أخبار العالمالشرق الأوسط

تل أبيب عطّلت آليات الردّ قبل ضرب طهران عبر شلّ شبكات الدعم الإيرانية في المنطقة

مهدت إسرائيل لضربتها المباغتة على إيران بتفكيك دقيق لقدرات “محور المقاومة” الذي تقوده طهران، مستبقة أي رد إقليمي واسع، من خلال سلسلة من العمليات التي شملت استهدافات نوعية لحزب الله اللبناني، وتحييد أدوات طهران في سوريا والعراق، وإضعاف قدرات حماس في غزة، مع بقاء الحوثيين آخر أوراق المحور الفاعلة.

فمنذ خريف 2023، كثفت إسرائيل ضرباتها الجوية على قادة حزب الله ومخازنه الحيوية، مستفيدة من فتح الحزب جبهة جنوب لبنان بعد عملية “طوفان الأقصى” دعماً لحماس. وأسفرت المواجهة عن مقتل الأمين العام حسن نصر الله وتدمير شبكات الإمداد من سوريا، التي فقدت بدورها حليفها الأساسي مع الإطاحة بحكم بشار الأسد.

وبموجب وقف إطلاق النار الذي رعته واشنطن في نوفمبر 2023، اضطر الحزب للانسحاب جنوب الليطاني وتفكيك بنيته العسكرية، حيث دُمر أكثر من 500 موقع ومخزن، وفق مصادر لبنانية رسمية. وعلى الرغم من تواصل الضربات الإسرائيلية حتى داخل الضاحية الجنوبية، امتنعت طهران وحزب الله عن الرد، في مؤشر على تغيير في قواعد الاشتباك.

في سوريا، شكّلت الإطاحة بالأسد ضربة استراتيجية للمحور. فقد فقد حزب الله غطاءً كان يتيح له تحريك السلاح والمقاتلين عبر الأراضي السورية، فيما كثّفت إسرائيل منذ 2021 استهدافاتها لمستودعات أسلحة ومواقع الحرس الثوري ومجموعات موالية لطهران، بحجة منع تسرب الترسانة إلى سلطات ما بعد الأسد التي تصفها تل أبيب بـ”الجهادية”.

أما في العراق، فبدا أن الفصائل الموالية لإيران تنأى بنفسها عن التصعيد الشامل، على الرغم من تنفيذها عشرات الضربات المحدودة ضد قواعد أميركية وإسرائيلية. وسعت بغداد بدورها إلى تحييد البلاد عن الصراع الإقليمي، رغم الضغوط الإيرانية المتزايدة.

وفي غزة، لم تنجح حماس في استعادة المبادرة بعد الهجوم المفاجئ في أكتوبر 2023، إذ تعرضت لهجوم بري وجوي واسع، أدى إلى تدمير بنيتها العسكرية ومقتل قياداتها الميدانية، واضطرت للقتال من داخل الأنفاق دون القدرة على شنّ عمليات خارجية.

ورغم ذلك، لم تتمكن إسرائيل من القضاء الكامل على قدرات الحركة، لكنها أخرجتها عملياً من معادلة الردّ الإقليمي في الوقت الراهن.

في المقابل، يبقى الحوثيون اللاعب الوحيد الذي ما زال ينفّذ عمليات ضد إسرائيل، مستخدمين صواريخ ومسيّرات تستهدف سفناً في البحر الأحمر أو باتجاه الموانئ الإسرائيلية. وعلى الرغم من الضربات الجوية الأميركية والإسرائيلية المتكررة، فإنهم لا يزالون قوة فعالة ومتماسكة، بحسب خبراء، وقد يعمدون إلى الرد الفوري على الضربات الإسرائيلية ضد طهران.

بهذا الشكل، بدا أن تل أبيب عملت على تقويض منظومة الرد الإقليمي خطوة بخطوة، واستبقت أي مواجهة شاملة مع طهران بتجفيف منابع الدعم العسكري والسياسي لأذرعها في المنطقة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق