تصاعد الضغوط على الاتحاد الأوروبي لتعليق اتفاقية المعادن مع رواندا وسط اتهامات بالتورط في نهب موارد الكونغو
قسم الاخبار الدولية 04/02/2025
تزايدت الدعوات داخل الأوساط السياسية والحقوقية الأوروبية لتعليق الاتفاقية التي أبرمها الاتحاد الأوروبي مع رواندا بشأن توريد المعادن الاستراتيجية، وسط اتهامات للحكومة الرواندية بالتورط في استغلال الموارد المعدنية المهربة من جمهورية الكونغو الديمقراطية. ويأتي هذا الضغط بعد تقارير أممية وتقارير حقوقية كشفت عن دور كيجالي في دعم جماعات مسلحة تعمل داخل شرق الكونغو، والتي يُزعم أنها تسيطر على مناجم غنية بالمعادن النادرة المستخدمة في صناعة التكنولوجيا المتقدمة.
اتهامات بتمويل النزاع ونهب الموارد
بحسب تقرير نشرته صحيفة الغارديان، تتعرض رواندا لاتهامات مباشرة باستخدام الاتفاقيات التجارية كغطاء للحصول على المعادن المستخرجة من المناطق التي تشهد نزاعات في الكونغو، حيث تسيطر الجماعات المسلحة، مثل “حركة 23 مارس” (M23)، على مناجم في إقليم كيفو الشرقي. وتشير تقارير أممية إلى أن هذه الحركة، التي تتلقى دعمًا من رواندا وفقًا لمجلس الأمن الدولي، تعتمد بشكل أساسي على تهريب معادن مثل الكولتان والتنتالوم والقصدير والتنجستن، والتي تُستخدم في صناعة الإلكترونيات.
ويرى محللون أن الاتحاد الأوروبي، من خلال الاتفاقية التي أبرمها في فبراير الماضي مع كيجالي، قد يكون متورطًا بشكل غير مباشر في تمويل النزاع، حيث يسمح الاتفاق لرواندا بتوريد هذه المعادن إلى السوق الأوروبية دون ضمانات كافية حول مصدرها الحقيقي.
دعوات لتعليق الاتفاقية وفرض رقابة صارمة
في ظل هذه المعطيات، تصاعدت الضغوط من قبل نواب في البرلمان الأوروبي ومنظمات حقوقية تطالب بتجميد الاتفاقية حتى يتم التحقق من مدى التزام رواندا بعدم استخدام المعادن القادمة من مناطق النزاع. وأكدت شخصيات بارزة داخل البرلمان الأوروبي أن الاتحاد ملزم أخلاقيًا بعدم دعم سلاسل توريد متورطة في تمويل النزاعات المسلحة، داعين إلى فرض قيود صارمة على استيراد المعادن القادمة من رواندا دون إثبات مصدرها.
وفي هذا السياق، دعت منظمة Global Witness، المختصة بمراقبة النزاعات المرتبطة بالموارد، إلى مراجعة شاملة لآلية التحقق من سلاسل الإمداد، مشيرة إلى أن رواندا لا تمتلك احتياطيات كبيرة من هذه المعادن، ما يثير تساؤلات حول الكميات الكبيرة التي تصدرها سنويًا للأسواق العالمية.
رد رواندا ودفاعها عن الاتفاقية
من جانبها، نفت الحكومة الرواندية جميع الاتهامات الموجهة إليها، مؤكدة أن صادراتها المعدنية تخضع لمعايير الشفافية والمراقبة الدولية. وصرح مسؤولون في كيجالي بأن رواندا طورت صناعة تعدين خاصة بها، وأنها تلتزم بالقواعد الدولية في تصدير المعادن، متهمين الكونغو بمحاولة تشويه سمعتها لتغطية أزمتها الداخلية.
وأكدت رواندا أن الاتفاقية مع الاتحاد الأوروبي تمثل خطوة مهمة لتنمية قطاع التعدين المحلي، وتوفر فرصة لتعزيز الاقتصاد الرواندي بطريقة مشروعة. كما دعت إلى عدم الخلط بين نشاطها الاقتصادي الشرعي والاضطرابات الأمنية في شرق الكونغو، محذرة من أن تعليق الاتفاق قد يضر بالشركات الأوروبية التي تعتمد على إمدادات مستقرة من المعادن.
مخاوف من تصاعد النزاع في المنطقة
يأتي هذا الجدل في وقت يتصاعد فيه التوتر الأمني في شرق الكونغو، حيث تتهم كينشاسا رواندا بدعم الجماعات المسلحة لزعزعة استقرارها والسيطرة على مواردها، وهو ما نفته كيجالي مرارًا. ويخشى مراقبون أن يؤدي أي تصعيد جديد إلى تعقيد الأزمة الإقليمية، خاصة في ظل استمرار الاتهامات المتبادلة بين الطرفين.
في ظل هذه التطورات، يواجه الاتحاد الأوروبي معضلة بين الاستمرار في الاتفاقية التي تضمن له توريد المعادن الاستراتيجية أو اتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه رواندا للحد من الانتهاكات المحتملة، في خطوة قد تؤثر على علاقاته الاقتصادية مع دول وسط أفريقيا.