تنظيم داعش “وقع تجنيدنا دوليا من جديد”: أي دور لمنظومة الاستخبارات الدولية…؟
إعداد فاتن الجباري: قسم البحوث والعلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية 27-03-2024
تقديم :
“داعش أو الخلافة” إنها علامة إرهابية مملوكة بيد الغرب– فهي أمريكية الصنع وقابلة للتداول حول العالم. يتم توظيفها كلما تطلب الوضع ذلك لخلافة الجهة المنتدبة، في القيام بحرب ما أو تنفيذ هجوم أو اغتيال أو تفجير عن طريق الوكالة.
ففي ذات التوقيت الذي صادف الذكرى الخامسة لإنهاء “خلافته” على الأرض في سوريا بعث تنظيم داعش الإرهابي رسالة من نار للعالم، مفادها أنه “لم ينته” ولم يعد نشاطه يقتصر على استهداف دورية هنا وتفجير مركز أمني والخوض باشتباكات هناك بل أصبح يتخطى الحدود.
التنظيم أكبر تهديد عالمي جديد
شهدت العاصمة الروسية موسكو يوم 22 مارس 2024، عملية إرهابية، اقتحام مسلحين لينفذو عملية قتل وحشي ضد المدنيين.
وبعدها مباشرة أعلن تنظيم داعش على حساب رويترز ثم تلغرام مسؤوليته عن الحادث، لكن النص والمنشور كان يٌثير الكثير من الشكوك. أعتقلت روسيا منفذي العملية وهم بطريقهم إلى أوكرانيا، واعترف بعضهم انه تم تجنيه من خلال حساب “تلغرام” لتنفيذ العملية وأنه استلم المال مقابل ذلك.
تكشف التقارير بصيغة تحذيرية الشكل والنشاط الخاص بتنظيم “داعش خرسان” في الوقت الحالي، وتوضح كيف أن عملياته باتت تتصاعد بالتدريج ليس في سوريا فحسب كما يدور الحديث ويتركز الاهتمام دائما، بل في عموم المناطق التي ينتشر فيها أفراده بالعالم.
التنظيم تمكن من تنويع عمل أفرعه حيث تقود “ولاية خراسان” في أفغانستان العمليات الخارجية، وفي المقابل تبسط ولايات متعددة أخرى السيطرة الإقليمية في أفريقيا. لقد بات لداعش الأذرع الدولية في قلب كل القارات إفريقيا وآسيا وأوروبا وغيرهم وفي غضون ذلك يواصل أنصار “داعش” التخطيط لهجمات إرهابية كبرى.
الخريطة التحذيرية لنقاط تركيز الشبكة الداعشية
أعلنت إدارة الإعلام المركزية لـ”داعش” مسؤولية التنظيم عن 1121 هجوما، ووفقا للبيانات الصادرة عنه أدت هذه الهجمات إلى مقتل أو إصابة حوالي 4770 شخصا.
وصدرت معظم هذه الإعلانات عن “تنظيم الدولة-ولاية غرب أفريقيا” المتمركز بشكل أساسي في (نيجيريا وجنوب شرق النيجر) تليه ولايات “داعش” في سوريا والعراق وأفريقيا الوسطى (مقرها في جمهورية الكونغو الديمقراطية) وموزمبيق.
وقد شهدت “ولاية خراسان” الهجمات الأكثر ضررا في المتوسط كما تورد الأبحاث، إذ أودى كل حادث بحياة حوالي 14 شخصا.
في العام الماضي خطط الفرغ الأفغاني لإحدى وعشرين مؤامرة أو هجوما خارجيا في تسع دول، مقارنةً بثماني مؤامرات أو هجمات في 2023 وثلاث فقط بين عام 2018 ومارس 2022.
وبعدما حصل إحداها بصدى كبير وقوي في موسكو وقبلها إيران تثار تساؤلات عن طبيعة المسار الذي يسلكه “داعش” الآن ونقاط توزع قوته حول العالم.
ينشط داعش الآن في سوريا بمجموعات تنتشر في منطقة البادية السورية وفي العراق، والمكونة من أعداد محدودة لكنها شرسة في ذات الوقت.
وإلى ما هو أبعد من البلدين يتواجد في أفغانستان وباكستان وإيران تحت اسم “داعش-خرسان”، ووفق تقديرات 2021 لدى هذه الجماعة ما يصل إلى 2200 مقاتل أساسي متمركزين في مقاطعتي كونار ونانجارهار.
شهدت 20 دولة على الأقل في أفريقيا نشاطا مباشرا لداعش. ويتم استخدام أكثر من 20 آخرين للخدمات اللوجستية، وحشد الأموال والموارد الأخرى ولا يزال حوض بحيرة تشاد أكبر منطقة عمليات للتنظيم، بينما الصومال هو النقطة الساخنة للقرن الأفريقي وتصل حدوده إلى موزمبيق ومالي وبوركينا فاسو ومناطق صحراوية في جنوب ليبيا.
أي دور للاستخبارات الدولية؟
“يجب اعتبار مؤامرات تنظيم الدولة الإسلامية-ولاية خراسان أكبر تهديد عالمي يطرحه التنظيم اليوم.
التهديد المطروح حاليا هو طريقة التجنيد، هي طريقة تجنيد عبر وسائل التواصل الأجتماعي اشتهرت بها اجهزة الاستخبارات وربما حتى المنظمات المتطرفة، وهذا مايثير الشكوك.
وإن كان تنظيم داعش بالفعل من قام بهذه العملية، فهذا يعكس إن تنظيم داعش منظمة إرهابية مدفوعة الثمن، يمكن استثمارها، كما يجب أن نأخذ في الحساب هنا إن عدد كبير من المجموعات والأشخاص المتطرفين تم استقطابهم في حرب أوكرانيا، والكثير منهم موجودين في أوروبا والحدود مع أوكرانيا أو تركيا… والقارة عموما بما فيها أفغانستان وباكستان.
أكبر دليل هو العملية التي وقعت حاليا بمدينة موسكو الروسية حيث كشفت التقارير الأولية وجود الاستخبارات المركزية في أوكرانيا وهي تدير شبكة من العملاء والجواسيس.
و من جهة أخرى نجد العمليات التي تستهدف الجنسية الصينية المستثمرة في القارة .
فهناك حقيقة يجب ان تكون في الحسابات وهي:
“إن زعزعة الجبهة الداخلية لروسيا ولأي دولة تدخل حرب ومنها الحروب الاقتصادية مع الصين، وهي سياسة وربما استراتيجية تعتمدها الاستخبارات خلال الحروب، بالتوازي مع الحرب على الجبهات.”
إن توقيت العملية يثير الكثير من الشكوك حول الجهة التي تبنت العملية وهي داعش، وتزيد من “فرضية المؤامرة” بتورط الاستخبارات المركزية أو البريطانية الموجودة على الأراضي الأوكرانية بإستثمار تنظيم داعش، وما يدعم هذه الفرضية هو تحذيرات الولايات المتحدة لرعاياها من التردد الى الأسواق وحفلات الموسيقى.
إن عدم إبلاغ الولايات المتحدة بأي معلومات حول احتمال حدوث عمليات إرهابية، يتنافى مع اخلاقيات وقواعد مكافحة الإرهاب رغم توتر العلاقات مابين روسيا والناتو.
إن وقوع عمليات إرهابية واغتيالات داخل روسيا مرجح، بسبب حرب أوكرانيا إن وقوع مثل هذا النوع من العمليات في روسيا، يعتمد على مدى قدرة الاستخبارات الروسية تعزيز الأمن الداخلي والمجتمعي بتنفيذ عمليا مكافحة الإرهاب اعتماد العمليات الوقائية والاستباقية.
خلاصة
تلعب الأنشطة الاستخباراتية دوراً هاماً في عملية جمع المعلومات ودعم صناع القرار لحسم الصراعات والحروب وحماية الأمن القومي للدول من التهديدات الداخلية والخارجية لكن الأهم عند وكالات الاستخبارات خلال الحروب، هو دقة وحجم المعلومات التي تستطيع الحصول عليها وتقديمها الى صناع القرار، وهذا ما يمثل تحديا كبيرا والسبب يعود الى قدرات وكالات الاستخبارات في عدم ولائها الى الجهات الدولية المرتبطة بصناعة وتصدير الإرهاب.