهو ما يضع التعديل أمام اختبار سياسي وأمني معقّد.
آفاق غامضة ومستقبل غير محسوم
وسط هذه التباينات، رأى محللون أن المفاوضات ستستمر حتى اللحظات الأخيرة قبل الإعلان عن التعديل، ما يجعل من الصعب الجزم بمآلاته النهائية. وأجمعوا على أن أي تعديل، سواء أفضى إلى صفقة تقاسم سياسي أم لا، لن يكون سهل التنفيذ، وسيظل رهين حسابات داخلية وخارجية متشابكة.
وخلصت التقديرات إلى أن التعديل الوزاري المرتقب، وإن أعاد ترتيب المشهد الحكومي، قد لا يقرّب الليبيين من استحقاق الانتخابات المنتظرة، بل ربما يساهم في إطالة أمد المرحلة الانتقالية وتعقيد مسارات الحل السياسي.



