تساؤلات حول اختيار السراج وأوغلو زيارة الجزائر في نفس الموعد؟
الجزائر – الجزائر-07-01-2020
أثار الموعد الموحد لزيارة الجزائر في نفس اليوم من قبل السراج ووزير الخارجية التركي أوغلو تساولات عديدة حول مرامي هذه الزيارة وتوقيتها،علما بأن موضوع التدخل التركي هو في صلب هذه الزيارة.
الجزائر اعتبرت، أمس الإثنين، العاصمة الليبية طرابلس” خطا أحمر لا يمكن تجاوزه”، داعية المجتمع الدولي للضغط من أجل وقف إطلاق النار والتدخلات الخارجية التي تؤجج الصراع في جارتها الشرقية.
وحسب بيان لرئاسة الجمهورية الجزائرية صدر عقب استقبال الرئيس عبد المجيد تبون رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، فإن “الجزائر تدعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في فرض الوقف الفوري لإطلاق النار ووضع حد للتّصعيد العسكري الذي يتسبب يوميا في المزيد من الضحايا:. وأضاف “ تندد الجزائر بقوة بأعمال العنف، وآخرها تلك المجزرة التي حصدت أرواح حوالي 30 طالبا في الكلية العسكرية بطرابلس، وهو عمل إجرامي يرقى إلى جريمة حرب. إن الجزائر تعتبر العاصمة الليبية طرابلس خطا أحمر ترجو أن لا يجتازه أحد”.”
واعتبر عديد المحللين أن عبارة”خط أحمر” تفيد ضمنيا بدعم الجزائر رؤيةَ السراج للحيلولة دون إقدام الجيش الوطني الليبي على الدخول إلى العاصمة،في حين إثير استفهام جوهري من قبل مراقبين حول مغزى زيارة السراج ووزير الخارجية التركي في نفس اليوم.
ويعتبر آخرون أنه تحت غطاء”الشرعية” التي يدور أصلا جدل قانوني بشأنها،يتحرك السراج يمينا وشمالا من أجل ملف واحد هو التبرير والتمهيد للتخل التركي الذي أكدت حتى دول الإتحاد الأوروبي خطورته على ليبيا والمنطقة بأسرها.
ويعتبر الكاتب الجزائري جدّي معاذ،أن الجزائر ستكون أمام خياران : الأوّل ، إعلان حالة الإستنفار القصوى على الحدود الليبية مع تدعيم المناطق الضعيفة على الشريط الحدودي وفي نفس الوقت عقد تحالفات مع دول عربية و غربية من أجل فرض الحل السياسي وفي نفس الوقت تثبيط التدخل المصري في الشأن الليبي الناتج أصلا عن تراجع الدور الإقليمي للجزائر .
الخيار الثاني : وهو دخول الصراع الليبي من أجل فرض منطقة آمنة على الحدود الليبية – الجزائرية وهي قادرة على ذلك لما تمتلكه من أسلحة وهو ما تدفعها إليه القوى الغربية.
ويرى أن الخيار الأوّل منطقي ، دفاعي يكرّس السياسة الدائمة للجزائر تجاه الصراعات الداخلية بعدم التدخل ومحاولة فرض الحلول السياسية والثاني خطير وهو مستبعد لأنّ هيئة الأركان تعلم جيّدا أنّ محاولات الزج بالجزائر في المستنقع الليبي ستكون نتائجها وخيمة،وفي مقدمتها:
استنزاف ترسانة الأسلحة الجزائرية .
– تدعيم الجانب العسكري على حساب الجانب الإجتماعي نتيجة النفقات المتزايدة للتدخل في الشأن الليبي ممّا سيدفع بغليان الدّاخل وإضعاف السلطة نتيجة الإحتجاجات المتزايدة وتردّي مستوى المعيشة .
إلا أنه يرى أنّ الواقع والسياسة الجزائرية ستكون أقرب إلى فكرة التحصّن من المغامرة لأنّ الجزائر على دراية بالمخططات التي تحاك ضدها وقد يؤكدها سيطرة” قوات” على المناطق المحاذية للحدود الجزائرية الشيء الذي سيدفع للأذهان فكرة الإقتراب من الحدود الجزائرية لإرغامها على التدخل.
من جهته،يقول الكاتب الجزائري رياض حاوي:نحن في الجزائر نجد أنفسنا في قلب النار.. نتحمل الخسارة فقط.. ولذلك الربح الوحيد أن لا تقع الحرب..
وفي رأي سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة سيدي بن عبد الله المغربية،وفقا لما أوردته لإذاعة دوتشي فيلي الأألمانية
كانت الجزائر أكثر الدول المغاربية وضوحا في رفضها خليفة حفتر، وليست القصاصة التي نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية بداية العام الجديد (حذفتها فيما بعد) سوى تأكيد على هذا الموقف عندما وصفت عملياته بـ”العدوان العسكري”. ويتذكر المتابعون أنه خلال بزوغ نجم حفتر في مواجهة حكومة الوفاق، زار وزير جزائري مناطق في الجنوب التقى خلالها قيادات عسكرية غير موالية لحفتر، ما دفعوإن كانت عقيدة الجيش الجزائري واضحة في رفض المشاركة العسكرية خارج الحدود، فإن الجزائر ستركز أكثر على الدعم السياسي لحكومة السراج، يؤكد الصديقي، وإن لم تساند التدخل العسكري التركي علانية، فهي لن تعارضه.
وتتفق تقارير أخرى مع هذا الطرح، بل إنه من المحتمل أن يكون أردوغان قد تواصل مع الجزائر، نتيجة علاقاتها القوية معها، قبل أن يعلن مشروعه إرسال قوات إلى ليبيا، حسب ذات المصدر.
وبالنسبة للمغرب،يرى الصديقي أن الدعم المغربي للسراج سيتواصل، وقد يصل حد الدعم المادي واللوجيستي، لكن الرباط ستزيد من حذرها: “أولا لأن أيّ انخراط مغربي غير محسوب قد يسببّ رد فعل من الجزائر التي ترى في ليبيا إحدى حدائقها الخلفية، وبالتالي فأيّ وجود عسكري مغربي في ليبيا لدعم الخطط التركية، ستراه الجزائر موجهًا ضدها. وثانيًا لأن الرباط تدرك أن الملف الليبي معقد وأن الأزمة مرشحة للاستمرار سنوات أخرى، وبالتالي فالوضع لا يحتمل أيّ مخاطرة”.
وبالرغم من التوافق النظري بين الجزائر وتركيا على دعم حكومة الوفاق، إلا أن ظهور فكرة إرسال قوات تركية إلى ليبيا يصطدم عند الجزائريين بهواجس التدخلات الأجنبية المرفوضة من حيث المبدأ في الجزائر.
وتستبعد النائبة في البرلمان الجزائري، أميرة سليم، تماما أي تحالف عسكري مستقبلي بين الجزائر وتركيا وتونس لدعم حكومة الوفاق الوطني، لأن ذلك يتناقض مع الدستور وعقيدة الجيش الجزائري.
واعتبر مراقبون أن الزيارتين المفاجئتين اللتين قاما بهما، الأحد، رئيس حكومة الوفاق ووزير الخارجية التركي يمكن تفسيرهما بأنهما دليل على فشل السراج وأردوغان في توريط الجزائر بالأزمة الليبية، والإنسياق وراء المخطط التركي المشبوه في المنطقة.
والأحد الماضي، أكدت الجزائر وألمانيا رفضهما التدخلات العسكرية الأجنبية في ليبيا، ودعتا إلى “الوقف الفوري للنزاع المسلح ووضع حد للتدخلات العسكرية الأجنبية فيها”، وذلك خلال مكالمة هاتفية بين الرئيس الجزائري والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
وفي سياق متصل، وبينما استقبل وزير الشؤون الخارجية صبري بوقادوم كلاً من السراج ثم أوغلو لاحقاً، أعلنت الجزائر عما يشبه مبادرة دولية للوضع في ليبيا، إذ كشفت عن محادثات هاتفية أجراها بوقادوم مع كل من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وكذلك مع نظرائه المصري سامح شكري، والإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، والفرنسي جون إيف لودريان، والمالي تييبيلي درامي، والنيجري كالا أونكوراو، والتشادي محمد زين شريف.
يذكر في هذا الصدد أن أحكام المادة 29 من الدستوري الجزائري تنص على أنه “تمتنع الجزائر عن اللجوء إلى الحرب من أجل المساس بالسيادة المشروعة للشعوب الأخرى وحريتها. وتبذل جهدها لتسوية الخلافات الدولية بالوسائل السلمية”.