توني بلير: من مجرم حرب العراق إلى رجل مشاريع الصهيوامريكي في فلسطين والشرق الأوسط

قسم البحوث والدراسات الاستراتجية والعلاقات الدولية 04-10-2025
نطرح اليوم اسم شخصية سياسية مثيرة للجدل، عادت للظهور من جديد في الساحة الدولية في وقت بالغ الحساسية عالميا وخاصة شرق أوسطية وبالتحديد مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ومخطط ترامب في غزة والشرق الأوسط ولن يجد البرتقالي ترامب أحسن من مجرم حرب العراق توني بلير لإتمام مشاريعه الإجرامية في غزة فالرجل مختص في الاستعمار والعدوان والجرائم.
عودة اسم توني بلير إلى الواجهة، ليست مجرد صدفة او باعتباره مجرد وسيط أو مبعوث، بل كوجه محتمل لهيئة لإعادة إعمار غزة إذا تحقق وقف شامل لإطلاق النار، وفق الخطة الى اقترحتها إدارة ترامب، فهو سيكون المنفذ للخطة.
الظهور يحمل في طياته أكثر من مجرد مهمة إنسانية أو دبلوماسية، بل هو إعادة تموضع لوجوه سياسية مرتبطة بمشاريع الهيمنة الكبرى، وبالأخص ملف فلسطين بعد الحرب، الذي يكتسب أهمية بالغة في ظل تغيّر موازين القوى الإقليمية والدولية.
إرث بلير في السياسة الدولية مثقل بالجدل وخاصة بالجرائم، وهو إرث لا يمكن تجاوزه، أكبر دليل علي اجرامه وعقليته الاستعمارية هو مشاركته في غزو العراق عام 2003 إلى جانب الولايات المتحدة.
في ذلك الوقت قدّم بلير مبررًا أساسي للحرب يتمثل في ادعاء امتلاك بغداد أسلحة دمار شامل، وهي حجّة ثبت لاحقًا أنّها ملفقة وأعترف بعد مقتل مليون عراقي أنه قد أخطأ بكل وقاحة وها هو يرجع اليوم بوقاحة مجرم حرب ليتغذى من دماء الفلسطينيين وليكون الى جانب أمريكا والكيان الصهيوني في إبادة ما تبقى من الفلسطينيين هذا هو مجرم الحرب توني بلير الذي أختاره البرتقالي لمخططه في الشرق الأوسط.
التحقيق البريطاني المستقل أكد إنو بلير بالغ في تبرير الحرب، وإن القرار تم اتخاذه قبل استنفاذ الوسائل السلمية، وقد ساهم بشكل كبير وبضغط مبالغ فيه في إطلاق شرارة الحرب وأودى بحياة أكثر من مليون عراقي وخراب هائل في العراق والمنطقة بأسرها خراب المجرم بلير لا تزال المنطقة تعاني منه.
لهذا السبب يعتبر بلير أكثر من كونه مجرم حرب، لأنه أصرّ على موقفه رغم الأدلة الي فضحت كذب ادعاءاته.
اليوم، يبدو أن بلير يعود إلى قلب المشهد الفلسطيني بوصفه جزء من مشروع أوسع، مشروع لا يقتصر على إعادة إعمار غزة، بل يسعى لإعادة تشكيل المشهد السياسي الفلسطيني تحت وصاية دولية، وهذا يضع دوره في إطار جدلي يتجاوز أي مهمة إنسانية ليصبح عنصر في خطة استراتيجية لتحجيم القرار الفلسطيني وخاصة تبييض جرائم الصهيوني ومجرم الحرب والإبادة نتنياهو وهو ليس بغريب عليه فقد برر جرائم بوش الأبن.
وولفهم هذا الدور يجب ان نرجع لمسيرته السياسية الكاملة، الي جعلت منه رمز للجدل الدولي ووضعته في قفص الاتهام بمجرب حرب، وفي نفس الوقت نموذج لمجرم تتحول معه القوة السياسية لأداة للهيمنة.
بدأ توني بلير حياته السياسية في حزب العمال البريطاني، قام تحديدا بقيادة الحزب إلى فوز تاريخي عام 1997 بعد عقدين من سيطرة المحافظين، وهذه الإنجازات السياسية في سن صغير لم يتجاوز سنه 43 عامًا، ليصبح أصغر رئيس وزراء في بريطانيا منذ عام 1812.
خلال فترة ولايته الى امتدت بين (1997–2007)، ركز على تحديث حزب العمال وتحويله إلى “العمّال الجديد”، لكن من بعد تعرض للانتقاد بسبب فقدانه الهوية الاجتماعية التقليدية للحزب، وتحوله نحو سياسات تميل إلى الليبرالية الاقتصادية.
من أهم إنجازاته المبكرة كانت اتفاقية “الجمعة العظيمة” عام 1998 التي ساهمت في إنهاء النزاع في إيرلندا الشمالية، وهو ما كان يُعتبر نقطة قوة في سجله السياسي.
لكن سرعان ما انزلق إلى مسار أوروبي–أميركي معتمد على القوة العسكرية والدعم الأعمى للسياسات الأميركية بل والإنخراط فيها بشكل غير مسبوق، أبرزها حرب العراق عام 2003، التي شكّلت نقطة تحوّل وانحراف في مساره السياسي وأثقلت إرثه بوصمة جرائم لا تُمحى.
بعد استقالته من رئاسة الوزراء عام 2007، تولى بلير منصب مبعوث اللجنة الرباعية للشرق الأوسط، لكنه فشل في تحقيق أي تقدم بعقليته الاستعمارية الإجرامية، وارتبط اسمه في هذا الدور بدعم أعمى لمواقف إسرائيل وتحويل المطالب الفلسطينية الى مجرد مطالب شكلية بل وتفنن في تقزيمها، وهذا ما خلق رفض كبير تجاهه من القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني.
كما تمّ الكشف على خلفيات المجرم توني بلير فلقد استخدم منصبه ليكون واجهة سياسية لمشاريع تدخلات غربية في الشرق الأوسط.
من عام 2007 إلى 2015، تولى منصب مبعوث للجنة الرباعية للشرق الأوسط، لكنه مثل العادة لمم يحقق أي إنجاز ملموس سوى أرباح مالية له ولعصابة الصهيوامريكية، وخاصة، فقد تفنن في تلميع صورة الاحتلال الإسرائيلي وكالعادة تقزيم القضايا الفلسطينية إلى مجرّد مطالب تقنية جزئية.
واليوم، ظهور بلير في ملف غزة ليس صدفة، فهو سمسار الحروب وسمسار الصهيونية، فلقد كانت ادارته السابقة للملف العراقي جعلت منه مطلوبا لدى العصابات العالمية منها الصهيونية والأمريكية، فلقد جعلت جرائمه من شخصيته مألوفة بالنسبة لدوائر صنع القرار الأميركي–البريطاني، ووجوده اليوم في خطط إعادة إعمار غزة يضمن واجهة سياسية لمنظومة تخدم مشروع أكبر للصهيوامريكية: إعادة صياغة المشهد الفلسطيني بوصاية غربية–إسرائيلية.
التحليل السياسي يقول انّ بلير، عبر معهد “توني بلير للتغيير العالمي”، خدم في السنوات الماضية على دراسة “سيناريوهات اليوم التالي” لقطاع غزة، بما فيها خطط لإعادة البناء الاقتصادي والسياسي للقطاع، وهي خطط أثارت جدل واسع حول احتمال انها تتضمن دفع مبالغ للفلسطينيين لتهجيرهم ومغادرة أراضيهم، وهو ما ربط محاولة فرض مشروع استعمار وظيفي على غزة بعد الحرب.
هذا التحرك يتزامن مع تسارع الاحتلال الإسرائيلي في محاولات لضم أجزاء من الضفة الغربية، وتطبيع العلاقات مع بعض الدول العربية، في وقت يُفرض فيه حصار مشدد على غزة.
ظهور بلير الآن نستطيع قرأته كخطوة من مشروع أكبر تحت قيادة ترامب وإسرائيل، لإعادة تشكيل للجغرافيا السياسية الفلسطينية بعيدًا عن أي تمثيل شعبي أو شرعية فلسطينية.
والحال اليوم أنّ الفلسطينيين أنفسهم لديهم تحفظ بل ورفض قاطع لشخصية توني بلير، بل ووصفوه بكونه “شخصية غير مرغوب فيها” خاصة مع دوره الاجرامي الذي عرف به في الحرب على العراق والمشاريع المعلنة اليوم في غزة، معتبرين أنّ ظهوره ليس مجرد إلاّ واجهة سياسية لحكم استعماري جديد.
بالتالي، بلير اليوم ليس اسم سياسي عائد، بل رمز لتاريخ طويل من تدخلات وقرارات الخراب والإبادة والإجرام، وهو اليوم يعيد نفسه كلاعب رئيسي في ملف غزة، أين تتقاطع مصالح الهيمنة الغربية مع المشروع الصهيوأمريكي في المنطقة.
هذا الظهور ليس قضية اعادة الاعمار واشرافه عليه، بل معركة على مستقبل فلسطين ومستقبل المنطقة ككل، وصراع على السيادة والكرامة بين المشروع الفلسطيني ووصاية صهيوامركية وغربية جديدة.