تصاعد الخلافات بين كينشاسا وكيغالي بعد عرقلة رئاسة رواندا لـ«إيكاس» يُهدد فرص التسوية في شرق الكونغو

قسم الأخبار الدولية 09/06/2025
فجّرت خطوة الكونغو الديمقراطية برفضها تولي رواندا للرئاسة الدورية للمجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا (إيكاس) أزمة دبلوماسية جديدة بين البلدين، ما ألقى بظلال قاتمة على جهود الوساطة الإقليمية والدولية لإنهاء النزاع المتصاعد في شرق البلاد. وجاء هذا التطور في وقت كانت فيه الأنظار تتجه إلى تحقيق اختراق في محادثات السلام خلال يونيو الجاري، بدفع من وساطة قطرية ورعاية أميركية.
ورفضت كينشاسا، مدعومة من بوروندي، تسليم قيادة «إيكاس» إلى كيغالي خلال اجتماع المنظمة في مالابو، ما أدى إلى تمديد رئاسة غينيا الاستوائية لعام إضافي. وردّت رواندا بالتهديد بالانسحاب من التكتل، منددة بما وصفته بـ«الاستغلال» السياسي من الكونغو، وهو ما اعتبره محللون مؤشراً خطيراً على انهيار الثقة وتآكل الأطر الإقليمية للحوار.
ويُجمع خبراء أفارقة على أن هذا التصعيد يعكس استمرار الخلافات العميقة بشأن دعم كيغالي لحركة «إم 23» المتمردة، التي تخوض مواجهات شرسة ضد الجيش الكونغولي في إقليم شمال كيفو منذ مطلع العام. وترى كينشاسا أن رواندا تستغل النزاع لنهب ثروات الكونغو من المعادن، خاصة القصدير والكولتان، في وقت تسعى فيه واشنطن لتعزيز استثماراتها في الموارد الحيوية بالمنطقة وموازنة النفوذ الصيني.
وفي ظل هذا التوتر، تواجه الوساطة القطرية التي اقترحت مؤخراً هدنة بين الحكومة والمتمردين اختبارات صعبة، حيث يعزز فشل تسليم الرئاسة الإقليمية مناخ الشك ويضاعف من العقبات أمام أي اتفاق. وسبق أن شهدت المنطقة أكثر من 10 اتفاقات لوقف إطلاق النار منذ 2021، دون أن تنجح في وقف الاشتباكات، ما يشي بحالة انسداد سياسي وميداني.
ويرى المحلل التشادي صالح إسحاق عيسى أن رفض رئاسة رواندا «يحمل رسائل سياسية عميقة في توقيت حرج»، وقد يفتح الباب أمام تحركات أحادية لكيغالي، سواء ميدانية أو دبلوماسية، ما قد يؤدي لتصعيد جديد. ويعتبر أن أي انسحاب فعلي من «إيكاس» سيضعف أداة جماعية يفترض أن تكون منصة حوار لا مجالاً للإقصاء، ويضرب وحدة العمل القاري.
كما أوضح الخبير محمد تورشين أن هذا التطور قد ينسف الآمال التي علقت على الوساطات الدولية، مؤكداً أن فرص نجاح أي حوار «تتقلص كلما اتسعت فجوة عدم الثقة بين الطرفين». وبينما تحاول واشنطن استثمار علاقاتها لإعادة الطرفين إلى طاولة التفاوض، يظل المسار هشاً في ظل التعقيدات الرمزية كقضية رئاسة التكتل الإقليمي.
وتتزايد المؤشرات على أن واشنطن تسعى لفرض تسوية ترتكز على دعم اقتصادي وعسكري مقابل إنهاء الدعم الرواندي للتمرد، وهو ما قد يعيد رسم معادلات النزاع الجيوسياسية في وسط أفريقيا. غير أن إخفاق القوى الإقليمية في الحفاظ على آلياتها التعاونية، كما تعكس أزمة «إيكاس»، يعيد القضية إلى نقطة الصفر، ويبقي شرق الكونغو بؤرة مشتعلة أمام محاولات التهدئة.